أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في اجتماعه الأخير مع فريقه الوزاري في البيت الأبيض عن دعمه المستمر للتعريفات الجمركية التي فرضها على بعض السلع المستوردة.
وقال ترامب إن هذه التعريفات كانت تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي، وهو ما يراه خطوة حيوية لزيادة الاستثمارات داخل الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من ذلك، تظهر التقارير الاقتصادية الأخيرة أن هذه التعريفات قد أسهمت في تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، حيث أظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية أن الناتج المحلي الإجمالي قد انكمش بنسبة 0.3 في المئة في الربع الأول من العام الحالي. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2022 التي يسجل فيها الاقتصاد الأمريكي انكماشاً.
التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على السلع المستوردة، خاصة من الصين، كان لها تأثير مزدوج على الاقتصاد. فمن جهة، سعت هذه السياسات إلى حماية الصناعة المحلية وتحفيز الإنتاج الوطني، ومن جهة أخرى، خلقت ضغطاً على الشركات الأمريكية التي تعتمد على الاستيراد من الخارج، مما دفعها إلى تخزين السلع قبل زيادة التعريفات. هذا التخزين المفرط أدى إلى تراجع في النشاط الاقتصادي في بداية العام، ما ساهم في انكماش الاقتصاد.
وفي الوقت الذي يسعى فيه ترامب إلى تحميل مسؤولية التباطؤ الاقتصادي للرئيس السابق جو بايدن، يعتقد العديد من المحللين أن الاقتصاد الأمريكي كان يشهد في فترة ولاية بايدن تحسناً نسبياً بعد أزمة كورونا.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الاقتصاد الأمريكي كان ينمو بشكل متوازن قبل فرض هذه التعريفات الجمركية. ولكن سياسة ترامب، أثرت بشكل غير مباشر على التضخم وأسعار السلع، مما أثر على القدرة الشرائية للمستهلكين وأدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.
على الرغم من ذلك، أبدى ترامب تفاؤله، حيث قال من البيت الأبيض إن "الرسوم الجمركية التي فرضها، خصوصاً على الواردات من الصين وأوروبا، بدأت تؤتي ثمارها"، مؤكداً أنها "تعيد التوازن إلى ساحة المنافسة" لصالح العمال الأمريكيين. وأضاف: "نحن نُعيد الصناعات التي تخلى عنها أوباما وبايدن"، مشدداً على أن "الألم قصير الأمد يستحق المكاسب طويلة الأجل".
وجاءت تصريحات ترامب وسط تزايد القلق في الأسواق المالية، حيث انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.2 في المئة بعد صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي، كما تراجعت عوائد سندات الخزانة مع استعداد المستثمرين لاحتمال حدوث ركود. ومع ذلك، أصرت الإدارة الأمريكية على أن الانكماش "مؤقت وتقني"، مشيرة إلى التعديلات الموسمية والصدمات الخارجية مثل الارتفاع الأخير في أسعار الطاقة العالمية واستمرار الاضطرابات في سلاسل التوريد.
ووفقاً لتقرير صادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن السياسات الحمائية (وهي سياسة اقتصادية لتقييد الواردات من البلدان الأخرى) قد أدت إلى زيادة التوترات التجارية مع شركاء أمريكا الرئيسيين، مثل الصين وكندا.
وأثرت هذه التوترات سلباً على سلاسل التوريد العالمية، مما جعل الشركات الأمريكية تواجه صعوبة في الحصول على المواد الخام بتكلفة معقولة.
علاوة على ذلك، أدى هذا التباطؤ إلى زيادة نسبة البطالة في بعض القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على التصدير، وارتفع معدل البطالة في بعض المناطق الأمريكية نتيجة لتوقف الشركات عن التوسع أو خفض إنتاجها بسبب التكاليف المرتفعة المرتبطة بالتعريفات.
ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تستمر هذه التحديات الاقتصادية في التأثير على النمو الأمريكي في الأشهر القادمة.
ويشير بعض المحللين الاقتصاديين إلى أن التباطؤ الاقتصادي قد يكون بداية لما يسمى "ركود ترامب"، في إشارة إلى تأثير سياسات الرئيس الأمريكي على الاقتصاد.