( CNN ) -- شهدت الأسواق العالمية انخفاضا حادا، الاثنين، مما أدى إلى تفاقم التراجع القوي الذي شهدته أسواق الأسهم العالمية نتيجة الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورد الصين القوي على الرسوم الجمركية المرتفعة غير المتوقعة.
وافتتح مؤشر "داكس" الألماني على انخفاض قدره 9%، بينما هبط مؤشر "فوتسي" في لندن بنحو 5%. وكانت الأسواق الأوروبية بشكل عام أفضل حالا من الأسواق الآسيوية في التعاملات المبكرة. وأغلق مؤشر "نيكاي" 225 القياسي الياباني على تراجع قدره 7.9%، بينما أغلق مؤشر "توبكس" الأوسع نطاقا على انخفاض بنسبة 7.7%. وتراجع سهم شركة "سوني" العملاقة للتكنولوجيا بأكثر من 10%.
وفي البر الرئيسي للصين، حيث أُعيد فتح الأسواق بعد عطلة رسمية، أغلق مؤشر شنغهاي على تراجع بأكثر من 7%. كما فقد مؤشر CSI300 للأسهم القيادية حوالي 7%. وفي هونغ كونغ، هوى مؤشر "هانغ سنغ" القياسي بنسبة أقل قليلا من 12%. وهبطت أسهم عملاقي التكنولوجيا الصينيين، "علي بابا" و"تينسنت"، بأكثر من 14% و10% على التوالي.
وفي مذكرة بحثية، كتبت ديلين وو، الخبيرة الاستراتيجية في شركة Pepperstone : "وجه قرار واشنطن الصادم بفرض رسوم جمركية بنسبة 34% على السلع الصينية ضربة مباشرة لقطاعات التصدير الأساسية، مثل أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية، وهو ما أدى إلى إعادة تسعير حادة وواسعة النطاق بالأسواق الآسيوية".
وارتفعت أحجام التداول في هونغ كونغ بشكل كبير، الاثنين، وهو ما وصفته ديلين وو بأنه "مؤشر واضح على عمليات تصفية إجبارية واسعة النطاق، وما يمكن وصفه فقط بأنه حالة من الذعر شامل".
واقتفت الأسواق الآسيوية بأسوأ يومين لأسهم وول ستريت منذ 5 سنوات. وانخفضت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، مساء الأحد، بعد جلستين من عمليات البيع المكثفة التي محت أكثر من 5.4 تريليون دولار من القيمة السوقية.
وتراجعت الأسهم الأمريكية بشكل حاد، الجمعة، بعد أن ردت الصين بشراسة، بفرضها رسوما جمركية بنسبة 34% على جميع السلع الأمريكية، مما أثار المخاوف من تصاعد الحرب التجارية المدمرة، التي يغذيها التوتر التجاري المستمر بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأكدت صحيفة "الشعب" اليومية، الناطقة الرسمية باسم الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في تعليق، الأحد، أن البلاد تتمتع "بقدرة قوية على تحمل الضغط" في مواجهة "التنمر الأمريكي بشأن الرسوم الجمركية".
وقالت الصحيفة: "في مواجهة ضربات الرسوم الجمركية الأمريكية المتهورة، نعرف تماما ما نتعامل معه، ولدينا الكثير من الإجراءات المضادة المتاحة، وبعد 8 سنوات من الحرب التجارية مع أمريكا، راكمنا خبرة واسعة في هذا الصراع".
وكان انتقام الصين الأسبوع الماضي على الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية الأمريكية أكثر شمولا من إجراءاتها التبادلية السابقة، وشكل تصعيدا كبيرا في ردها، مما أثار اضطرابات واسعة النطاق في السوق.
وأغلق مؤشر " Taiex " التايواني على هبوط بنسبة 9.7%، الاثنين. وتوقفت عن التداول جميع الأسهم التايوانية تقريبا، بما في ذلك شركتا TSMC و Foxconn ، وهما من أشهر مراكز التصدير في الجزيرة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء المركزية التايوانية. وانخفضت أسهم كل من TSMC و Foxconn بنحو 10%.
وواصلت أسعار النفط تراجعها، الاثنين، بعد الخسائر التي تكبدتها الأسبوع الماضي. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي، بأكثر من 2.4%، وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس القياسي الأمريكي، 2.5%.
وفي أستراليا، أغلق مؤشر ASX 200 القياسي على تراجع بنسبة 4.2%، بينما أغلق مؤشر NZX 50 النيوزيلندي - أول المؤشرات التي أنهت تعاملاتها في المنطقة، الاثنين، على انخفاض بقيمة 3.7%. وأغلق مؤشر " Kospi " الكوري الجنوبي على تراجع بنسبة 5.6%. وهبطت أسهم شركة سامسونغ، الرائدة بمجال التكنولوجيا في البلاد ومحرك النمو الرئيسي، بأكثر من 5%.
حتى أن الذهب يتعرض لعمليات بيع مكثفة. رغم اعتباره من الناحية التقليدية ملاذا ماليا أكثر أمانا، وهبط سعر الذهب بأكثر من 4% ليصل إلى حوالي 3030 دولارا للأونصة منذ الخميس.
ترامب يتجاهل المخاوف
من المتوقع أن تفتتح الأسهم الأمريكية تعاملات، الاثنين، على انخفاض حاد، مما يضع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" على شفا سوق هبوطية - بانخفاض قدره 20% عن ذروته، وهو مؤشر ينذر بالسوء للمستثمرين وربما للاقتصاد بشكل أوسع.
وقال بيل أكمان، الملياردير والرئيس التنفيذي لشركة بيرشينج سكوير للاستثمار، إن ترامب "يفقد ثقة قادة الأعمال حول العالم"، وناشده بأن يعلن مهلة توقف عن العمل، الاثنين، لتجنب "حرب اقتصادية نووية"، حسب قوله.
وقال أكمان في تدوينة على منصة "إكس": "من خلال فرض رسوم جمركية ضخمة وغير متناسبة على أصدقائنا وأعدائنا على حد سواء، وبالتالي شن حرب اقتصادية عالمية ضد العالم بأسره في آن واحد، فإننا بصدد تدمير الثقة في بلدنا كشريك تجاري، ومكان لممارسة الأعمال، وسوق لاستثمار رؤوس المال".
وقال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، مساء الأحد، إنه لم يتسبب عمدا في انهيار الأسواق ، لكنه رفض التنبؤ بكيفية تداول الأسهم في المستقبل، مما زاد من مخاوف المستثمرين.
وأضاف ترامب: "ماذا سيحدث للأسواق؟ لا أستطيع الجزم بذلك. لكن يمكنني أن أؤكد لكم أن بلدنا أصبح أقوى بكثير، وفي النهاية سيصبح بلدا لا مثيل له".
وأوضح الرئيس الأمريكي، الذي كثيرا ما صوره نفسه كصانع صفقات، ما يلزم للتوصل إلى اتفاق مع الصين بشأن الرسوم الجمركية. وقال: "أنا مستعد للتعامل مع الصين، لكن عليهم حل مشكلة الفائض لديهم، نحن نعاني من مشكلة عجز هائلة مع الصين".
وفي العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة سلعا بقيمة 438.9 مليار دولار من الصين وصدرت إليها بضائع بقيمة 143.5 مليار دولار، وفقا لمكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة.
وقال الرئيس ترامب أيضا إنه يريد حل مشكلة العجز مع الاتحاد الأوروبي وإنهم إن كانوا منفتحين على ذلك، فهو مستعد للنقاش. وأوضح ترامب أنه تلقى اتصالات بشأن الرسوم الجمركية من مديرين تنفيذيين في قطاع التكنولوجيا وقادة عالميين خلال عطلة نهاية الأسبوع.