في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
النزوح والعودة إلى غزة يمثلان قصة معاناة فلسطينية مستمرة تتقاطع مع التغيرات السياسية الإقليمية والدولية.
فمع إعلان عودة بعض النازحين إلى شمال القطاع، تبرز تساؤلات حول مستقبل الحياة في المناطق المدمرة، وسط تباين في المواقف الإسرائيلية والفلسطينية بشأن هذه الخطوة.
من جهة، تصف حركة حماس العودة بـ"الانتصار الرمزي"، ومن جهة أخرى، ترى إسرائيل فيها تحديات أمنية وخطراً محتملاً.
الأوضاع الإنسانية.. معاناة مستمرة
بحسب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عماد جاد، فإن الأوضاع في شمال غزة وجنوبها صعبة للغاية. تدمير البنية التحتية بالكامل وغياب الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، جعل الحياة شبه مستحيلة.
أضاف جاد خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية، أن النازحين الذين يعودون إلى المناطق الشمالية يواجهون تحديات كبيرة، خاصة أن نسبة الدمار تجاوزت 90% وفق وزارة الداخلية في غزة.
هذا الواقع يدفع للتساؤل حول إمكانية استئناف الحياة في ظل الحاجة إلى 135,000 خيمة وكرفان لإيواء السكان.
التوترات السياسية بين حماس وإسرائيل
تعتبر حركة حماس عودة النازحين انتصاراً للشعب الفلسطيني، مؤكدة أن إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها بالتهجير الجماعي. القيادي في الحركة عزت الرشق صرح بأن العودة إلى شمال غزة "تحطم أحلام إسرائيل".
لكن عماد جاد يرى أن إصرار حماس على الظهور كجهة مسيطرة يزيد من فرص استئناف العدوان الإسرائيلي، خاصة أن تل أبيب لن تسمح بعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر.
من الجانب الإسرائيلي، أثار افتتاح معبر نتساريم، والسماح بمرور الفلسطينيين، جدلاً واسعاً.
وزير الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير وصف هذه الخطوة بـ"الاستسلام الكامل"، معتبراً أن الحل الأمثل يكمن في تشجيع الهجرة الجماعية. بينما أبدى وزير الدفاع يسرائيل كاتس التزامه بوقف إطلاق النار مع تشديد الرقابة على الحدود لمنع تهريب الأسلحة.
خطر التهجير.. جدل دولي وتخوفات فلسطينية
عودة الحديث عن خطط التهجير، التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أثارت مخاوف كبيرة.
الخطة، التي تم رفضها من الأردن ومصر، تدعو إلى تهجير سكان غزة إلى الدول المجاورة. يعلق عماد جاد بأن العقلية الإسرائيلية ترى أن غزة لا تمثل أهمية استراتيجية كبرى، مقارنة بالضفة الغربية التي تحتضن مواقع مقدسة مثل الخليل والقدس.
جاد أشار أيضاً إلى أن المصلحة الإسرائيلية تتركز على الضفة الغربية، حيث تمثل المستوطنات حول قبر إبراهيم في الخليل معقلاً للتطرف. ويؤكد أن أي خطة ترحيل ستكون مقلقة خاصة مع تزايد الضغط الأميركي على الأردن.
دلالات وتداعيات العودة
عودة النازحين إلى شمال القطاع تأتي في ظل تعقيدات سياسية وأمنية، إذ تنظر إسرائيل بعين القلق إلى احتمال نقل أسلحة إلى الشمال، وفق تقارير إسرائيلية.
كما أن إقامة حماس لنقاط تفتيش عند المعابر تهدف إلى إظهار سيطرتها على الأرض، لكنها تثير تساؤلات حول قدرة الحركة على تقديم حلول واقعية للسكان العائدين.
يؤكد عماد جاد أن الوضع الحالي يعكس صراع إرادات بين الأطراف المتنازعة. فإسرائيل تسعى لاستغلال الوضع لتشديد قبضتها على القطاع، بينما تحاول حماس تحقيق مكاسب سياسية من خلال العودة الرمزية للسكان.
العودة إلى شمال غزة، رغم أنها تمثل بصيص أمل للنازحين، إلا أنها تفتح الباب لتحديات جديدة مرتبطة بإعادة الإعمار وتأمين الاحتياجات الأساسية.
مع استمرار النزاع بين حماس وإسرائيل، يبقى الفلسطينيون بين مطرقة التهجير وسندان الاحتلال. تطورات المشهد في غزة تسلط الضوء على الحاجة إلى تحرك دولي عاجل لدعم السكان المدنيين، وتوحيد الصف الفلسطيني لمواجهة التحديات المقبلة.