في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عمّان- مع حدوده الممتدة لنحو 375 كيلومترا، يتابع الأردن باهتمام بالغ تطورات المشهد في سوريا، إذ تقف المملكة منذ سنوات على خط المواجهة مع تداعيات الوضع في جارتها الشمالية.
ويفرض الوضع المستجد في سوريا جملة من التحديات على المملكة الأردنية في ظل تعدد فصائل المعارضة المسلحة على حدودها، وبالنظر إلى الاضطرابات المتسارعة داخل الأراضي السورية.
ودفع الأردن كلفة باهظة في تعامله مع مجريات الصراع السوري تمثلت في التعامل مع أزمة اللجوء، والتصدي لعمليات تهريب المخدرات عبر استخدام مختلف أنواع الأسلحة، والطائرات المسيّرة، وضمان أمن الحدود وغيرها.
ومع تقدم المعارضة من الشمال السوري نحو العاصمة السورية دمشق، عقد مجلس الأمن القومي الأردني اجتماعًا برئاسة الملك عبد الله الثاني، الذي أكد على أن "الأردن يقف إلى جانب السوريين ويحترم إرادتهم وخياراتهم".
في المقابل، ومع إعلان سقوط نظام بشار الأسد، تجمع العشرات من اللاجئين السوريين المقيمين في المملكة بالقرب من مقر السفارة السورية في عمّان، للتعبير عن فرحتهم بسقوط نظام الأسد، وتفاعلهم مع الأحداث الجارية على الأراضي السورية، في الوقت الذي قامت فيه السفارة السورية بإنزال العلم بعد الإعلان عن سقوط النظام السابق.
يرى الكاتب والمحلل السياسي والوزير السابق، محمد أبو رمان، في حديثه للجزيرة نت، أن الأمور في سوريا تسير بشكل منطقي ومعقول بالنسبة للأردن بانتظار التطورات المقبلة، لافتًا إلى أن سقوط نظام الأسد دون وجود حمام دم في دمشق، يبشر بمستقبل جيد.
وحول الخيارات المتاحة في مستقبل العلاقة بين عمّان ودمشق، أشار أبو رمان إلى أن "هناك مراقبة حثيثة من الأردن الرسمي لمستجدات الأحداث في سوريا، فالحرب السورية انخرط بها مئات الجهاديين الأردنيين في مرحلة سابقة".
وأضاف أنه "بالنسبة للأردن، هناك -على سبيل المثال- عدم ثقة في خطاب هيئة تحرير الشام من حيث المبدأ، لكن الأردن منفتح على الرسائل الإيجابية التي تأتي من المعارضة السورية، ومعيار المرحلة المقبلة هو في المصلحة الوطنية المشتركة للبلدين".
وأضاف الوزير السابق أن الأردن لديه مخاوف من تفكيك سوريا، ومن حرب داخلية، ومهما يكن من أمر فالثورة السورية هي ثورة مسلحة وفيها حالة من التنوع العرقي والإثني يصعب الحكم على ما تقوم به الآن، مستدركًا بأن ما قامت به المعارضة السورية خلال الساعات الماضية أمر يثير الإعجاب، والرسائل التي وجهت لدول الجوار كالأردن والعراق أمر إيجابي.
أما الخبير الأمني، خالد المجالي، فرأى أن ما يجري في سوريا خلال الساعات الماضية أمر متفق عليه دوليا، معربا عن اعتقاده، بوجود تفاهمات مسبقة ما بين الأردن وسوريا الجديدة لجهة أمن الحدود، وبأن هناك خطوات وإجراءات واضحة على الحدود الأردنية السورية، لاسيما وأن الرسائل التي وصلت من جانب المعارضة السورية قبل أيام للأردن بشأن التعاون الأمني المشترك أمر جيد.
وقال المجالي للجزيرة نت، إن الأردن يعول على أنه لن يكون هناك أي وجود إيراني على حدوده، ولا أي شكل منظم من أشكال تهريب المخدرات، ولن تكون هناك مشاكل أمنية لطالما عانى منها الأردن على مدار السنوات الماضية، بالإضافة إلى عودة اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن إلى ديارهم.
أما الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء المتقاعد الدكتور قاصد محمود، فيرى أنه من الصعب التكهن بمجريات الأمور في الداخل السوري، وأثره المباشر على الأردن، مشددا في حديثه للجزيرة نت، على أن القادم للأردن مهما كان شكله لن يكون أصعب مما كان في عهد النظام السابق، خاصة ما يتعلق بتهريب المخدرات وغيرها من الأمور الأمنية المقلقة لعمّان.
وقال "الحالة الأردنية السورية كانت دائما مصدر تحد للأمن الوطني الأردني، ومصدر اشتباك سياسي، ولم تكن السياسات الأردنية مقبولة عند النظام السوري السابق".
وأشار محمود إلى أن سوريا في حالة مخاض حقيقي من حيث الانتقال نحو سياسات خارجية واضحة، تبحث عن مصالح الدولة السورية والسوريين، موجها رسالة إلى الثورة السورية بالاستفادة من العلاقة الطبيعية مع الأردن، وقال "الأردن وسوريا لديهما امتداد جغرافي وتاريخي وديمغرافي، ومصلحة البلدين في أن تكون هناك تفاهمات على أعلى المستويات".
وأضاف أن "الأردن نجح في التعامل مع جزء كبير من المعارضة السورية على اختلافها في بدايات الثورة السورية، ولم يكن الأردن عدائيا معها، وكذلك المعارضة السورية لم تكن في يومٍ ما جزءا من الاعتداء على الأمن الوطني الأردني".
ومنذ توالي الأنباء عن سقوط نظام بشار الأسد، وسيطرة المعارضة السورية على العاصمة دمشق، شهد معبر جابر الحدودي الذي يربط الأردن مع سوريا تدفقا للاجئين السوريين المقيمين في الأردن من الذين قرروا العودة إلى ديارهم، في حين أعلن الأردن الجمعة، إغلاق المعبر الحدودي الوحيد العامل مع سوريا بسبب "الظروف الأمنية" في البلد المجاور، وفق ما أعلن وزير الداخلية.