عاد الجدل بين الجزائر وفرنسا بشأن برج إيفل الشهير في باريس للواجهة مجددا، وهذه المرة عبر ادعاءات نشرتها حسابات على منصات التواصل الاجتماعي بأن الجزائر أعلنت نيتها المطالبة بشراء البرج مقابل مبلغ زهيد أو استرداد الحديد المصنوع منه، بزعم سرقته من بلادها إبان الاستعمار الفرنسي.
وادعت الحسابات أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن خلال الاحتفال بالذكرى الـ71 للثورة الجزائرية اعتزامه مطالبة فرنسا بذلك، استنادا إلى أن الحديد المستخدم في البناء من مصادر جزائرية.
ويرى بعض الجزائريين أن البرج شُيد باستخدام حديد جزائري مستخرج من منجمي زاكار والروينة في مدينتي عين الدفلى وخميس مليانة، الواقعتين على بعد نحو 150 كيلومترا غرب العاصمة الجزائرية.
ونشر حساب "فرونس أكتو" على منصة "تيك توك" -الذي يتابعه نحو 70 ألف شخص- تقريرا يحاكي التقارير الإخبارية أكد إعلان الجزائر نيتها "إعادة شراء برج إيفل" من فرنسا بمبلغ زهيد، بحجة أن الحديد المستخدم جزائري المنشأ.
@france__actuL’Algérie veut racheter la Tour Eiffel à la France. #maghreb #algerie #toureiffel #paris #france
♬ Mysterious and sad BGM(1120058) – S and N
وعرض المقطع جزءا من خطاب لتبون دون صوت واضح، صاحبه تعليق صوتي أفاد بأنه يريد إعادة شراء البرج مقابل مليون دينار جزائري فقط (ما يعادل 6600 يورو) وستصبح تسميته "برج إيفل الجزائري".
وأخذ الادعاء منحى أكثر درامية، إذ نشر حساب آخر على المنصة ذاتها مقطع فيديو زعم فيه أن الرئيس تبون أصدر إنذارا نهائيا لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون مدته 24 ساعة لإعادة أجزاء من البرج إلى الجزائر.
وادعى المقطع أن وفدا جزائريا توجه إلى قصر الإليزيه لتسليم مطالب وصفت بأنها "حاسمة"، بينما عقد ماكرون اجتماعا طارئا مع رئيس وزرائه لمناقشة الرد.
وأضاف الفيديو أن مهندسين فرنسيين تمركزوا قرب برج إيفل استعدادا لأي تطورات، محذرا من أن انتهاء المهلة سيؤدي إلى فوضى في فرنسا.
@mecpuceau_informations de dernière minute: c’est fini pour la France. la tour Eiffel est revendiqué… #france #espagne #italie
وحسب الفيديو ذاته، طالب تبون بمنح كل الجزائريين المقيمين في فرنسا الجنسية الفرنسية، وفقا لأحكام تلك الاتفاقية، أو إعادتهم إلى الجزائر "من دون استثناء".
كما نشر حساب آخر على المنصة مقطع فيديو وصف فيه الخبر بالصدمة، وسرد رواية مفادها أن ماكرون والحكومة الفرنسية في حالة من الذعر التام.
@halheri1#france #francaise #macron #elysee #actu #alger #algerie🇩🇿
في ظل انتشار الادعاء، أجرى فريق "الجزيرة تحقق" بحثا عن صحة المزاعم المنشورة، حيث تبين أن جميع المقاطع والصور المعتمدة تم تجميعها من لقطات قديمة، ولم يجد أي تصريح للرئيس الجزائري عن برج إيفل.
كما اقتصرت كلمة تبون -التي نشرتها رئاسة الجمهورية الجزائرية على صفحتها في فيسبوك بمناسبة عيد الثورة- على التذكير بتضحيات الشعب الجزائري في مقاومة الاستعمار الفرنسي.
كما نشرت صفحة الرئاسة الجزائرية نص رسالة تهنئة من الرئيس الفرنسي لنظيره الجزائري بمناسبة إحياء ذكرى الثورة جاء فيها: "بمناسبة إحياء ذكرى أول نوفمبر (تشرين الثاني)، أود أن أقدم لكم ولكل الشعب الجزائري تهانيّ الحارة وأطيب التمنيات"، وهو ما ينفي الادعاءات السابقة.
وبالبحث في المصادر الرسمية الفرنسية ووسائل الإعلام الموثوقة، تبين أن الأخبار المتداولة بشأن شراء برج إيفل أو المطالبة باستعادته لا أساس لها من الصحة.
كما يؤكد الموقع الرسمي لبرج إيفل بأن الحديد المستخدم في بناء المعلم الشهير جاء من مصانع "سوسيتيه دي أوت فورنو، فورج إيه أسيريس دي بومبي" قرب مدينة نانسي في منطقة لورين، شرق فرنسا، قبل أن يجمع في مصانع إيفل وينقل إلى موقع البناء.
يذكر أن وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز أقر مؤخرا بضرورة "استئناف الحوار" مع الجزائر بعد انقطاع التعاون الأمني بين الجانبين، مشيرا إلى أهمية استعادة قنوات التواصل في القضايا المشتركة.
    
    
        المصدر:
        
             الجزيرة