شهدت معدلات التضخم في معظم الاقتصادات في أنحاء العالم تراجعا ملحوظا خلال عام 2024، لكن الناخبين لم يعبأوا بذلك.
فقد أغضبهم الارتفاع الهائل في أسعار كل شيء من السلع البسيطة إلى الطاقة على مدى السنوات القليلة الماضية، فعاقبوا الأحزاب الحاكمة كلما حانت لهم الفرصة. ولا يزال تأثير التضخم مستمرا، وتحملت الأحزاب الحاكمة اللوم في انتخابات تلو الأخرى.
"أميركا أولًا".. هل يدفع العالم ثمن حمائية ترامب؟
وفي الولايات المتحدة، ساعد ارتفاع التكاليف دونالد ترامب على الفوز بولاية ثانية كرئيس بعد أربع سنوات من هزيمته أمام جو بايدن وخروجه من البيت الأبيض ليردد بعدها أن الانتخابات جرى التلاعب بها. وفشل أنصاره في محاولتهم لقلب هزيمة ترامب باقتحام مبنى الكونغرس الأميركي في السادس من يناير/كانون الثاني 2021. وهذا العام، رفعوا أصواتهم في صناديق الاقتراع، مما أدى إلى ظهور قيادة أميركية جديدة من المرجح أن تختبر المؤسسات الديمقراطية في الداخل والعلاقات في الخارج.
كما أدت المشاعر المعادية للسلطات، والتي نشأت بسبب التضخم، إلى تنصيب حكومات جديدة في بريطانيا وبوتسوانا والبرتغال وبنما.
كما أوصل الناخبون في كوريا الجنوبية المعارضة إلى البرلمان الذي شكلت فيه أغلبية، وهو ما كبح جماح الرئيس يون سوك يول. وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول، فرض الرئيس الأحكام العرفية، وهي الخطوة التي سرعان ما أبطلها البرلمان. كما هزت الانتخابات فرنسا وألمانيا واليابان والهند.
مكان واحد لم يحدث فيه أي تغيير: روسيا، حيث أعيد انتخاب فلاديمير بوتين رئيسا بحصوله على 88% من الأصوات، وهو رقم قياسي في روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي.
وواصلت موسكو حربها ضد أوكرانيا، وحققت مكاسب ملحوظة على الأرض. والسؤال الكبير هو ما هو التأثير الذي قد تخلفه عودة ترامب إلى البيت الأبيض على الصراع؟. وعد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحرب في يوم واحد. ويخشى كثيرون في أوكرانيا وأماكن أخرى في أوروبا أن يعني ذلك الانحياز إلى بوتين والإبقاء على الوضع الراهن.
وفي الشرق الأوسط، واصلت إسرائيل حربها على قطاع غزة وامتدت الحرب إلى لبنان، حيث خلفت وراءها جماعة حزب الله المدعومة من إيران في حالة من الدمار والفوضى. وفي سوريا، أطاحت مجموعة من جماعات المعارضة المسلحة المنسقة على نحو جيد ببشار الأسد، وهي تسعى الآن إلى إدارة البلاد.
وفي عالم الأعمال، كافحت الشركات في مختلف أنحاء العالم بشأن كيفية التكيف مع الذكاء الاصطناعي. ويمكن تلخيص هيمنة شركات التكنولوجيا بالنسبة للمستثمرين في هذه الحقيقة البسيطة: سبع شركات تكنولوجيا، أو ما يسمى بالشركات السبع المدهشة، تمثل الآن أكثر من ثلث القيمة السوقية لمؤشر ستاندرد اند بورز 500.
إضافة إلى ذلك، فإن إيلون ماسك، الذي يملك إحدى هذه الشركات، وهي شركة تسلا، هو مستشار وداعم مالي للرئيس المنتخب ترامب. وإذا نظرنا إلى المستقبل، فإن هذا المزيج من سحر التكنولوجيا والقوة السياسية قد يحدد ملامح عام 2025.