آخر الأخبار

وقف إطلاق النار: كيف ستصبح العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحماس ومن سيفرض سيطرته على غزة؟

شارك الخبر
مصدر الصورة

رغم الأجواء الاحتفالية التي سادت قطاع غزة والضفة الغربية عقب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وردود الفعل الإيجابية إقليمياً ودولياً، تظل العلاقات بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية من أهم القضايا الشائكة في الوقت الراهن.

وقد أثار اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل تساؤلات حول إمكانية تغيير دور السلطة الفلسطينية في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى تغيير طبيعة الحكم في قطاع غزة، فضلاً عن تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية، والعوامل التي قد تؤدي إلى تعزيز هذه العلاقة أو إضعافها، في فترة يراها مراقبون "دقيقة" لكلا الطرفين.


* اليوم التالي للحرب: هل تتدخل قوات عربية "لإدارة" قطاع غزة من دون مشاركة حماس؟
* تعهدات دولية "بعدم عودة حماس إلى حكم غزة"، وأجهزة الحركة الأمنية تنتشر في القطاع

وقد قررت السلطة الفلسطينية الخميس الماضي، 16 يناير/كانون الثاني، أي بعد يوم واحد من إعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، "تشكيل خلية أزمة للعمل في قطاع غزة"، على أن تضم جميع الوزارات الخدمية للعمل في المئة يوم الأولى بعد بدء تنفيذ الاتفاق، وخلت تصريحات السلطة الفلسطينية في هذا الشأن من أي ذكر لحركة حماس، أو أي تعاون معها.

وفي المقابل، أعلنت حركة حماس عن استعداداتها للبدء الفوري في إدارة قطاع غزة عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وأكدت الحركة أنها لن تسمح "بالفوضى والفراغ" الذي قد يشهده القطاع مع بداية تنفيذ الاتفاق.

وقالت الحركة في بيان أصدرته في الساعات الأولى من دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ: "نتابع عمليات إدخال المساعدات، وإغاثة شعبنا بكل ما يلزم، ونؤكّد بذل كافة الجهود لتوفير كل متطلبات الدعم والإسناد اللازمة لإعادة دورة الحياة في قطاع غزة إلى طبيعتها".

مصدر الصورة

كما ذكر مسؤول في حركة حماس لقناة الشرق الإخبارية المصرية قبل أيام: "وافقنا على اقتراح مصري بتشكيل لجنة محلية من الشخصيات المهنية المستقلة، لكن السلطة الفلسطينية لم توافق، لذلك سنتولى العمل في قطاع غزة، ولن نترك الأمور للفراغ والفوضى".

ومن جانبه، قال منير الجاغوب، المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، لبي بي سي عربي: "السلطة الفلسطينية مع الهدنة ووقف القتل المجاني للناس، وهذا أهم شيء بالنسبة لمنظمة التحرير، وحركة فتح الآن، لأنه من المؤلم أن يموت الناس من دون أي أهداف؛ لا سياسية، ولا وطنية. فلم يحقق قتل الفلسطينيين أي شيء لحركة حماس، ولم يأخذنا إلى مربع جديد، ولا قضى على الاحتلال، بل بالعكس، أعاد الاحتلال إلى قطاع غزة".

وأضاف الجاغوب لبي بي سي عربي: "الاتفاق الذي وقعته حماس لم يؤد إلى تهميش السلطة الفلسطينية، ولا منظمة التحرير الفلسطينية. فهذه الصفقة تقتصر على تسليم رهائن، وإخراج أسرى فلسطينيين، ولا تنطوي على أي شأن سياسي قد يؤثر على السلطة ودورها، أو على منظمة التحرير".

وكانت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" نقلت قبل أيام من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، وتحديداً في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري، بيانا لحركة فتح، جاء فيه: "لا يحق لحماس التي رهنت نفسها لصالح إيران وغيرها من المحاور الإقليمية، ووفرت الذرائع المجانية للاحتلال كي ينفذ أكبر حرب إبادة بحق شعبنا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023،... لا يحق لها أن تعيد إنتاج مغامراتها في الضفة"، وهو تصريح يعكس حجم الخلاف بين الفصيلين الفلسطينيين.

السلطة و"إعادة المؤسسات للعمل" في غزة

ويقول حازم الضمور، مدير عام معهد ستراتيجيكس للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، لبي بي سي: "الانقسام بين السلطة الفلسطينية وحماس يرتبط بنتائج اتفاق وقف إطلاق النار النهائية، وطبيعة دور حماس في اليوم التالي لنهاية الحرب. فإذا كانت حماس جزءاً رئيسياً من ترتيبات إدارة قطاع غزة بتوافقات إقليمية ودولية، ودون رضا السلطة الفلسطينية، فإن ذلك سيزيد من هوّة الانقسام، ويعمل على تكريسه".

وتوقع أن تشهد السلطة الفلسطينية تغييرات خلال المرحلة القادمة لصالح قيادات جديدة، "وهذا بحد ذاته متغير مهم يسهم في رأب الصدع بين حماس والسلطة الفلسطينية".

وتستبعد الدكتورة تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية في رام الله، في تصريحات لبي بي سي عربي، أن يؤدي اتفاق وقف إطلاق النار إلى "تهميش دور السلطة في غزة خلال الفترة المقبلة"، وتوقعت أن "تلعب السلطة الفلسطينية دوراً في إدارة معبر رفح بشراكة الاتحاد الأوروبي، وإعادة المؤسسات للعمل في قطاع غزة، من تعليم، وصحة، وبناء طرق وبنية تحتية، إضافة إلى توزيع المساعدات الإنسانية وإعادة الحياة إلى طبيعتها".

كما تحدثت عن ضرورة تولي السلطة الفلسطينية "المسؤولية السياسية عن القطاع حتى تتمكن حماس من الوفاء بالمتطلبات الأمنية اللازمة للاتفاق، وأهمها سحب السلاح حتى لا يشكل وجود حماس تهديداً أمنياً من جديد على الأمن القومي الإسرائيلي". كما تؤكد أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال السلطة الفلسطينية وحدها، لما تتمتع به من اعتراف وقبول دولييْن.

واعتبرت حداد الاتفاق "فرصة لرأب الصدع، حيث يتعين على حماس أن تنسق مع السلطة لوضع أسس إدارة مؤقتة ترتبط بالحكومة الفلسطينية في رام الله كمرحلة انتقالية، تمهيدا لإجراء انتخابات تتيح للشعب الفلسطيني اختيار قيادته عبر صندوق الانتخابات".

ومن ناحية أخرى، قال صادق أبو عامر، رئيس مجموعة الحوار الفلسطيني، لبي بي سي: "من المتوقع أن يؤدي الاتفاق إلى اتساع هوة الانقسام بين حماس والسلطة الفلسطينية، حيث ترى حماس أنها تمكنت من الصمود في حرب استئصال دموية، شنتها إسرائيل ضدها، مما يشعرها بالقوة أمام موقف السلطة الذي لم يكن له تأثير لا على صعيد المفاوضات، ولا على صعيد الملفين الإنساني والإدارة في قطاع غزة. وأضاف أن الاتفاق مع السلطة قد لا يكون الخيار الأمثل أمام حماس".

وأضاف أبو عامر: "قد تنتظر حماس خروج عدد من قادة حركة فتح من السجون الإسرائيلية، مما قد يزيد من الضغط على السلطة للقبول ببعض مطالب حماس، باعتبار أن هؤلاء الأسرى أغلبهم مقاتلون يشعرون بالامتنان للحركة التي استطاعت أن تفرج عنهم في إطار هذه الصفقة".

مصدر الصورة

"إدارة الانقسام"

ويرى محمد القيق، الكاتب والباحث السياسي في رام الله في تصريحات لبي بي سي، أن هجوم "طوفان الأقصى" أحدث تغييرات في المعادلة في المنطقة لا يمكن لأي من طرف إنكارها، "فلن تبقى العلاقة بين الفصائل الفلسطينية فيما بينها وعلاقتها مع إسرائيل والدول العربية كما كانت في السابق".

ويضيف: "وفقا للمشهد الراهن، فإن هذه الهدنة حتمية، إذ تستمد قوتها من الدعم الأمريكي، وسوف يكون من الصعب على أي طرف مهما كان أن يقوضها حتى في المرحلة الثانية منها".

ويعتقد القيق أن هذا الاتفاق "سلاح ذو حدين، فقد يؤدي إلى حالة من الانقسام الفلسطيني تديرها دول عربية للأسف؛ بمعنى أن تواصل حماس إدارة غزة، بينما تواصل السلطة إدارة الضفة الغربية، أو في المقابل، قد يؤدي الاتفاق إلى إيجاد حل للرؤية الفلسطينية الداخلية على أساس الانتخابات، وتغليب الشرعية الفلسطينية"، ويرجح حدوث السيناريو الثاني.

ويحذر من "تزايد شهية الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية إذا تخلى الفلسطينيون عن ترتيب بيتهم من الداخل، وعن إجراء انتخابات، وتفعيل الشرعية، والشراكة الفلسطينية، والتوقف عن الإقصاء". وأضاف أن إسرائيل تتبنى نظرة ضم وسيطرة للضفة مدعومة بوعود من إدارة ترامب.

قمة جدة: ماذا ينتظر العرب من قمتهم؟

مصدر الصورة

دور ترامب والقوى الإقليمية

ويرى حازم الضمور، مدير عام معهد ستراتيجيكس للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، أن الهدنة قد تعمل لصالح السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أن السلطة قد تحقق مكاسب بعد إنهاء الحرب بالطرق السياسية، تتمثل في إمكانية استعادة السيطرة على غزة بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية الحالية"، مؤكدا أن ذلك يتوقف على الإرادة السياسة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه.

ويدور حديث حول إمكانية تولي السلطة الفلسطينية مسؤولية المعابر في غزة، ما قد يزيد من أهمية الدور الذي تلعبه حكومة رام الله في القطاع. وفي هذا الشأن، يقول صادق أبو عامر، رئيس مجموعة الحوار الفلسطيني، إن المفاوضات قد تتناول تكليف السلطة الفلسطينية بإدارة المعابر في قطاع غزة، ما يمنحها دوراً أكبر بالنظر إلى أن المعابر أحد مظاهر السيادة في القطاع الفلسطيني.

وتوقع أبو عامر أن تضغط قوى إقليمية صديقة لحماس للقبول بتسليم قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية مقابل ضمانات تتعلق بالبنية الإدارية التي شكلتها حماس خلال 17 سنة حكمت فيها القطاع، مع الحفاظ على درجة من الحريات العامة، وأن تكون حماس جزءاً من الشرعية الفلسطينية، وليس بالضرورة جزءاً من الحكم.

وأشار إلى احتمال ظهور "بديل آخر يتوافق مع آمال وطموحات سكان غزة، والذي قد يضم مزيجاً من عدة قوى، ويعني ذلك خروج القطاع بالكامل من تحت مظلة شرعية السلطة في رام الله".

وتسببت حرب غزة في دمار شاسع لحق بالمباني السكنية والمستشفيات والبنية التحتية، وتقول منظمات إنسانية وأممية إن قطاع غزة سيحتاج إلى سنوات عديدة من أجل رفع الأنقاض وإعادة الإعمار.

وبالقطع، يستلزم ذلك بيئة مواتية لا يكون فيها "الصراع على السلطة" هو ما يتصدر عناوين الأخبار القادمة من قطاع غزة.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا