وصفت صحيفة هآرتس الواقع الحالي في إسرائيل بأنه مقلوب وغارق في العبثية، من تنظيم مؤتمر يضم ممثلين من اليمين المتطرف لمواجهة معاداة السامية ، إلى استئناف الحرب في غزة وسط تجاهل للدمار والضحايا الأبرياء، كأن السياسات الإسرائيلية تسير في اتجاه معاكس للبديهيات الإنسانية والمنطق السياسي.
واستغربت الصحيفة -في تحليل بقلم الكاتبة كارولينا لاندسمان- أن يدعو وزير شؤون الشتات عميحاي شيكلي ممثلين عن أحزاب اليمين المتطرف من جميع أنحاء العالم لمؤتمر لمكافحة معاداة السامية، مما أثار استياء واسعا وجعل شخصيات بارزة مثل الحاخام الأكبر في بريطانيا والرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير يستنكفون عن الحضور ويقاطعون المؤتمر.
والأغرب -حسب الصحيفة- هو أن العدو الحقيقي بدا أنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، لأنه تجرأ أن يكتب على منصة إكس أنه "مصدوم من الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة"، ليرد عليه متحدث باسم وزارة الخارجية بالقول "نحن نشعر بالصدمة لأنك يا أنطونيو غوتيريش أنت الأمين العام للأمم المتحدة".
ورأت الكاتبة أن استئناف الحرب جاء تجسيدا للعبثية، إذ انتهكت إسرائيل علنا اتفاق تحرير المحتجزين، لتستأنف الحرب، ظاهريا لتحريرهم، مع أن ذلك سيكلفهم حياتهم كما لا ينكر الجيش، خاصة أن نحو 40 محتجزا إسرائيليا لقوا حتفهم في غزة قبل أن "تفتح إسرائيل أبواب الجحيم".
وذكرت الكاتبة أن وزير الدفاع يسرائيل كاتس ، الذي كان تعيينه -حسب الصحيفة- مثالا آخر على العبث، هدد قائلا "إذا لم يُفرج عن جميع الرهائن الإسرائيليين ولم تطرد (حركة المقاومة الإسلامية) حماس من غزة، ستتصرف إسرائيل بعنف لم تشهدوه من قبل"، وهو ما ترجمته الصحيفة بأنه يعني "إذا لم يُفرج عن جميع الرهائن الإسرائيليين فستقتلهم إسرائيل".
وأخيرا، رأت الصحيفة في مقتل النساء والأطفال والرضع كل اللامبالاة تجاه حجم الموت والدمار في غزة خلال الحرب، إذ صنف كاتس المدنيين في غزة كأهداف، وقال يخاطبهم مباشرة "يا سكان غزة، ما سيأتي بعد ذلك سيكون أسوأ بكثير، وستدفعون الثمن كاملا".
وشرحت الصحيفة ذلك بأنه يعني "أعيدوا الرهائن وأطيحوا بحماس، وعندئذ ستُفتح أمامكم خيارات أخرى، بما فيها الرحيل إلى أي مكان آخر في العالم لمن يرغب، وإلا فالبديل هو الدمار الشامل".
وفي واقعٍ غير مقلوب -كما تتصوره الصحيفة- لن يشمل مؤتمر لمكافحة معاداة السامية اليمين المتطرف، وسينادي المناضلون من أجل الديمقراطية الليبرالية بإنهاء الحرب ويصرخون "كفى" لقتل الأبرياء، وستتوقف الحكومة عن إقالة حراس البوابة، وتبدأ في إقالة نفسها.
وبناء على ذلك، فإن نهاية عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هي الشرط الضروري لإعادة ضبط الضمير الإسرائيلي، ولكن حتى ذلك الحين علينا أن نتعامل مع السخافة التي تحيط بنا كضوء أحمر وامض.