كشفت دراسة جديدة عن ارتباط المستويات العالية من الضوء الاصطناعي ليلا بزيادة النشاط الدماغي المرتبط بالتوتر، والتهاب الشرايين، وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب.
وأجرى الدراسة باحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، وستعرض نتائج الدراسة الأولية في الجلسات العلمية لجمعية القلب الأميركية لعام 2025، والتي ستعقد في الفترة من السابع إلى العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في مدينة نيو أورلينز في الولايات المتحدة، وكتب عن الدراسة موقع يوريك أليرت.
يعدّ الضوء الاصطناعي ليلا، أو تلوث الضوء الليلي، سمة شبه عالمية للمدن الحديثة، وقد استعرضت هذه الدراسة مسوحات الدماغ وصور الأقمار الصناعية لإظهار مسار بيولوجي يربط التعرض للضوء الليلي بأمراض القلب.
قال الدكتور شادي أبو هاشم، الباحث المشارك في الدراسة، الحاصل على ماجستير الصحة العامة، ورئيس تجارب تصوير القلب بالإصدار البوزيتروني/التصوير المقطعي المحوسب في مستشفى ماساتشوستس العام، والمحاضر في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن: "نعلم أن العوامل البيئية، مثل تلوث الهواء والضوضاء، يمكن أن تؤدي إلى أمراض القلب من خلال التأثير على أعصابنا وأوعيتنا الدموية نتيجة للتوتر. التلوث الضوئي شائع جدا، ومع ذلك، لا نعرف الكثير عن كيفية تأثيره على القلب".
شملت هذه الدراسة 450 بالغا لا يعانون من أمراض القلب أو أي سرطان نشط، وخضع جميع المشاركين لنفس فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني/التصوير المقطعي المحوسب (PET/CT) المركب.
قال أبو هاشم: "هذا فحص تصوير روتيني في مستشفاي. يوفر جزء التصوير المقطعي المحوسب تشريحا مفصلا، بينما يكشف جزء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني عن النشاط الأيضي في الأنسجة. يسمح استخدام تقنيتي التصوير معا بقياس نشاط إجهاد الدماغ والتهاب الشرايين في فحص واحد".
وتم الحصول على بيانات التعرض للضوء من أطلس العالم الجديد لسطوع السماء الليلية الاصطناعي لعام 2016، يعرّف السطوع الاصطناعي بأنه سطوع السماء الليلية عند مستوى سطح الأرض، والذي يعزى حصريا إلى مصادر الضوء التي يولدها الإنسان، باستثناء المصادر الطبيعية مثل ضوء النجوم والتوهج الجوي وضوء القمر.
تم قياس كمية الضوء الليلي في منزل كل شخص، بالإضافة إلى إشارات التوتر في الدماغ وعلامات التهاب الشرايين في المسوحات.
كان لدى الأشخاص المعرضين لمستويات أعلى من الضوء الاصطناعي ليلا نشاط إجهاد دماغي أعلى، والتهاب في الأوعية الدموية، وخطر أعلى للإصابة بنوبات قلبية خطيرة.
جمعت هذه المعلومات من السجلات الطبية، وقيّمها طبيبان متخصصان في أمراض القلب، لم يكونا على دراية بأي معلومات قد تؤثر على قراراتهما.
كلما زاد التعرض للضوء الاصطناعي ليلا، زاد خطر الإصابة بأمراض القلب، بالإضافة إلى ذلك كانت مخاطر الإصابة بأمراض القلب أعلى بين المشاركين الذين يعيشون في مناطق ذات ضغوط اجتماعية أو بيئية إضافية، مثل ضوضاء المرور العالية.
قال أبو هاشم: "وجدنا علاقة بين الضوء الليلي وأمراض القلب: فكلما زاد التعرض للضوء الليلي، زاد الخطر. حتى الزيادات الطفيفة في الضوء الليلي ارتبطت بارتفاع ضغط الدماغ والشرايين ".
عندما يشعر الدماغ بالتوتر، فإنه ينشّط إشارات تحفّز استجابة مناعية وتسبّب التهاب الأوعية الدموية. ومع مرور الوقت يمكن أن تسهم هذه العملية في تصلب الشرايين وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية .
ولمواجهة آثار الضوء الاصطناعي ليلا، اقترح أبو هاشم أن تقلّل المدن من الإضاءة الخارجية غير الضرورية، أو أن تغطّى مصابيح الشوارع، أو استخدام أضواء حساسة للحركة.
وأضاف: "يمكن للناس الحدّ من الإضاءة الليلية الداخلية، وإبقاء غرف النوم مظلمة، وتجنّب الشاشات مثل أجهزة التلفزيون والأجهزة الإلكترونية الشخصية قبل النوم".
المصدر:
الجزيرة