ابتكر فريق من العلماء طريقة غير تقليدية لمحاربة البعوض الناقل للأمراض، قد تمثل اختراقا حاسما في جهود القضاء على الملاريا، المرض الذي يحصد أرواح أكثر من 600 ألف شخص سنويا.
وتتضمن الطريقة المتبكرة فطرا قاتلا ينتقل خلال عملية التزاوج، ويقضي على الإناث بعد أيام من إصابتها. ويقول العلماء إن الذكاء في هذا النهج يكمن في استغلال غريزة البعوض الأساسية: التكاثر. وبدلا من مهاجمة الإناث مباشرة كما تفعل المبيدات، تُحمّل الذكور بجراثيم فطرية قاتلة، لتقوم بنقلها خلال عملية التزاوج، ما يؤدي إلى إصابة الإناث وموت معظمها في غضون أسبوعين.
ويعتمد الأسلوب على فطر معدل وراثيا يعرف باسم Metarhizium، تم تعزيزه بإنتاج سمّ عصبي قاتل للحشرات. ويخترق الفطر جسد الأنثى أثناء التزاوج وينتشر داخليا حتى يؤدي إلى نفوقها خلال أيام.
وفي التجارب الميدانية التي أجريت في بوركينا فاسو، تزاوجت ذكور مصابة بالفطر مع الإناث، وأظهرت النتائج أن 90% من تلك الإناث نفقت خلال أسبوعين فقط، مقارنة بـ4% فقط من مجموعة المقارنة.
ويشير البروفيسور ريموند سانت ليجر، أستاذ علم الحشرات بجامعة ماريلاند والمشرف على الدراسة، إلى أن هذا النهج يمثل "ضربة مزدوجة"، حيث لا يكتفي الفطر بقتل البعوض، بل يجعل المصاب أكثر عرضة أيضا للمبيدات التقليدية.
ويؤكد سانت ليجر أن الفطر لا يشكّل خطرا على البشر، ولا يتسبب في تغيير سلوك الإناث؛ إذ لم تظهر أي نفور من الذكور المصابة، ما يبقي على معدلات التزاوج الطبيعية ويزيد من فاعلية الانتشار.
لماذا هذا النهج مختلف؟
فقدت الطرق التقليدية مثل رش المبيدات أو استخدام الناموسيات، الكثير من فعاليتها مع تطور البعوض وتكيّفه معها. فعلى سبيل المثال، غيّر البعوض أوقات نشاطه ومواقعه لتفادي الرش والمبيدات، ما استدعى حلولا تتماشى مع سلوكه بدلا من مقاومته.
ويتميّز الفطر المعدّل بأنه يحقّق هذا الهدف، إذ يستغل سلوك البعوض ذاته لنشر العدوى، دون الحاجة إلى تدخل بشري مستمر أو بيئة معينة.
وبما أن هذا النوع من الفطر يُستخدم بالفعل في الزراعة لمكافحة الحشرات، فإن تعديله ليهاجم البعوض قد يساهم في تطبيقه على نطاق أوسع، خاصة في المناطق الموبوءة.
وتمثل هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة Scientific Reports، خطوة مبشرة في مساعي السيطرة على الملاريا، وتفتح بابا أمام تطوير وسائل بيولوجية دقيقة وفعالة، تعمل إلى جانب الأدوات التقليدية.
المصدر: interesting engineering