آخر الأخبار

رهان أردوغان على ترامب.. هل يعيد رسم العلاقات مع أميركا؟

شارك
واشنطن وأنقرة.. محاولة إعادة مياه العلاقات إلى مجاريها

تشهد العلاقات التركية الأميركية حالة من إعادة التموضع في ظل التطورات الإقليمية والدولية، حيث تسعى أنقرة إلى استثمار الفرص السياسية التي وفرتها عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.

في المقابل، تواجه واشنطن معضلة إعادة ضبط سياساتها في الشرق الأوسط، خاصة في الملف السوري، وسط تعقيدات تتعلق بروسيا وإيران وإسرائيل.

زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى واشنطن ولقاؤه بنظيره الأميركي تعكسان محاولة جديدة لكسر الجمود الدبلوماسي بين البلدين. لكن هل تكفي هذه التحركات لحل القضايا العالقة، أم أن الرهانات التركية على ترامب ستظل محكومة بحسابات معقدة؟.

شراكة معقدة أم تحالف متجدد؟

لطالما كانت العلاقة بين تركيا و الولايات المتحدة قائمة على التوازن بين التعاون والصدام، حيث يتشابك النفوذ الإقليمي لكل منهما في ملفات حساسة، أبرزها الملف السوري.

يرى أستاذ العلاقات الدولية، سمير صالحة، خلال حديثه غلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن العلاقة بين البلدين تمتد لعقود طويلة وتشمل أبعادًا أمنية وسياسية واقتصادية، لكنه يؤكد أن "الملفات العالقة بين الطرفين ليست بسيطة، بل تحمل أبعادا إقليمية ودولية متشابكة، وهناك دائما لاعبون آخرون يسعون للتأثير على مسار هذه العلاقة".

الملف السوري يظل العقدة الأساسية، حيث تتباين المصالح الأميركية والتركية في التعامل مع الأكراد، ومستقبل سوريا، والدور الإيراني والروسي في المنطقة.

كما أن التوترات بين تركيا وإسرائيل تضيف مزيدا من التعقيد، حيث تعتبر تل أبيب أن أنقرة توسع نفوذها في الشمال السوري بما لا يتماشى مع المصالح الإسرائيلية.

رهان أردوغان على ترامب.. فرصة جديدة أم مغامرة؟

يبدو أن أنقرة تراهن على تواجد دونالد ترامب لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية. ويؤكد الدبلوماسي الأميركي السابق، لينكولن بلومفيلد، أن "ترامب، بصفته رجل أعمال، له علاقات خاصة مع الأتراك، وهو ما قد يسهل تحقيق نتائج إيجابية إذا عاد إلى السلطة".

ويضيف: "لكن علينا أن ندرك أن المشهد السياسي في واشنطن قد تغير كثيرا، ولم يعد من السهل التنبؤ بمآلات هذه العلاقات".

إدارة ترامب، خلال ولايته السابقة، كانت أقل حدة في التعامل مع أنقرة مقارنة ب إدارة بايدن، حيث حافظ ترامب على علاقات شخصية جيدة مع أردوغان، رغم الخلافات حول شراء تركيا ل منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 والعقوبات الأميركية على أنقرة بسبب هذا الملف.

يشير صالحة إلى أن "الموقف الأميركي من تركيا لن يتغير بشكل جذري بمجرد تغيير الإدارة، لأن هناك ملفات حساسة تحكم العلاقة، مثل التوازنات في سوريا، والعلاقات مع الناتو، والتوتر مع روسيا".

سوريا.. ساحة المواجهة الدائمة

الملف السوري يشكل أحد أعقد نقاط الخلاف بين البلدين، حيث تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها شمال سوريا، بينما تبقي واشنطن على دعمها للأكراد، مما يخلق تصادمًا مباشرًا في المصالح.

يرى صالحة أن " إسرائيل تسعى لإقناع الولايات المتحدة بالإبقاء على النفوذ الروسي في سوريا لموازنة النفوذ التركي"، لكنه يؤكد أن "أنقرة لن تقبل بمعادلة إسرائيلية تحاول فرض واقع جديد على الأرض".

أما بلومفيلد، فيشير إلى أن "السياسة الأميركية تجاه سوريا مرتبطة بملفات أكبر، تشمل العلاقات مع روسيا و إيران، وكذلك العلاقة مع إسرائيل، التي تريد ضمان بقاء التوازنات لصالحها في جنوب سوريا".

ويضيف: "إدارة ترامب السابقة كانت أكثر براغماتية في التعامل مع الملف السوري، حيث اتخذت قرارات مفاجئة مثل الانسحاب الجزئي للقوات الأميركية من بعض المناطق، وهو ما قد يتكرر إذا عاد ترامب للسلطة".

إلى جانب سوريا، تبقى إيران عاملا رئيسيا في الحسابات الأميركية التركية. يقول بلومفيلد: "ترامب يعتبر إيران عنصرا أساسيا لعدم الاستقرار في المنطقة، وواشنطن تدرك أن تركيا، رغم علاقاتها المعقدة مع طهران، تلعب دورًا في ضبط التوازن الإقليمي".

ويضيف: "الرسالة التي توجهها واشنطن إلى أنقرة واضحة: إذا أرادت تركيا تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، فعليها إعادة النظر في تحالفاتها مع إيران، خاصة فيما يتعلق بالدعم الإيراني لحماس وحزب الله وتأثيره على أمن إسرائيل".

الاقتصاد والصفقات العسكرية

إلى جانب التحديات الأمنية والسياسية، تلعب المصالح الاقتصادية والعسكرية دورا رئيسيًا في العلاقة بين أنقرة وواشنطن.

يؤكد صالحة أن "المسألة لم تعد مجرد خلافات سياسية، بل أصبحت مسألة مقايضات، حيث تناقش تركيا وواشنطن ما يمكن أن يقدمه كل طرف للآخر".

ملف الطائرات المقاتلة F-35 وصواريخ S-400 الروسية يمثل أحد أبرز الملفات العالقة. يقول بلومفيلد: "تركيا تسعى إلى رفع العقوبات الأميركية التي فرضت عليها بسبب شرائها لمنظومة S-400، وفي الوقت ذاته ترغب في العودة إلى برنامج F-35".

ويضيف: "هناك مؤشرات على أن أنقرة قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات في هذا الملف، لكن ذلك سيكون جزءا من صفقة أكبر تشمل قضايا أخرى مثل العلاقات مع إسرائيل والدور التركي في سوريا".

أما على المستوى الاقتصادي، فإن العجز التجاري بين البلدين ومسألة التعريفات الجمركية لا تزال تشكل نقطة نقاش رئيسية.

ويشير بلومفيلد إلى أن "ترامب، يركز بشدة على تحسين شروط التجارة مع الدول الحليفة، والدفع باتجاه اتفاقيات جديدة مع أنقرة لخدمة مصالح الطرفين".

هل تنجح تركيا في إعادة تشكيل العلاقة مع واشنطن؟

بين الملفات الأمنية، والمصالح الاقتصادية، وتغيرات المشهد السياسي الأميركي، تبدو العلاقات التركية الأميركية مقبلة على مرحلة مفصلية. يرى صالحة أن "أي تفاهم جديد بين أنقرة وواشنطن لن يكون سهلًا، بل سيعتمد على مبدأ المقايضات والمصالح المتبادلة".

أما بلومفيلد، فيرى أن "تواجد ترامب قد يوفر فرصة جديدة لأردوغان، لكن ذلك لا يعني أن كل المشكلات ستُحل تلقائيًا. السياسة الأميركية أصبحت أكثر تعقيدًا، وهناك عوامل كثيرة تلعب دورًا في تحديد اتجاه العلاقات مع تركيا".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا