آخر الأخبار

العراق وسوريا: بعد لقاء السوداني والشرع، ماهي دلالات ذلك بالنسبة للبلدين؟

شارك
مصدر الصورة

أظهرت صورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي جانباً من الاجتماع، الذي جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برئيس المرحلة الانتقالية السوري أحمد الشرع، بحضور أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في العاصمة القطرية الدوحة.

وتُشير المعلومات إلى أن الزيارة كان يفترض أن تبقى غير معلنة في هذه المرحلة، في ظل وجود أطراف سياسية، وفصائل مسلحة داخل العراق، تعارض تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، بسبب اتهامات سابقة للشرع بالتورط في استهداف عراقيين، عقب سقوط النظام العراقي عام 2003.

الزيارة وبحسب مصدر مطلع تحدث لبي بي سي، "جرت يوم الثلاثاء الماضي، وكانت زيارة سريعة لم يتم الإعلان عنها، وتمت خلال وجود الشرع في الدوحة".

وقال مصدر سياسي مطّلع ومقرّب من الحكومة العراقية لبي بي سي إن السبب وراء إبقاء زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الدوحة طي الكتمان، هو أن الحكومة لم تُصارح بعض حلفائها بهذه الخطوة، وأن الزيارة جاءت كمحاولة "لجسّ نبض" رئيس الحكومة السورية الانتقالية الجديدة، أحمد الشرع.

وأضاف المصدر أن بعض حلفاء رئيس الوزراء ما زالوا يعارضون فتح قنوات تواصل مباشرة مع الشرع، في ظل وجود شريحة واسعة من العراقيين، تعتبره شخصية مثيرة للجدل، وتحمّله مسؤولية المشاركة في أعمال قتل ضد العراقيين، بعد عام 2003. لذلك، حاول السوداني تهيئة الأجواء السياسية، قبل الإعلان عن أي تطور في العلاقة بين البلدين.

وأشار المصدر إلى أن تسريب صورة اللقاء، والتي انتشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وضع الحكومة العراقية في موقف محرج، لا سيما وأنها حتى اللحظة لم تصدر أي بيان رسمي بشأن الزيارة، على عكس ما قامت به كل من قطر وسوريا، اللتين أعلنتا بشكل رسمي عن تفاصيل اللقاء.

ولكن ماهي دلالات الزيارة وتوقيتها الذي يسبق موعد انعقاد القمة العربية في العراق شهر مايو / أيار القادم.

قال حسين علاوي مستشار رئيس الوزراء العراقي لبي بي سي، إن هذا اللقاء جاء بعد مناشدات متعددة من دولة قطر لحدوث تطبيع في العلاقات بين سوريا والعراق، ورغبة جامحة من قبل سوريا نحو ذلك التطبيع، مبينا أن العراق استجاب لهذه الدعوات وهذا ما كان واضحا في الصورة التي نشرت.

وأضاف علاوي أن المسار السياسي للعراق يأتي في إطار دعوته للقمة العربية وتحركات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لإعطاء العلاقات العربية - العربية زخما كبيرا واستقرارا ينعكس إيجابا على العراق وعلى الأمن الإقليمي والاقتصاد والتنمية.

علاوي لفت إلى أن هناك حاجة سورية ملحة للتطبيع مع العراق من حيث الأمن والطاقة، وأن رئيس الحكومة العراقية عمل على إعادة العراق إلى لعب الدور الأكبر في المنطقة في تجاوز أي خلافات ومناكفات سياسية والابتعاد عن تقليب صفحات الماضي، والمضي قدما بتوجهات دبلوماسية جديدة ابتكرت سياق ترتيب العلاقة مع الجيران، خصوصا وأن القمة العربية التي ستعقد في العاصمة بغداد تحتاج إلى مبادرات، للاستقرار الإقليمي والتنمية والحوار الإقليمي.

اللقاء الذي جمع الشرع بالسوداني في الدوحة جاء، بعد يوم من إعلان الأخير، خلال استضافته في جلسة حوارية على هامش انعقاد ملتقى السليمانية، أن "الرئيس السوري مرحب به بحضور القمة العربية في بغداد، وأن الدعوة وجهت له رسميا بهذا الصدد".

وكانت العلاقات بين العراق وسوريا قد شهدت توتراً سياسياً حاداً خلال حكم حزب البعث في كلا البلدين، رغم تشابه النظامين الأيديولوجي، بسبب الانقسام داخل الحزب بين جناحَي بغداد ودمشق. وتصاعدت الخلافات خلال ثمانينات القرن الماضي، خصوصاً في ظل دعم سوريا لإيران خلال حرب الخليج الأولى (1980–1988)، ما أدى إلى قطيعة دبلوماسية استمرت لسنوات.

وبعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، اتهمت حكومات عراقية متعاقبة دمشق بإيواء قيادات بعثية متورطة بتمويل ودعم التمرد المسلح داخل العراق، ما زاد من تعقيد العلاقة بين البلدين، ومع ذلك، شهدت العلاقات نوعاً من التحسن في فترات لاحقة، لا سيما في ظل مواجهة مشتركة لتنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، وقيام عدد من الفصائل المسلحة العراقية بعد الثورة السورية عام 2011 بالقتال إلى جانب نظام الأسد في سوريا.

وفي ظل التطورات الإقليمية المتسارعة والحصار المفروض على سوريا، تبرز مساعٍ عربية لتعزيز الحوار وتضييق الهوة بين العراق وسوريا.

وفي هذا الجانب يقول حسين علاوي إن قطر وسوريا تدركان أهمية أن يكون العراق متصالحا مع جيرانه وخاصة سوريا وهذا يعكس حجم التأثير العراقي وهذه القيادة في المنطقة في إيصال رسالة أن استقرار سوريا التام لا يتم إلا بمباركة عراقية له، وهو مؤشر على تنامي دور العراق كدولة فاعلة، إضافة لذلك هنالك خطوات عديدة قامت بها الحكومة السورية من أجل إعادة العلاقات العراقية -السورية، لما تراه من أهمية استراتيجية لها من جهة ومن جهة أخرى لكبر حجم المصالح المتبادلة بين الشعبيين من جهة أخرى.

وأكد مستشار رئيس الوزراء أن السوداني ملتزم بالمصالح الوطنية العليا للبلاد وفقا لاستراتيجية العراق أولا، وهو ينظر الآن إلى ضرورة متابعة جهود العراق في النظر إلى آمال الشعب السوري، والحفاظ على مستوى استراتيجي من الاتصال بالقيادة السورية، بما يحقق الغاية في ذلك من أن تكون هنالك عملية سياسية جامعة، لكل مكونات الشعب السوري.

مصالح مشتركة تجمع البلدين

مصدر الصورة

قال علاوي إن العراق يمتلك مصالح استراتيجية مشتركة مع سوريا، لاشتراك البلدين بحدود طويلة، ووجودهما ضمن الحملة الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى اهتمامهما بالعتبات المقدسة وحمايتها والمنافذ التجارية وجالية البلدين، كما أن نهر الفرات يمر في أراضي سوريا والعراق. هذا علاوة على التجارة البينية والشراكة مع القطاع الخاص، والشركات العراقية، ومكافحة عبور المخدرات، والاتجار بالبشر، والتعاون، وتبادل المعلومات الأمنية إلى غير ذلك من القواسم المشتركة.

ويتابع علاوي أن كل ذلك يعد من الدوافع المهمة للزيارة، واللقاء الثلاثي، بحضور أمير قطر في اللقاء، والعمل على تشجيع القيادة السورية على تمثيل كل المكونات الاجتماعية داخل سوريا، ورعاية المصالح المشتركة بين العراق وسوريا.

ويلفت علاوي إلى أن اللقاء أظهر شخصية رئيس الوزراء العراقي التصالحية، وأن العراق يمارس من خلال ذلك دور الأخ الأكبر والداعم للاستقرار الإقليمي، وهذا جزء أساسي من دور العراق الإقليمي في المنطقة.

ولم يخف مستشار رئيس الوزراء أن جهات قد تقف أمام هذا المسار، لكنه أوضح أن هذا النهج الاستراتيجي الذي ينهجه العراق مبني على رؤية دبلوماسية وطنية عراقية مدروسة، وتفكير وتتطلع نحو المستقبل.

وأثار اللقاء بين السوداني والشرع في الدوحة جدلًا بين العراقيين، حيث تباينت الآراء بين مؤيد ومنتقد، ويرى مراقبون تحدثوا لبي لبي سي أن هناك ضغوطا داخلية وإقليمية، كانت تعيق إعادة علاقات حقيقية مع الحكومة الجديدة في دمشق، الأمر الذي تجاوزته الحكومة العراقية لغاية الآن، وقد تشهد الأيام المقبلة انتقادات من شركاء الحكومة، موجهة إلى رئيس الوزراء العراقي.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا