آخر الأخبار

مواعيد مكاتب الأجانب المستحيلة.. هل تهدم مسارات في ألمانيا؟

شارك
يضطر الكثير من المهاجرين الانتظار طويلا للحصول على موعد من مكتب الأجانب.صورة من: Vladimir Menck/SULUPRESS/picture alliance

دينا، سيدة سورية تعيش اليوم رفقة ابنها في مولهايم التابعة لمدينة كولن الألمانية، أتت إلى ألمانيا منذ عشر سنوات كطالبة لجوء، أملا في بناء مسار أفضل وأكثر أمانا واستقرارا، بعيدا عن أهوال الحرب الأهلية السورية.

لكن يبدو أن هذه السيدة لم تحسب حساب حرب بيروقراطية ستخوضها بعد معركة مع نفسها لتجد لنفسها مكانا في مجتمع جديد، تؤكد أنه سهل لها بداية سبل التعلم و الدراسة ، لما يناهز ثلاث سنوات، لتقرر بعدها العمل .

عملت في مجالات عديدة، إلى أن اختارت أن يكون مجال آخر تدريب خاضته في ألمانيا والذي يعاني من خصاص شديد في اليد العاملة مجالها المهني، وحصلت فيه على فرصة، بعدما حازت على شهادة معلمة في روضة أطفال.

"عملت في روضة لمدة خمسة أشهر، وخلال هذه الفترة انتهت مدة صلاحية إقامتي، ومديري في العمل طلب وثيقة تثبت أنني سأحصل على إقامة جديدة، أو تمديد لها"، تحكي دينا.

حاولت المتحدثة الحصول على موعد أو أي وثيقة لتستمر في عملها حسب ما تحكيه في حوار مع مهاجر نيوز نهاية شهر مارس، لكنها لم تتمكن من ذلك منذ شهر ديسمبر إلى اليوم، إذ تقول "لم أتلق أي رد على رسائل وطلبات بعثتها عبر الإيميل، ولا على اتصالاتي بالمكتب المعني، كما أن ذهابي إلى مكتب الأجانب لأجل إيجاد حل لم يعط نتيجة، لأنهم يمنعونني من الدخول".

تقول دينا إنها ليست الوحيدة التي تعاني من نتائج هذا الأمر، وأن هذه المنطقة معروفة بالتأخر الكبير في تجديد الإقامات لمدة انتظار تصل إلى سنة وسنتين. وتضيف "عندما نسأل عن الأسباب، يخبروننا أن لديهم ضغط عمل بسبب كثرة الملفات، لكني بما أن أعدادا كبيرة من الأجانب هنا يعانون من المشكلة ذاتها، فأنا أتسائل: أي عمل يقومون به طوال هذه السنوات؟".

لاجئون في مكتب للعمل في مدينة كوتبوس في شرق ألمانيا (ارشيف)صورة من: Rainer Weisflog/IMAGO

البيروقراطية وعدم توفر المواعيد أفقدوها عملها!

تقول دينا بغضب: "لقد ضاع مني عملي كما الكثيرين، وهناك من فقد فرصة تدريب مهني بعدما كان قد اجتهد كثيرا للحصول عليها".

ولم تتوقف أضرار عدم تحصيل موعد لأجل القيام بالإجراءات اللازمة لتجديد بطاقة الإقامة فقط على عملها، بل تجاوز الأمر ذلك ليسبب ضررا آخر حسبما تروي: "كنت أجهز ملفي للحصول على الجنسية بعدما استوفيت كل الشروط، لكني اليوم أفقد هذا الحق أيضا رغم أن الخطأ ليس خطئي، فلم يدخل لحسابي أي معونة منذ فقدت عملي".

ديون تتراكم.. ولا حلول من مكتب العمل!

المشاكل المادية تفاقمت في حياة دينا، فبينما لم يعد لديها مورد مالي لإعالة نفسها وابنها، رفض مكتب العمل "الجوب سنتر" تسجيلها للاستفادة من الإعانات، فحسب ما شُرِحَ لها، "يُشترط أن أكون حاصلة على إقامة سارية على الأقل لستة أشهر لأجل الاستفادة، رغم أنهم كإدارة ألمانية يعلمون أن المشكل من إدارة أخرى وليس مني، والموظف المسؤول عني أفصح ببرود على أن الأمر لا يهمه، لقد كان الأمر مستفزا".

وتضيف المتحدثة "وضعي المادي صار صعبا، لا أتوصل بأي مال لا من عمل ولا مساعدات، كل ما استطعت فعله هو الحصول على قروض من كل معارفي لأجل دفع الإيجار لصاحب المنزل وأهم الفواتير طوال هذه الأشهر، لكن الأمر لم يعد ممكنا بعد الآن".

وتضيف السيدة السورية محتجة: "بهذه الطريقة، هم يدفعون الأجانب للعمل في السوق السوداء، وبعدها يبعثون لنا مخالفات وغرامات. الأمر لا يُطاق فعلا".

إيجاد مواعيد متاحة لدى مكاتب الأجانب في ألمانيا صار أمرا صعبا في مختلف الولايات والمدن.صورة من: Patrick Pleul/dpa/picture alliance

الإبن في مأزق أيضا!

إقامة ابن دينا البالغ من العمر 13 سنة صارت منتهية الصلاحية منذ شهر يوليو/تموز 2024 أيضا، وتحكي حول محاولاتها تجديدها قائلة: "كنت يوما داخل مكتب الموظف لأجل تقديم وثائق، فطلبت منه مباشرة أن يمنحني موعدا، لكنه رفض، قال لي ابعثي بريدا إلكترونيا".

وتضيف "أما إقامتي، فقد كانت سارية إلى غاية 16 فبراير/شباط، لكنني أحاول قبل ذلك بأشهر الحصول على موعد، ولم أنجح". والأصعب في الموضوع في رأي المتحدثة، أنها وابنها لم يعد لديهما تأمين الصحي".

تتساءل دينا قائلة: "كيف لي أن أرعى نفسي وابني ونعيش مستقرين بينما إدارات هذا البلد هي التي تسبب لنا الأزمة، عملت لأكثر من عشر سنوات هنا بعدما درست وتدربت وأنا الآن معرضة للتشرد رفقة ابني. لماذا لايستحضرون اليوم حقوق الطفل الآن ويبادرون لمساعدتي؟ لماذا لا يتدخلون في مثل هذه الحالات"؟.

لقد أكدت المتحدثة أنها طلبت مساعدة مكتب رعاية الأطفال بالمدينة أكثر من مرة، وقالت إنه يتم إعطاؤها أرقاما في كل مرة، وكلما اتصلت وجدت موظفا يمنحنها رقما هاتفيا جديدا. كما أوضحت أنه "لأجل تجديد إقامة ابني، طلبوا مني تجديد جواز سفره السوري، لكن الآن لا يمكنني توفير جواز جديد له، لأنني لا أتوفر على وثائق إقامة ولا يمكن أن أغادر ألمانيا، وأيضا السفارة السورية لم تعمل بعد. فما الحل؟".

وترى المتحدثة، أن كل الجهد الذي بذلته طوال عشر سنوات لأجل الوصول إلى الإحساس بالاستقرار بتسوية وضعيتها القانونية والحصول على الجنسية، تم هدمه ببساطة، وهو ما سبب لها إحباطا كبيرا، حسب قولها.

المسؤولون يردون!

تواصل مهاجر نيوز مع مكتب التواصل مع الإعلام بمدينة كولن، عارضا الحالة وموجها أسئلة حول الموضوع، وقد توصل الفريق برد مفاده، أنه "من الناحية القانونية كل شخص لديه وثيقة "فيكسيون بشياينيغونغ" أي "تصريح إقامة مؤقت" مخول في الاستمرار في ممارسة عمله. فهذه الوثيقة تبقى سارية المفعول إلى أن يتم البت بأمور مثل تمديد الإقامة أو الحصول على إقامة دائمة وغيرها".

وأضاف المتحدث في رده "لإثبات صلاحية وثيقة "فيكسيون بشياينيغونغ" لرب العمل، توفر دائرة شؤون الأجانب في كولن إمكانية الحصول على رسالة عبر موقعها الالكتروني تحت هذا العنوان.

كما أضاف المتحدث في رسالته عبر البريد الإلكتروني، أن "بلدية كولن أنشأت مكتب طوارئ يساعد هذا المكتب على تجديد وثيقة "تصريح الإقامة المؤقت" لمدة 6 أشهر في حال انتهت صلاحيتها أوأنها على وشك الانتهاء". هذه الحلول، لم تكن دينا تعلم بها، لأنها حسب ما تحكيه، كلما توجهت لمكتب الأجانب، كانت تسمع أن الحل الوحيد أمامها هو مراسلتهم عبر الإيميل.

مهاجر نيوز 2025

DW المصدر: DW
شارك

حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار