آخر الأخبار

ماذا يعني دمج صندوق النقد المراجعة الخامسة والسادسة لبرنامج إقراض مصر؟

شارك

القاهرة- أثار قرار صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج دعم مصر المالي بقيمة 8 مليارات دولار، للخريف المقبل، تساؤلات حول خلفيات هذه الخطوة المفاجئة، وتداعياتها المحتملة على جهود القاهرة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وقدرتها على تنفيذ الإصلاحات الجوهرية التي يطالب بها الصندوق.

وقالت المتحدثة باسم الصندوق، جولي كوزاك، في تصريحات صحفية، إن المناقشات أشارت إلى الحاجة للمزيد من الوقت لوضع اللمسات الأخيرة على تدابير السياسة الرئيسية، لا سيما تلك المتعلقة بدور الدولة في الاقتصاد، ولضمان إمكانية تحقيق الأهداف الحاسمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.

وزارت بعثة من صندوق النقد الدولي القاهرة بين 8 و 16 مايو/ أيار الماضي في إطار مراجعته الخامسة، وأشارت إلى أن إتمام المراجعة سيتم افتراضيا من مقر الصندوق في واشنطن.

وحسب بيان للبعثة فإنه "مع استقرار الاقتصاد الكلي الجاري حاليًا، من الضروري أن تُجري مصر إصلاحات أعمق لإطلاق العنان لإمكانات النمو في البلاد، وخلق وظائف عالية الجودة لأعداد متزايدة من السكان، والحدّ بشكل مستدام من مواطن الضعف، وزيادة قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات".

وأضاف: "لتحقيق هذه الأهداف، ينبغي أن يكون تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم، وتوفير فرص متكافئة لجميع الأطراف الاقتصادية، من الأولويات الرئيسية للسياسات. وسيلعب تطبيق سياسة ملكية الدولة وبرنامج تخارج الاستثمارات في القطاعات -التي التزمت الدولة بتقليص وجودها فيها- دورًا حاسمًا في تعزيز قدرة القطاع الخاص على المساهمة بشكل أفضل في النمو الاقتصادي في مصر. واستكمالًا لذلك، لا بد من مواصلة الجهود لتحسين بيئة الأعمال".

وأقر الصندوق مراجعته الرابعة للبرنامج في مارس/آذار، مما أتاح صرف دفعة بقيمة 1.2 مليار دولار.

إعلان

ويجري الصندوق مراجعاته لبرنامج مصر كل 6 أشهر في جدول محدد مسبقا.

ما موقف الحكومة المصرية من قرار صندوق النقد الدولي؟

لم تُصدر الحكومة المصرية حتى الآن أي تعليق رسمي على قرار الصندوق، ما زاد من حالة الغموض والترقب بشأن الأسباب وراء عدم الوفاء بالتزاماتها الإصلاحية في المدى القصير، وخياراتها لتجاوز الأزمة.

مصدر الصورة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا (رويترز)

لماذا دمج صندوق النقد المراجعة الخامسة والسادسة الخريف المقبل؟

يُعزى القرار، في جزء كبير منه، إلى التقدم غير الكافي الذي أحرزته الحكومة في محاور رئيسية، تشمل تقليص بصمة الدولة في النشاط الاقتصادي، وضمان تكافؤ الفرص، وتحسين مناخ الأعمال.

ويؤكد الصندوق على أن أولويات المرحلة الراهنة تتركز على تفعيل سياسة ملكية الدولة وتسريع برنامج التخارج من الأصول في القطاعات التي أبدت الحكومة نيتها للانسحاب منها، ويرى الصندوق أن هذه الخطوات أساسية لتمكين القطاع الخاص من قيادة نمو اقتصادي أقوى وأكثر استدامة في مصر.

ورغم قرار دمج المراجعتين وما يترتب عليه من تأجيل صرف الشريحة المالية الخامسة، يرى الصندوق أن مصر تواصل إحراز تقدم في إطار برنامجها للإصلاح الاقتصادي الكلي، مشيرا إلى تحسينات ملحوظة في التضخم وفي مستوى احتياطيات النقد الأجنبي التي ارتفعت.

ماذا يعني قرار صندوق النقد تأجيل المراجعة الخامسة ودمجها مع السادسة؟

بحسب المتحدثة باسم الصندوق، فإن قرار الدمج يهدف إلى منح السلطات مزيدا من الوقت لاستكمال الإجراءات الأساسية، وخاصة تقليص دور الدولة في الاقتصاد، وتسريع تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، إلى جانب المضي قدما في الإصلاحات الضريبية الهيكلية.

ومن شأن قرار الدمج تأجيل صرف شريحة تمويلية جديدة لم يتم تحديد حجمها لكن الشريحة الرابعة كانت بمقدار 1.2 مليار دولار، ليصل إجمالي المبالغ المقدمة من الصندوق إلى مصر نحو 3.5 مليارات دولار منذ بدء البرنامج في مارس/آذار 2024.

كان مجلس النواب المصري أقر، الأسبوع الماضي، تعديلات جديدة على قانون ضريبة القيمة المضافة تشمل المقاولات والسجائر والمشروبات الكحولية إلى جانب استحداث ضريبة قيمة مضافة على البترول الخام.

هل هي المرة الأولى التي يقرر صندوق النقد تأجيل مراجعته لمصر؟

قال عضو اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي بمجلس الوزراء، محمد فؤاد، إن "قرار الصندوق ليس هو الأول من نوعه لمصر ولكنه سلبي على المدى القصير، ويحمل مؤشرا واضحا على عدم إحراز تقدم ملموس في تعهد الحكومة بتقليص بصمة الدولة في النشاط الاقتصادي وإفساح المجال للقطاع الخاص، كما أن الصندوق يرى في الإصلاحات الضريبية مجرد خطوات "إدارية" وليست "هيكلية".

وبشأن تأثير القرار على الاقتصاد المصري، أوضح فؤاد لـ(الجزيرة نت) أن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج صندوق النقد، ومن ثم تأخر صرف الشريحة التمويلية الجديدة سيشكل مزيدا من الضغط على ميزان المدفوعات المصري، في ظل اعتماد الحكومة على هذه الشرائح لسداد جزء من التزاماتها المالية، خصوصا أقساط القروض القائمة.

ما تداعيات تأجيل صرف الشريحة الخامسة على الاقتصاد المصري؟

لم يقتصر القلق، وفق فؤاد، على الجانب المالي الداخلي، بل امتد إلى شراكات التمويل الخارجي؛ إذ حذر من احتمال تأثر الشريحة الثانية من دعم الاتحاد الأوروبي المخصص لمصر، نظرا لارتباطه الوثيق باستمرار التنسيق مع صندوق النقد.

كان البرلمان الأوروبي وافق في أبريل/نيسان 2025 على صرف 4 مليارات يورو (4.68 مليارات دولار) كشريحة ثانية من حزمة دعم مالي كلي بقيمة 5 مليارات يورو (5.85 مليارات دولار)، بعد تسلم مصر مليار يورو (1.17 مليار دولار) منها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

إعلان

ورغم هذه الملاحظات، استبعد فؤاد أن يؤدي قرار التأجيل إلى أزمة في سعر الصرف أو نقص في العملة الأجنبية، مؤكدا وجود تدفقات قوية للأموال الساخنة، وتعافٍ ملحوظ في السياحة، إلى جانب ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج.

هل كان قرار تأجيل المراجعة الخامسة مفاجئا لمصر ولماذا؟

قال الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار إن قرار صندوق النقد الدولي بدمج المراجعتين الخامسة والسادسة جاء مخالفًا لتوقعات الحكومة المصرية، موضحًا أن "الأسباب الرئيسية وراء هذه الخطوة تتمثل في تباطؤ تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وعلى رأسها تقليص دور الدولة في الاقتصاد، وعدم رفع حصيلة الضرائب إلى نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ لا تزال عند 13%".

ولفت نوار، في تصريحات لـ(الجزيرة نت)، إلى أن الصندوق طالب بإعادة النظر في قائمة الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة، فضلا عن مراجعة الامتيازات الممنوحة لبعض الكيانات مثل صناديق الاستثمار السيادية.

ما رؤية الحكومة المصرية لزيادة حصيلة الضرائب؟

في هذا السياق، أقر البرلمان الشهر الماضي بروتوكولا يعفي صندوق مصر السيادي والشركة "القابضة" التابعة لصندوق أبو ظبي من الضرائب، وهو ما اعتبره الخبير "تحديًّا صارخًا" لمطالب الصندوق المتعلقة بالعدالة الضريبية، في حين تُظهر رؤية الحكومة لزيادة حصيلة الضرائب أنها "توسيع للقاعدة الضريبية"، وهو ما يعني عمليا زيادة الأعباء الضريبية والرسوم على المواطنين.

هل حققت الحكومة المصرية تقدمًا في برنامج الطروحات؟

رغم تعهدات الحكومة، يراوح برنامج الطروحات الحكومية مكانه، إذ يرى الصندوق أن القرض الممنوح لمصر ليس مجرد دعم مالي، بل أداة إصلاح هيكلي تهدف إلى تمكين القطاع الخاص، وتخارج الدولة من النشاط الاقتصادي المباشر، ويرى نوار أن الصندوق غير راضٍ عن وتيرة التنفيذ، ويضغط في اتجاه تسريع التخارج وتفعيل المنافسة الحرة في السوق.

ما حجم الضغوط المالية على مصر ومستقبل التوقعات؟

حذّر الخبير الاقتصادي من أن تأجيل صرف الشريحة التالية يمثل تحديا إضافيا للمالية العامة، خاصة أن الحكومة كانت تعوّل على المبلغ لسداد التزامات لصالح الصندوق، بالتالي فإن الخيارات أمام مصر ستنحصر في إصدار صكوك سيادية جديدة أو اللجوء إلى أسواق القروض الدولية بأسعار فائدة مرتفعة.

وخلص نوار إلى أن هذا الواقع المالي الصعب، إلى جانب سياسة الفائدة المرتفعة، سيؤديان إلى بقاء التضخم عند مستويات مرتفعة، ما يفرض ضغوطًا إضافية على الجنيه ويجعل انطلاقة العام المالي الجديد شديدة الصعوبة.

ماذا حققت مصر من برنامج الطروحات حتى الآن؟

منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن خطة لطرح ما لا يقل عن 10 شركات حكومية خلال عام 2025، من بينها 4 شركات تابعة للجيش هي (وطنية، وصافي، وشل أوت، وسايلو)، إلا أن هذه الوعود لم تُترجم حتى الآن إلى خطوات فعلية على أرض الواقع.

حققت مصر 6 مليارات دولار من خلال تنفيذ 21 صفقة منذ بدء برنامج الطروحات الحكومية على مدار السنوات الأربع الماضية رغم انضمام مؤسسة التمويل الدولية التي تعمل كمستشار إستراتيجي للحكومة في برنامج الطروحات.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار