آخر الأخبار

لاكروا: شهادة استثنائية لغزّي عائد إلى بيته

شارك الخبر

اضطر الشاب مصعب ناصر -الذي كان مساعدا تنفيذيا قبل الحرب- مثل العديد من سكان مدينة غزة إلى ترك منزله والنزوح جنوبا مع عائلته للاستقرار في مخيم مؤقت بدير البلح، وعند وقف إطلاق النار قام برحلة ذهابا وإيابا لمدة 24 ساعة لمعرفة ما يمكن إنقاذه من حياته القديمة.

وفي تقرير بقلم جان بابتيست فرانسوا حكى مصعب قصته لصحيفة لاكروا قائلا إنه خرج يوم الأربعاء 29 يناير/كانون الثاني عند الفجر ومعه زجاجة ماء صغيرة دون أن تكون لديه فكرة عما ينتظره، وهو يفكر كيف سيقطع المسافة سيرا على الأقدام، لأن 16 كيلومترا التي تفصل المخيم في دير البلح عن مدينة غزة -حيث كان يعيش قبل قصف الجيش الإسرائيلي لها- ليست بالهينة.

في السابق كان الأمر يستغرق نصف ساعة بالسيارة كما يروي مصعب، والآن نتقدم مترا بعد متر على هذا الطريق المليء بالحفر والأنقاض، متجنبين الأماكن الخطيرة التي تظهر عليها آثار القصف، ناهيك عن السيارات المحترقة وأعمدة الكهرباء المنهارة والأشجار المقتلعة.

أبحث عن صور عائلية

"من الصعب التعرف على أي شيء، لم أتعرف على المكان الذي كنت أعمل فيه، وهو مؤسسة مياه البلديات الساحلية الذي تم تدميرها بالكامل، فكل شيء مدمر كما لو أن المنطقة تعرضت لإعصار، تمكنت من تحديد مسجد الشيخ عجلين الذي كنت أصلي فيه، جلست لأستريح هناك بجانب المئذنة المائلة الشاهد الأخير على هذا المكان المليء برائحة الموت والدمار".

إعلان

وأخيرا، وصل مصعب إلى حي تل الهوى "رأيت ما لا يمكن قوله، هذا المستشفى الذي ولدت فيه ابنتي الأولى لم يبق منه سوى هيكل أسود، والمدرسة التي درست فيها أصبحت كومة من الطوب، والسوق الذي كان صاخبا يضج بالحياة أصبح صحراء خرسانية".

"أنا أقترب من منزلي -كما يقول مصعب- لم يعد هناك أي أثر لملعب كرة القدم، والأشجار التي كانت تظلنا احترقت، وعلى جدار بقي قائما ترى بخط يد أحد التلاميذ "سنعود"، وهنا قمت بالحفر بين الأنقاض أبحث عن صور عائلية".

ويتساءل الشاب بلوعة وهو يقترب من حارته "الرمال": كيف تحول كل هذا الجمال إلى خراب؟ فالجامعة الإسلامية التي درس فيها وشهدت على أحلامه وطموحاته سويت بالأرض، أين المقهى الذي سيلتقي فيه بأصدقائه؟ وأين المكتبة؟ أين محل الحلويات الذي كان يشتري منه؟ لقد اختفت كل المعالم.

الشارع الذي كانت تتردد فيه أصوات الأطفال وضحكاتهم البريئة تحول إلى مقبرة صامتة، فيه بعض الشباب يحاولون إزالة الأنقاض، أحدهم يبحث عن أخيه الصغير الذي لم يعثروا له على أثر، وآخر يبحث عن الوثائق المهمة المدفونة تحت منزله المنهار، وفي عيون كل واحد منهم مزيج من الحزن والإصرار على البقاء، كما يقول مصعب.

لا شيء ننقذه

بدأ مصعب يتفقد منازل إخوته وأخواته المدمرة وغير الصالحة للسكن، ولكن كما يقول "لا يوجد ما يمكن إنقاذه وسط الأنقاض التي تفوح منها رائحة المتفجرات، في المنزل تمكنت من جمع بعض البقايا، صور نجت من الحريق ومصحف ومفتاح المنزل الذي لم يعد له باب".

في هذه الأثناء، نفدت بطارية هاتف مصعب، وكان عليه قطع مسافة طويلة لشحنه ثم العثور على إشارة إنترنت لطمأنة عائلته، لأن أقاربه ينتظرون الحكم بشأن حالة المبنى، وهم يرغبون في العودة بأقرب وقت ممكن، يقول مصعب "حاولت أن أشجعهم لكنني لم أجد الكلمات المناسبة".

ويتابع مصعب قائلا "قضيت الليل كله أفكر في قراري، سأعود إلى الجنوب ولكنني لن أبقى هناك، سأعود مع عائلتي إلى حيّنا، قد يقول البعض إنني مجنون ولكن هذا هو منزلنا، هذه أرضنا، حتى لو تم تدمير كل شيء فسوف نقوم بتنظيف البيت المحروق، وسوف نعيش فيه حتى يعاد بناؤه".

إعلان

"عندما عدت إلى المنزل سألتني والدتي: كيف يبدو المنزل الآن؟ ثم بكت، ولكنها قالت ما لن أنساه أبدا، يا ابني، ليس البيت مجرد جدران، البيت هو العائلة، وحيث نحن معا فذلك منزلنا".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا