أظهرت دراسة جديدة أن المحليات الموجودة في الأطعمة والمشروبات قد تزيد بشكل كبير من خطر البلوغ المبكر لدى الأطفال. وقد تكون لهذه النتائج آثار بعيدة المدى على الإرشادات الغذائية ورعاية الأطفال.
وتوجد المحليات في مجموعة واسعة من الأطعمة والمشروبات اليومية، بما في ذلك المشروبات الغازية قليلة الدسم، والزبادي المنكّه، والعلكة الخالية من السكر، وألواح البروتين، وحبوب الإفطار، وحتى بعض أدوية الأطفال.
وأجرى الدراسة باحثون من مستشفى وان فانغ التابع لبلدية تايبيه وجامعة تايبيه الطبية في تايبيه، تايوان، وعرضت نتائجها في الاجتماع السنوي لجمعية الغدد الصماء في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة والذي عقد في الفترة ما بين 12 و15 يوليو/تموز الجاري، وكتبت عنها مجلة نيوزويك الأميركية.
وحلل الباحثون بيانات أكثر من 1400 مراهق، شخِّص 481 منهم بـ"البلوغ المبكر المركزي" (central precocious puberty)، ووجدوا صلة قوية بين استهلاك المحليات والبلوغ المبكر المركزي، وهي حالة يبدأ فيها البلوغ مبكرا بشكل غير معتاد، عادة قبل سن الثامنة لدى الفتيات والتاسعة لدى الأولاد.
ويزداد انتشار البلوغ المبكر المركزي في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يكون له عواقب صحية دائمة، بما في ذلك التحديات العاطفية، وقصر القامة عند البلوغ، وزيادة خطر الإصابة باضطرابات الإنجاب والتمثيل الغذائي في وقت لاحق من الحياة.
وقال الدكتور يانغ تشينغ تشين، الحاصل على درجة الدكتوراه في الطب من مستشفى وان فانغ التابع لبلدية تايبيه وجامعة تايبيه الطبية: "تعد هذه الدراسة من أوائل الدراسات التي تربط العادات الغذائية الحديثة -وتحديدا تناول المحليات- بالعوامل الوراثية وتطور البلوغ المبكر لدى مجموعة كبيرة من الأشخاص في العالم الحقيقي".
وقيّم الباحثون تناول الطعام باستخدام استبيانات وفحوصات بول، وقاسوا المخاطر الوراثية بناء على 19 جينا مرتبطا بالبلوغ المبكر.
وكشفت الدراسة عن تأثيرات محددة حسب الجنس للمحليات الشائعة، والتي تشمل الأسبارتام والسكرالوز والجلسرين (مركب موجود في عرق السوس) والسكريات المضافة.
وارتبط استهلاك عرق السوس والسكرالوز والسكريات المضافة لدى الفتيات بارتفاع خطر البلوغ المبكر المركزي. أما لدى الأولاد، فقد برز السكرالوز كأهم محلٍّ مرتبط ببداية البلوغ المبكر.
كما وجد الباحثون علاقة بين الجرعة والاستجابة: فكلما زادت المحليات المستهلكة، زاد الخطر.
وتستند هذه النتائج إلى عمل تشين السابق، الذي أظهر أن المحليات يمكن أن تعطل التنظيم الهرموني وتوازن ميكروبات الأمعاء.
على سبيل المثال، ثبت سابقا أن "أسيسولفام البوتاسيوم" (AceK)، وهو محلٍّ صناعي شائع آخر، ينشّط مستقبلات خلايا الدماغ المشاركة في مسارات "الطعم الحلو"، مما يزيد من إفراز الهرمونات المرتبطة بالبلوغ وجزيئات التوتر.
كما وجد أن عرق السوس يغيّر بكتيريا الأمعاء ويثبّط الجينات الرئيسية التي تنظّم توقيت البلوغ. وقال تشين: "يشير هذا إلى أن ما يأكله الأطفال ويشربونه، وخاصة المحليات، قد يكون له تأثير مفاجئ وقوي على نموهم".