تشهد الساحة السياسية العالمية جدلاً واسعاً حول السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وتحديداً بشأن الدعم المقدم لإسرائيل والمواقف الأمريكية تجاه إيران والفلسطينيين.
نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة إسرائيل هيوم، ومقال للسفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة، جلعاد أردان، الذي يفتح النار على سياسات إدارة بايدن تجاه إسرائيل، ويدعو إلى عودة ترامب لتصحيح المسار.
وانتقد أردان بشدة ضغوط إدارة بايدن على إسرائيل والانتقادات العامة المتكررة، واصفاً إياها بأنها "خطوات خاطئة خطيرة"، مشيراً إلى أنها أدت إلى تعقيد تحقيق أهداف الحرب، وأعطت الأمل لأعداء إسرائيل، وأخرت نهاية القتال وعودة الرهائن وآفاق السلام الإقليمي.
واستكمل المقال في سرد ما وصفه أردان بـ "خطوات خاطئة خطيرة" في سياسات إدارة بايدن، التي أشار إلى أنها لم تكن فعالة ضد "رأس الأخطبوط" - إيران. ودعا إلى إحياء حملة "الضغط الأقصى" لترامب ضد إيران، مصحوبة بتهديد عسكري وهدف واضح لتغيير النظام في طهران، مؤكداً أن هذا هو المفتاح لاستقرار الأمن في الشرق الأوسط وتعزيز "السلام الدافئ" بين إسرائيل والدول الإقليمية.
وشدد أردان في مقاله على أن رغبة إدارة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وإصرارها على النماذج القديمة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أدت إلى نتائج عكسية، حيث تمسك الفلسطينيون برفضهم واستمروا في التحريض على الإرهاب وتمويله. وأعرب عن اعتقاده بأن حماس وحزب الله يأملان أن تؤدي الضغوط الأمريكية لإنهاء الحرب إلى دفع إسرائيل إلى التخلي عن أهدافها، مما يدفع الدول الإقليمية إلى التشكيك في العلاقات الدافئة مع إسرائيل.
واتهم المقال إدارة بايدن بأنها لم تحقق أي تقدم في توسيع دائرة السلام، مشيراً إلى أن أي دولة عربية أخرى لم تنضم إلى دائرة السلام خلال إدارة بايدن. وأعرب عن ثقته بأن الرئيس ترامب سيتصرف بشكل مختلف، مشيراً إلى جهوده السابقة في تطبيع العلاقات مع الدول العربية.
كما انتقد أردان الأمم المتحدة ومنظماتها، واصفاً إياها بأنها "أسلحة في أيدي المنظمات الإرهابية"، ودعا إلى إقناع الرئيس ترامب بوقف تحويل الأموال إلى الأمم المتحدة حتى يتم تنفيذ الإصلاحات الضرورية.
ويختتم المقال بأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تكون فرصة لتحقيق إنجازات دبلوماسية وأمنية تضمن مستقبل إسرائيل، إذا تصرفت حكومة إسرائيل بحكمة مع الإدارة الجديدة.
ننتقل إلى صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، التي نشرت مقال رأي للسيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، ينتقد فيه سياسات الحكومة الأمريكية تجاه مبيعات الأسلحة لإسرائيل، ويدعو إلى وقف هذه المبيعات فوراً.
يطالب ساندرز الحكومة الأمريكية بوقف انتهاك القانون بشكل صارخ فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة لإسرائيل. وقال إن قانون المساعدة الخارجية لعام 1961 وقانون مراقبة تصدير الأسلحة واضحان جداً: "لا يمكن للولايات المتحدة تقديم أسلحة لأي دولة تنتهك حقوق الإنسان المعترف بها دولياً. المادة 620I من قانون المساعدة الخارجية واضحة أيضاً: لا يجوز تقديم أي مساعدة أمريكية لأي دولة "تحظر أو تقيد، بشكل مباشر أو غير مباشر، نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأمريكية".
كما أكد ساندرز أن إسرائيل كان لها حق واضح في الرد على الهجوم الإرهابي المروع الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين أول عام 2023، "والذي أسفر عن مقتل حوالي 1,200 شخص وأخذ 250 رهينة، بما في ذلك أمريكيين"، وفق ساندرز.
الذي أشار إلى أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووصفها "بالمتطرفة"، لم تشن حرباً ضد حماس فقط، "بل شنت أيضاً حرباً شاملة ضد الشعب الفلسطيني". وأوضح أن من بين سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، قُتل أكثر من 43,000 فلسطيني وأصيب أكثر من 103,000 - ربما 60 في المئة منهم نساء وأطفال أو كبار السن".
وبين ساندرز أن تقييم حديث للأمم المتحدة للصور الفضائية وجد أن ثلثي المباني في غزة قد تضرر أو دمر، بما في ذلك 87 في المئة من المساكن، 84 في المئة من المرافق الصحية، وحوالي 70 في المئة من محطات المياه والصرف الصحي. وأشار إلى أن كل واحدة من جامعات غزة الـ 12 تم قصفها، وكذلك مئات المدارس.
وأشار ساندرز إلى أن ملايين الأشخاص الفقراء في غزة تم تهجيرهم من منازلهم خلال العام الماضي، وأجبروا على الإخلاء مراراً وتكراراً دون أي شيء سوى الملابس على ظهورهم. وأوضح أن العائلات "تم حشدها في ما يسمى بالمناطق الآمنة، فقط لمواجهة القصف المستمر".
وأضاف ساندرز إلى أن الوضع في غزة "يزداد سوءاً بشكل لا يمكن تصوره"، لافتاً إلى أن عمال الإغاثة الإنسانية على الأرض أفادوا بأن عشرات الآلاف من الأطفال يعانون الآن من سوء التغذية والجوع "بسبب قيود إسرائيل على المساعدات الإنسانية".
وركز على أن قرار إسرائيل الأخير بحظر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة، سيزيد الوضع المروع سوءاً".
وكشف ساندرز أنه التقى بأطباء خدموا في غزة، يعالجون مئات المرضى يومياً "بدون كهرباء أو تخدير أو ماء نظيف، بما في ذلك عشرات الأطفال الذين يصلون بجروح ناتجة عن طلقات نارية في الرأس". وأشار إلى أن الصور والفيديوهات التي رآها "تظهر أن 10 أطفال يفقدون ساقاً في غزة كل يوم، وأن هناك أكثر من 17,000 يتيم".
وننهي جولتنا في مقال جديون راتشمان، في صحيفة فايننشال تايمز، يُحذر من أن حملة ترامب ضد "أعدائه الداخليين" تهدد أسس عظمة أمريكا. بدلاً من تعزيز القوة الأمريكية، "يسعى ترامب لتفكيك المؤسسات التي تجعلها عظيمة، مثل الجيش، والجامعات، والصحافة الحرة، والاحتياطي الفيدرالي".
ويرى راتشمان أنه من خلال تعيين "شخصيات انتقامية" في مناصب رئيسية، مثل تولسي جابارد على رأس الاستخبارات الوطنية وروبرت ف. كينيدي جونيور في وزارة الصحة، "يهدد ترامب بتقويض القيم الأمريكية الأساسية". مضيفاً "حملته قد تضر بحرية الفكر، والصحافة، وسيادة القانون، مما سيؤدي إلى تدهور القوة الدولية لأمريكا، في الوقت الذي قد يستفيد فيه أعدائها مثل روسيا والصين".
في سياق ذلك، يُحذر المقال من أن تصعيد الهجوم على المؤسسات الأمريكية يمكن أن يعمق الانقسام الداخلي في البلاد، مما يجعلها عرضة للضعف على الساحة الدولية.
ويقول الكاتب إذا نجح ترامب في تعزيز سلطته على المؤسسات الكبرى، مثل الجيش والاستخبارات، "فقد يؤدي ذلك إلى ضعف التنسيق والتعاون بين الهيئات الحكومية، مما يهدد الاستقرار السياسي والأمني للولايات المتحدة".
من جهة أخرى، يعتبر المقال أن سياسات ترامب يمكن أن تؤدي إلى تقويض الديمقراطية الأمريكية نفسها. "فحملة الانتقام التي يقودها ضد خصومه الداخليين، سواء كانوا في الجيش أو الصحافة أو القضاء، قد تخلق بيئة يسود فيها الخوف والقمع". هذا بدوره سيزيد من توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها، ويعزز الصورة السلبية التي قد تتشكل عن أمريكا في العالم، خصوصاً في ظل توسع النفوذ الروسي والصيني، وفق الكاتب.
ويُشير المقال إلى أن الحرب ضد "الأعداء الداخليين" يمكن أن تعمق الاستقطاب داخل المجتمع الأمريكي، حيث يُعرض مبدأ الديمقراطية وحقوق الإنسان للخطر. بدلاً من أن يعزز ترامب من عظمة أمريكا من خلال الإصلاحات، قد يتسبب في تدمير المبادئ التي جعلت من أمريكا قوة عظمى على مدار التاريخ.
في الختام، جاء في المقال، "ستكون العواقب بعيدة المدى، ليس فقط على الشعب الأمريكي، بل على العالم بأسره".