آخر الأخبار

"بيروت المرفأ".. معرض لبناني يربط تاريخ العاصمة بحاضرها

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في قلب العاصمة اللبنانية، يحكي معرض "بيروت المرفأ" العلاقة المتشابكة بين المدينة ومرفئها، وكيف ازدهرت إبّان الحكم العثماني (1299-1923) مروراً بالانتداب الفرنسي (1920-1943) والاستقلال، وصولاً إلى الانفجار الذي وقع عام 2020.

يحاول القائمون على المعرض، وهم مجموعة من المهندسين المعماريين والباحثين والأساتذة الجامعيين، تذكير الجمهور بتاريخ المرفأ منذ عام 1830، في محاولة لتمهيد الطريق نحو وضع تصوّر لإعادة إعماره وتطويره بما لا ينفصل عن تاريخ بيروت وثقافتها.

مصدر الصورة جانب من المعرض (الأناضول)

وقد انطلق المعرض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ويتواصل حتى فبراير/شباط المقبل، ويمتد على مساحة الطابق الثالث من "بيت بيروت" أو "مبنى بركات" إحدى أقدم عمارات بيروت الحديثة.

ويبدو المعرض أشبه بقاعدة بيانات وخريطة زمنية تحمل أبعاداً تاريخية، وتُؤسّس لربط الميناء بتاريخ المدينة واستعادة دورهما المتكامل الذي صنع هوية بيروت، المدينة المتوسطيّة المفتوحة على البحر والمترابطة مع محيطها، وفقاً لمنسقي المعرض.

وباقتباس الروائي اللبناني إلياس خوري فإن "بيروت مرفأٌ أُنشئت له مدينةٌ" ويقدّم المعرض، إلى جانب الخرائط الزمنية، شريط فيديو ثلاثي الأبعاد يوضح حجم الأضرار التي أصابت المدينة والمرفأ عقب الانفجار.

مصدر الصورة جانب من المعرض (الأناضول)

الدمار حاضر

وبعد مرور 5 سنوات على الانفجار، لا تزال أجزاء كبيرة من المرفأ أرضاً مهجورة مدمّرة.

وقد خَلَّف انفجار المرفأ، الذي وقع في أغسطس/آب 2020، أكثر من 220 قتيلاً و7 آلاف جريح، ولم تنتهِ التحقيقات القضائية بعد لمعرفة حقيقة هذا الانفجار وأسبابه.

كما تسبّب الانفجار، الذي صُنِّف رابع أقوى انفجار غير نووي في العالم، بأضرار مادية هائلة طالت أجزاء واسعة من بيروت التي ما زالت تئنّ تحت وطأة أزمة اقتصادية حادّة تعاني منها البلاد.

إعلان

ووفق تقديرات رسمية، فإن الانفجار وقع في العنبر رقم 12، الذي كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، وكانت مصادَرة من إحدى السفن ومخزَّنة منذ عام 2014.

وتبلغ تكلفة إعادة إعمار وتطوير مرفأ بيروت بين 50 و100 مليون دولار، وفق تقديرات حكومية.

مصدر الصورة "هالة يونس" مهندسة معمارية وباحثة وأستاذة جامعية وإحدى منسقات المعرض (الأناضول)

ازدهار بقرار عثماني

وتشرح هالة يونس، وهي مهندسة معمارية وباحثة وأستاذة جامعية وإحدى منسّقات المعرض، كيف أن قراراً عثمانياً حوّل بيروت من قرية إلى مدينة متطوّرة منفتحة على العالم وتربط الغرب بالشرق.

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، قالت المهندسة "صحيح أن بيروت مدينة قديمة جداً تعود إلى الحقبتين الفينيقية والرومانية، لكن في التاريخ الحديث اتخذ الحاكم إبراهيم باشا (عام 1832) قراراً مهماً بإنشاء مركز حجر صحي ملاصق للمرفأ".

وهذا القرار جعل مدينة بيروت ومرفأها ممرّاً إلزامياً للتجارة في المنطقة، عبر السفن القادمة من أوروبا إلى الشرق، وكي لا تنقل الطاعون والكوليرا كان لا بدّ أن تمرّ بهذا المركز الصحي الواقع في بيروت، بحسب منسقة المعرض.

وأضافت "وهكذا كبرت المدينة الحديثة ومرّت بحقب تاريخية متعددة، كما ازدهرت كثيراً بعد إقفال مرفأ حيفا (إبان النكبة عام 1948) إلى أن وقع انفجار 2020 الذي دمّر بيروت والمرفأ ووضع مستقبلهما في مهبّ الريح".

مصدر الصورة جانب من المعرض (الأناضول)

وشهد المرفأ تحوّلاً كبيراً آخر خلال العهد العثماني، إذ منحت السلطنة عام 1895 امتيازاً لشركة خاصة لتطوير مرفأ بيروت وتشغيل خطوط السكك الحديدية، مما أدى إلى ربط المدينة بدمشق ثم العراق وصولاً إلى طهران، وفقاً للمهندسة.

وقد أُنشئت السكك الحديدية عندما قررت الدولة العثمانية، وتحديداً في عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909) مدّ سكك حديدية تربط بين إسطنبول والحجاز لتسهيل وصول الحجاج إلى بيت الله الحرام.

وبقيت حركة القطارات بين مختلف المناطق اللبنانية جنوباً وشرقاً وشمالاً، إلى أن توقفت عن العمل خلال الحرب الأهلية (1975-1990) كما تسببت الحروب الإسرائيلية على لبنان بتضرر أجزاء من السكك الحديدية.

وقالت هالة "الغاية من المعرض هي الإضاءة على العلاقة التاريخية والترابط بين بيروت ومرفئها، وللإشارة إلى أن إعادة إعمار المرفأ مشروع سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي".

مصدر الصورة "منى حلاق" مهندسة معمارية وإحدى منسقات المعرض (الأناضول)

الحقبة مستمرة

بدورها، قالت منى حلاق، وهي مهندسة معمارية وإحدى منسّقات المعرض، إنّ "هدف المعرض أن يعرّف الناس بتاريخ هذه المدينة وحاضرها، وأن يشعروا بأنّ لهم دوراً في مستقبلها".

وأضافت المهندسة "حاضر المدينة يبدأ من الحقبة العثمانية حتى اليوم، لأن هذا ما نزال نراه ونعيشه يومياً، ولم يتحوّل بعد إلى آثار".

وأشارت إلى أنّ "الحقبة ما قبل العثمانية نعتبرها آثاراً من الماضي، أمّا بيروت التي نعيشها اليوم فهي التي بدأت خلال الحقبة العثمانية، وما قبل ذلك تاريخ قديم وآثار لا نشاهدها أو نعيشها في يومياتنا".

ومن أبرز الأبنية والمنشآت العثمانية التي لا تزال قائمة في بيروت: السراي الحكومي الكبير، مقر وزارة الداخلية، برج الساعة الحميدية، حديقة الصنائع، قصر سرسق، إضافة إلى العديد من الأبنية السكنية.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار