آخر الأخبار

بالتزامن مع مسار المفاوضات.. إيران تحصّن أنفاقها النووية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

المفاوضات النووية مع إيران.. تفاؤل بوجه العقبات والتحديات

في الوقت الذي تسعى فيه إيران لتقديم نفسها كطرف منفتح على الحوار مع واشنطن بشأن ملفها النووي، تتكشف حقائق أكثر صلابة من التصريحات الدبلوماسية.

وبينما يواصل المفاوضون الإيرانيون جولتهم بين موسكو وبكين، وتُرجأ جولة مفاوضات مرتقبة مع الولايات المتحدة، تظهر صور الأقمار الاصطناعية مستجدات ميدانية لا تقل أهمية: أنفاق نووية محصنة، محفورة بعمق في قلب الجبال الإيرانية، يجري تعزيزها واستكمالها تحسبا لهجوم محتمل.

ووفق تقرير صدر عن معهد العلوم والأمن الدولي، فإن طهران زادت بشكل ملحوظ من تحصين بنيتها التحتية النووية عبر تطوير مجمعي أنفاق يُعتقد أنهما متصلان مباشرة بمنشآت التخصيب الرئيسة.

هذا النشاط يواكب تصعيدا غير معلن في النبرة الإيرانية، وسط تهديدات أميركية وإسرائيلية متكررة بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري.

لكن ما الذي يدفع إيران إلى هذا المسار، رغم حديثها المتكرر عن "مفاوضات إيجابية"، وهل تتحرك طهران وفق رؤية دبلوماسية واقعية، أم أنها تمهّد لمرحلة جديدة من المواجهة المدروسة؟

تحصينات ما تحت الأرض... ورسائل فوق الطاولة

تكتيك الحفر والتخزين في باطن الأرض ليس جديدا في العقيدة الدفاعية الإيرانية، لكنه اليوم يشهد تصعيدا نوعيا، بحسب خبراء عسكريين.

فوفق التقرير المشار إليه أعلاه، فإن هذه الأنفاق ليست مجرد ملاجئ، بل منشآت متكاملة تحت الأرض، مصممة لاحتواء معدات الطرد المركزي ومواد التخصيب العالية.

ويرى موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية في "سكاي نيوز عربية"، في هذا التحرك الإيراني محاولة واضحة لـ"تعزيز الردع في وجه التهديدات العسكرية المتصاعدة، لا سيما في ظل التباطؤ الروسي في تزويد إيران بأنظمة دفاع جوي متطورة".

وقال حرب في مقابلة ضمن برنامج "التاسعة"، إن إيران "تسعى لمنح العالم صورة مزدوجة: دبلوماسية نشطة، لكنها مدعومة باستعدادات ميدانية تحاكي سيناريو الحرب".

وأضاف: "روسيا والصين لن تدخلا في مواجهة عسكرية لصالح طهران، حتى وإن كانت الشراكة السياسية والاقتصادية قائمة. في النهاية، إيران وحدها في ساحة المعركة المحتملة، وهي تعرف ذلك جيدا".

مفاوضات بنكهة الضغط... وعقوبات على الطاولة

تأجيل الجولة القادمة من المحادثات بين واشنطن وطهران أعاد المشهد إلى ضبابيته المعتادة، لا سيما في ظل فرض الإدارة الأميركية عقوبات جديدة طالت قطاع الطاقة الإيراني.

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، وصف الخطوة بأنها "دليل إضافي على انعدام حسن النية الأميركية"، فيما اعتبرت طهران أن واشنطن تواصل استخدام الاقتصاد كسلاح سياسي.

وفي هذا السياق، حذّر حرب من التسرّع في تفسير العقوبات باعتبارها مجرد ورقة ضغط، وقال: "إدارة ترامب لا تزال ترى في الاتفاق هدفا ممكنا، لكنها تضع شروطا واضحة، على رأسها وقف التخصيب بنسبة 60 بالمئة، ودعوة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الدخول الفوري إلى المنشآت. هذه مطالب يُفترض أن تقابل بخطوات بناء ثقة، وإلا فإن البديل هو التصعيد".

ويرى حرب أن الرئيس ترامب شخصيا لا يزال "الصديق الوحيد المتبقي لطهران في الإدارة الأميركية"، لكنه لن يقبل باتفاق يُنظر إليه داخليا على أنه "تنازل بلا ضمانات".

ويوضح حرب أن "البيت الأبيض ينتظر مبادرة إيرانية قبل نهاية الشهر الجاري، وإلا فإن كفة الضغوط ستترجح، وقد تذهب إلى مدى أبعد من العقوبات".

بين موسكو وبكين... ورهانات على دعم هش

الزيارات الإيرانية إلى روسيا والصين، والتي شملت لقاءات مع كبار المسؤولين، لا تبدو كافية لطمأنة الداخل الإيراني، ولا لردع أي هجوم خارجي.

فبحسب حرب، فإن الدعم الروسي-الصيني يبقى "محدودا بحدود المصالح، دون التورط في أي صراع مباشر. أما في الملف النووي، فإن طهران تجد نفسها وحيدة في مواجهة الضغوط الأميركية، فموسكو لم تزودها بأنظمة إس 400، والصين تنظر إلى المنطقة كسوق لا كساحة صراع".

هذه النظرة الواقعية تقوّض رهان إيران على دور روسي-صيني ضامن في أي اتفاق جديد، وتجعل من الولايات المتحدة الطرف الحاسم في تحديد مستقبل الملف النووي الإيراني.

استراتيجية "الازدواجية المعلنة"

تعيش إيران اليوم على خيط رفيع بين الحرب والسلام، فهي تسوّق لدبلوماسية نشطة، لكنها تبني تحت الأرض ما لا تقوله فوقها.

وفي الوقت نفسه، تنتظر أن تقرأ واشنطن هذه الإشارات كدليل على الاستعداد لا التهديد، في حين قد تراها إدارة ترامب على أنها تعبير عن مراوغة استراتيجية.

وحول ذلك يقول حرب: "الازدواجية في الخطاب والسلوك قد تكون مفهومة في علم التفاوض، لكنها أيضا سلاح ذو حدين. على إيران أن تفهم أن الوقت ليس في صالحها، وأن أي مماطلة في تقديم تنازلات جوهرية قد تسرّع من لحظة الانفجار".

وفي ظل عدم وضوح مستقبل المفاوضات، يظل سؤال اللحظة: هل تنجح إيران في تحويل دفاعها الصلب إلى مكسب دبلوماسي، أم أن أنفاقها الجديدة ستُقرأ في واشنطن وتل أبيب كجرس إنذار مبكر لحرب وشيكة؟

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا