آخر الأخبار

لقاء ترمب ونتنياهو.. انحياز أمريكي وتعزيز للنفوذ الإسرائيلي في المنطقة

شارك

- د. حسين الديك: اللقاء أظهر توافقاً شبه كامل في الملفات الكبرى خاصة ملف قطاع غزة والانتقال إلى المرحلة الثانية..
- خليل شاهين: المرحلة المقبلة قد تشهد خطوات استعراضية لترمب دون تنفيذ يغيّر الواقع في قطاع غزة..
- د. أحمد رفيق عوض: الإدارة الأميركية تراجعت عن الجدية بتطبيق "خطة ترمب" ونتنياهو نجح بتفريغ الضغط لدفع مسار الاتفاق..
- محمد الرجوب: اللقاء يؤكد متانة التحالف بين واشنطن وتل أبيب لكنه كشف عن تناقضات استراتيجية عميقة حول مستقبل الضفة..
- د. قصي حامد: الملف الأكثر تعقيداً هو ملف الضفة وترمب لا يرغب في الوصول لانهيار السلطة أو اندلاع مواجهة واسعة..
- د. رائد أبو بدوية: أخطر ما في اللقاء تحويل الضفة الغربية إلى الثمن السياسي المباشر للتفاهم بين نتنياهو وترمب..


يشكل اللقاء الأخير بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعزيزاً واضحاً نحو النفوذ الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط وتجاهلا مقصوداً لحقوق الفلسطينيين، حيث بدا ترمب يتبنى الرؤية الإسرائيلية بالكامل.
وبحسب كتاب ومحللين سياسيين ومختصين وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع ”ے”، فإن اللقاء كشف عن دعم ترمب المفتوح لنتنياهو، ما عزز موقعه السياسي داخلياً وأتاح له إدارة الملفات الفلسطينية بطريقة تخدم مصالحه الانتخابية دون تقديم أي تنازلات حقيقية، وكذلك تعزيزاً للنفوذ الإسرائيلي في المنطقة.
ويرى الكتاب والمختصون وأساتذة الجامعات أنه رغم الحديث عن خطوات نحو المرحلة الثانية في قطاع غزة وإعادة الإعمار، إلا أن الواقع الميداني لم يتغير، حيث بقيت السيطرة الإسرائيلية على المعابر والتحكم في المساعدات قائماً، دون الضغط على الاحتلال لتغيير سياساته، مع ترك المجال لنتنياهو لاستثمار تصريحات ترمب لتعزيز صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي.
محطة مفصلية وانتصار سياسي لنتنياهو..
يؤكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والمختص بالشأن الأمريكي د. حسين الديك أن اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في منتجع مارلاغو بولاية فلوريدا شكّل محطة مفصلية في رسم خارطة الشرق الأوسط المقبلة، ويمثل في جوهره انتصاراً سياسياً واضحاً لنتنياهو، الذي خرج من اللقاء محققاً معظم ما يطمح إليه، سواء على الصعيد الإقليمي أو على مستوى الساحة السياسية الداخلية الإسرائيلية.
ويوضح الديك أن نتنياهو، الذي يعاني من تراجع حاد في استطلاعات الرأي وعدم قدرته على ضمان أغلبية مستقبلية له ولحلفائه من اليمين، استفاد بشكل كبير من الإشادة غير المسبوقة التي قدمها ترمب له، حين وصفه بـ"الرجل العظيم وبطل الحرب"، معتبراً أن هذه التصريحات تندرج في إطار حملة دعائية انتخابية مبكرة موجهة للرأي العام والمجتمع الإسرائيلي.
ويشير الديك إلى أن لهذه التصريحات أثراً بالغاً داخل إسرائيل، في ظل الثقة الكبيرة التي يكنّها المجتمع الإسرائيلي لترمب، بوصفه الرئيس الذي ارتبط اسمه بإطلاق سراح أسرى إسرائيليين من قطاع غزة، وبالعلاقة الخاصة والاستثنائية بين واشنطن وتل أبيب.
ويبيّن الديك أن نتنياهو، المعروف بدهائه السياسي، نجح في إدارة اللقاء وتطويع مخرجاته لصالحه، مستفيداً من تحركات مسبقة قام بها اللوبي الصهيوني وحلفاؤه في الولايات المتحدة، من أصحاب النفوذ المالي والاقتصادي والعلاقات الواسعة مع الكونغرس والإدارة الأمريكية.
ويشير الديك إلى أن إسرائيل، التي تراجعت مكانتها داخل المجتمع الأمريكي خلال العامين الماضيين، أعادت تنشيط عمل منظماتها ولوبياتها، إلى جانب المسيحيين الإنجيليين وجماعات "ماغا"، للتأثير في الرأي العام الأمريكي وإعادة ترميم صورتها.
وعلى الصعيد الخارجي، يؤكد الديك أن اللقاء أظهر توافقاً شبه كامل في الملفات الكبرى، خاصة ملف قطاع غزة والانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية.
سيناريو"خطة شرق الشمس" بديلًا للمرحلة الثانية..
ويوضح الديك أن حديث ترمب عن إعادة إعمار قريبة يرتبط بتفعيل بند في الخطة الأمريكية يسمح بإعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي في حال تعثر الانتقال للمرحلة الثانية، في إشارة إلى ما يُعرف بـ"خطة شروق الشمس" التي يُتوقع أن تبدأ من رفح، وهو أمر يوجه رسالة بأن خطة ترمب ما زالت ماضية قدماً، وأن نتنياهو لم يشكل عائقاً أمامها.
ويشير الديك إلى أن احتمالات إعادة فتح معبر رفح، وإدخال المساعدات الإنسانية وفق الآليات المتفق عليها، قد تشكل إنجازات ملموسة إذا تحققت، وتمنح ترامب فرصة لتسويق نجاح سياسي داخلياً ودولياً.
ويستبعد الديك في المقابل، تحقق سيناريو نزع سلاح حماس بشكل سريع، معتبراً أن هذا المسار يحتاج إلى وقت طويل، وربما سنوات، كما أظهرت تجارب دولية سابقة، لافتاً إلى وجود تباين بين التقديرات الإسرائيلية والمصرية والأمريكية حول الإطار الزمني لهذه العملية.
وحول إدارة قطاع غزة، يوضح الديك أن الحديث عن لجنة تكنوقراط فلسطينية لا يزال يواجه عقبات كبيرة، في ظل غياب مرجعية واضحة، ورفض إسرائيلي وأمريكي لارتباطها بالسلطة الفلسطينية، إضافة إلى تعقيدات أمنية ووجود مليشيات مسلحة وأزمة إنسانية خانقة، ما يجعل عمل أي حكومة تكنوقراط محفوفاً بالمخاطر.
أما بما يتعلق بملف الضفة الغربية، يرى الديك أن هناك تبايناً بين ترمب ونتنياهو، مع وجود ضغط أمريكي لوقف اعتداءات المستوطنين، في حين شهدت ملفات إيران ولبنان وسوريا توافقاً واسعاً، مع منح نتنياهو ضوءاً أخضر لعمل عسكري محتمل ضد إيران، وإن كان مؤجلاً بسبب الأوضاع الداخلية الإيرانية، خشية أن يؤدي أي هجوم إلى توحيد الشارع الإيراني خلف النظام.
إبطاء المسار الانتقالي نحو المرحلة الثانية..
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن نتائج اللقاءات التي عقدها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى جانب اجتماعاته مع وزير الخارجية والمستشارين المقربين من ترمب، تشير بوضوح إلى نجاح نتنياهو في إبطاء المسار الانتقالي نحو تنفيذ القضايا المرتبطة بالمرحلة الثانية من خطة ترمب الخاصة بقطاع غزة.
ويوضح شاهين أن هذا الإبطاء كان أحد الأهداف الأساسية لنتنياهو، الذي يدرك صعوبة إقناع ترمب بالتراجع عن خطة تحمل اسمه، وحظيت بدعم دولي واسع، بما في ذلك قرار صادر عن مجلس الأمن وعقد قمم دولية داعمة لها.
وبرغم ذلك، يحتاج ترمب – بحسب شاهين – إلى إظهار وجود تقدم ما في الانتقال إلى المرحلة الثانية، ولو كان تقدماً شكلياً ينسجم مع الوتيرة البطيئة التي يفضلها نتنياهو.
ترويج مرتبط بعام انتخابي في إسرائيل..
ويشير شاهين إلى أن الاستراتيجية التي يتبعها نتنياهو تقوم على توظيف كل عناصر التوتر الإقليمي، بما في ذلك استمرار التصعيد العسكري في غزة، والعمليات في لبنان وسوريا، إضافة إلى التلويح بحرب محتملة ضد إيران، وذلك لأغراض سياسية داخلية مرتبطة بعام انتخابي بدأ عملياً في إسرائيل.
ويلفت شاهين إلى أن نتنياهو قد يلجأ إلى تبكير موعد الانتخابات، ربما إلى منتصف العام 2026، ما يعني حاجته إلى فترة لا تقل عن ستة أشهر لاستثمار أجواء الحرب والتوتر بما يعزز حظوظه الانتخابية.
ويبيّن شاهين أن نتنياهو حريص على عدم تقديم أي خطوات يمكن أن تُفسَّر داخلياً، سواء من شركائه في الائتلاف الحاكم أو من قاعدته الانتخابية الأكثر تطرفاً، على أنها تنازلات تتماشى مع خطة ترامب.
ويضرب شاهين مثالاً على ذلك بملف معبر رفح، موضحاً أن أي خطوة من هذا النوع ستكون محدودة وقابلة للتراجع عنها في أي وقت، لأنها تتطلب انسحابات من محيط المعبر، وهو ما يصعب على نتنياهو الإقدام عليه سياسياً.
ويرى شاهين أن نتنياهو حقق مكسباً مهماً بإعادة التركيز على شرط نزع سلاح حركة حماس وكل السلاح في قطاع غزة، مستشهداً بتصريحات ترمب التي شدد فيها على ضرورة موافقة حماس على نزع سلاحها، أو اللجوء إلى فرض ذلك بالقوة حتى من قبل الدول الداعمة للخطة.
ويتوقع شاهين أن تشهد المرحلة المقبلة خطوات ذات طابع استعراضي من قبل ترمب، مثل الإعلان عن تشكيل "مجلس السلام" في يناير/كانون الثاني 2026، وربما عقد اجتماع له على هامش منتدى دافوس، إضافة إلى الحديث عن تشكيل هيئة حكم تكنوقراطية فلسطينية وقوة استقرار دولية، دون أن يرافق ذلك تنفيذ فعلي يغيّر الواقع على الأرض في قطاع غزة.
ويؤكد شاهين أن الواقع الميداني سيبقى على حاله، مع استمرار سيطرة جيش الاحتلال على نحو 58% من مساحة قطاع غزة، واحتمال توسيع هذه السيطرة، إلى جانب مواصلة الاغتيالات والتحكم بالمساعدات.
ويتوقع شاهين استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، مع تهدئة نسبية في سوريا ضمن تفاهمات غير معلنة، واستمرار الضغط على إيران مع إبقاء الخيار العسكري مطروحاً.
ويشير شاهين إلى أن المحصلة هي تقدم سياسي محدود مقابل منح نتنياهو وقتاً إضافياً يحافظ فيه على تماسك ائتلافه الحاكم، ويركز على ملفاته الداخلية، مستفيداً من دعم ترمب وتصوير نفسه أمام الرأي العام الإسرائيلي باعتباره القائد القادر على إدارة العلاقة مع واشنطن دون تقديم تنازلات حقيقية.
مخرجات اللقاء عكست خضوعًا للأجندة الإسرائيلية..
يرى الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض أن نتائج اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جاءت "مخيبة للآمال إلى حدّ كبير" في ما يخص القضية الفلسطينية عموماً، وقطاع غزة والضفة الغربية على وجه الخصوص، مؤكداً أن هذا اللقاء لم يحقق أي اختراق حقيقي يمكن البناء عليه سياسياً أو ميدانياً.
ويوضح عوض أن مخرجات اللقاء عكست بوضوح خضوع الإدارة الأميركية للأجندة الإسرائيلية في مختلف الملفات المطروحة، حيث بدا أن واشنطن تبنّت الرؤية الإسرائيلية بالكامل، سواء في القضايا السياسية أو الأمنية أو حتى الإنسانية، الأمر الذي أكد استمرار الدعم الأميركي الكبير والمتواصل لإسرائيل من دون أي شروط أو ضوابط.
ويشير عوض إلى أن الإدارة الأميركية بدت متراجعة عن أي تصميم جدي لتطبيق ما يُعرف بخطة ترمب، لافتاً إلى أن نتنياهو نجح في تفريغ الضغط الأميركي والزخم السياسي الذي كان يُعوَّل عليه لدفع مسار الاتفاق إلى الأمام، وهو ما انعكس في الموقف الأميركي غير الواضح للفلسطينيين، لكنه في المقابل كان واضحاً تماماً لإسرائيل من حيث استمرار الدعم العسكري والسياسي، وتبني التهديدات والشروط الإسرائيلية كما هي.
وبحسب عوض، فإن كثيرين راهنوا على أن يشكّل هذا اللقاء نقطة تحوّل أو مدخلاً لتغييرات ملموسة، إلا أن الوقائع أثبتت أن اللقاء لم يكن بحجم التوقعات، ولم يفضِ إلى أي حلول حقيقية أو أطروحات قابلة للتنفيذ على الأرض، في ظل غياب أي ضغط فعلي على إسرائيل أو الإدارة الأميركية من قبل الضامنين أو الوسطاء أو الأطراف الإقليمية والدولية.
دفع نحو المرحلة الثانية بمقاسات إسرائيلية..
وفي ما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة بعد اللقاء، يرجّح عوض أن تنتقل إسرائيل، بدعم أميركي، إلى ما يُسمّى بالمرحلة الثانية من الاتفاق، لكن وفق الشروط والمعايير الإسرائيلية حصراً، تماماً كما جرى تطبيق المرحلة الأولى بطريقة تخدم الأهداف الإسرائيلية.
ويوضح عوض أن ذلك قد يشمل الإبقاء على ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" كحدود أمر واقع، مع اقتطاع أكثر من نصف مساحة قطاع غزة وإبقائها تحت السيطرة الإسرائيلية.
ويلفت عوض إلى احتمال استمرار التحكم الإسرائيلي الكامل بالمساعدات الإنسانية، وبأي قوة استقرار قد يتم تشكيلها إن جرى ذلك أصلاً، إضافة إلى بقاء ملف معبر رفح عالقاً من دون أي نقاش جدي، أما في ما يخص الضفة الغربية، فإن المباحثات لم تفضِ إلى أي نتائج تُذكر.
ويحذر عوض من أن المآلات المتوقعة تشير إلى استمرار الحرب الإسرائيلية ولكن بوتيرة منخفضة مسكوت عنها، في إطار استراتيجية تهدف إلى إدارة صراع طويل الأمد تحت غطاء وقف إطلاق النار، بحيث يغيب عن الاهتمام الدولي.
ويعتبر عوض أن تبنّي الإدارة الأميركية للرؤية الإسرائيلية للمرة الثانية، رغم قرارات دولية مثل القرار 2803، يعكس عجز الضامنين عن إحداث أي تغيير حقيقي في الموقف الأميركي.
رسائل تهديد مباشرة لإيران..
يرى الأكاديمي والباحث في الإدارة العامة والعلوم السياسية محمد الرجوب أن اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو جاء ليؤكد مجدداً متانة التحالف السياسي والأمني بين واشنطن وتل أبيب، لكنه في الوقت نفسه كشف عن تناقضات استراتيجية عميقة، خصوصاً في ما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية ومخاطر دفع المنطقة نحو تصعيد إقليمي أوسع، لا سيما مع إيران.
ويوضح الرجوب أن الرسالة الأساسية التي خرج بها اللقاء تتمثل في دعم أمريكي مشدد لإسرائيل، لكنه دعم لا يخلو من ثمن دبلوماسي وإقليمي واضح.
ويشير الرجوب إلى أن اللقاء أظهر توافقاً على الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة التهدئة في قطاع غزة، غير أن هذا التوافق اقترن باشتراطات قاسية، أبرزها تفكيك سلاح حركة حماس، ما يؤكد أن الهدف ليس معالجة جذور الصراع، بل فرض تسوية زمنية من موقع القوة.
ويلفت الرجوب إلى أن اللقاء تضمن أيضاً رسائل تهديد مباشرة لإيران، في حال واصلت تطوير برنامجها الصاروخي أو تقدمت عسكرياً، معتبراً أن هذه الرسائل تعكس رغبة إدارة ترمب في فرض جدول زمني للتسوية الإقليمية دون التطرق الجدي لقضايا الاحتلال، وعلى رأسها الضفة الغربية.
ورغم التناغم الخطابي بين الطرفين، يؤكد الرجوب أن ترمب أقر بوجود خلافات مع نتنياهو حول ملف الضفة، ما يعني أن السياسة الأمريكية تجاه المستوطنات والحكم الذاتي الفلسطيني ما زالت قابلة للاحتكاك مع الموقف الإسرائيلي، وقد تتحول إلى عامل ضغط داخلي داخل إسرائيل نفسها.
وفي البعد الأمني والعسكري، يرى الرجوب أن التصريحات المتلاحقة وعقود التسليح المرتقبة تعزز فكرة أن الحماية العسكرية لإسرائيل ستبقى محور العلاقة الأمريكية معها، بغض النظر عن هوية الرئيس، الأمر الذي يرسخ توازنات قاسية في المنطقة ويرفع احتمالات المواجهة، خصوصاً مع إيران وحلفائها في لبنان وسوريا.
أما على الصعيد السياسي الداخلي، فيوضح الرجوب أن نتنياهو يسعى لاستثمار الدعم الأمريكي لتعزيز موقعه السياسي والقضائي داخلياً، في حين يبحث ترمب عن نصر دبلوماسي يعيد تقديمه كوسيط مهيمن في الشرق الأوسط، وهو تبادل يخدم أهدافاً انتخابية وشخصية للطرفين، لكنه يتم على حساب الفلسطينيين ويطيل أمد الحلول المؤقتة.
إدارة الصراع لا حله..
وحول السيناريوهات المحتملة، يرجّح الرجوب تثبيت تهدئة مشروطة في غزة مقابل تصعيد مؤجل، أو نقل الضغط إلى الضفة الغربية عبر توسيع الاستيطان وتشديد الإجراءات الأمنية.
ولم يستبعد الرجوب تصعيداً إقليمياً محسوباً مع إيران عبر ضربات محدودة أو مواجهات بالوكالة.
وفي أسوأ الاحتمالات، يحذّر الرجوب من فشل التفاهمات والعودة إلى حرب أوسع، ما يجعل اللقاء نقطة ما قبل الانفجار لا أداة للاحتواء.
ويؤكد الرجوب أن جميع هذه السيناريوهات تندرج في إطار إدارة الصراع لا حله، مشيراً إلى أن السؤال الجوهري الذي لم يجب عليه لقاء ترامب–نتنياهو يبقى: إلى متى يمكن تأجيل الانفجار دون معالجة جذوره الحقيقية؟
ترتيب الأولويات والضرورات الملحّة..
يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة د. قصي حامد أن العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تشهد اختلافات جوهرية في الملفات الكبرى، وتحديداً ملفي إيران وحركة حماس، إلا أن التباين الحقيقي بين الطرفين يكمن في ترتيب الأولويات والضرورات الملحّة لكل ملف، بما ينعكس مباشرة على طبيعة الضغوط المتبادلة بينهما.
ويوضح حامد في حديثه عن اللقاء الأخير بين نتنياهو وترمب، أن نتنياهو يواجه في المرحلة الحالية ضغوطاً متزامنة في ثلاثة ملفات رئيسية، أولها الملف الإيراني، حيث يتعرض نتنياهو لضغط أميركي بعدم المغامرة في توريط إسرائيل والولايات المتحدة في حرب جديدة مع إيران.
ويشير حامد إلى موقف ترمب الذي أطلق تحذيرات واضحة لإيران من أي محاولة لتطوير برنامجها النووي، ما يجعل هذا الملف أداة بيد نتنياهو للمساومة والضغط السياسي على الإدارة الأميركية، دون الذهاب إلى مواجهة مفتوحة من دون ضوء أخضر أميركي.
أما الملف الثاني، وفق حامد، فيتعلق بالانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إذ إن نتنياهو لا يبدي رغبة حقيقية في الانتقال إلى هذه المرحلة، ويفضّل تمديد المرحلة الأولى أو الإبقاء عليها، خاصة بعد أن حقق أهدافه الأساسية منها والمتمثلة في الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
وبحسب أستاذ العلوم السياسية د. قصي حامد، يستخدم نتنياهو ذريعة نزع سلاح حماس لتبرير رفضه الانتقال إلى المرحلة الثانية، في مقابل ضغوط يمارسها ترمب لدفعه إلى ذلك، في إطار سعي الرئيس الأميركي لتكريس صورته كوسيط دولي وصانع سلام.
ويرافق هذه الضغوط، بحسب حامد، إغراءات سياسية ودبلوماسية لنتنياهو، من بينها دعم واشنطن له في حملته الانتخابية المقبلة.
ويرى د. حامد أن الملف الثالث، والأكثر تعقيداً، هو ملف الضفة الغربية، حيث أن ترمب لا يرغب في وصول الأوضاع في الضفة إلى حد انهيار السلطة الفلسطينية أو اندلاع مواجهة واسعة، ويعتبر أن اعتداءات المستوطنين والتوسع الاستيطاني مؤشرات خطيرة قد تقود إلى انفجار شامل.
ورغم عدم وجود خلاف استراتيجي بين ترمب ونتنياهو حول مبدأ الضم والتوسع الاستيطاني، إلا أن حامد يوضح أن الخلاف يتمحور حول توقيت هذه السياسات وحدودها، خشية أن تؤدي في هذه المرحلة إلى تصعيد ميداني غير محسوب.
ويشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة، إلى أن نتنياهو يحاول استثمار ملف الضفة الغربية داخلياً، عبر تقديم الاستيطان والضم كإنجاز سياسي يخاطب به اليمين الإسرائيلي، ولا سيما في ظل الضغوط التي يواجهها من قضايا داخلية مثل ملف "الحريديم" والتحضير للانتخابات المقبلة، وفي الوقت نفسه، يبدي نتنياهو حذراً من انفجار شامل في الضفة قد ينقلب عليه سياسياً.
ويرى حامد أن السيناريوهات المستقبلية للعلاقة بين ترمب ونتنياهو تتراوح بين المساومة وتمرير الملفات وتجنب المواجهة المباشرة.
ويرجّح حامد أن يتجاوب نتنياهو، ولو على مضض، مع خطوات ترمب المتعلقة بالانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة، مع الاستمرار في وضع العراقيل، فيما سيبقى التصعيد الكلامي تجاه إيران حاضراً دون الانزلاق إلى حرب، مقابل تسارع متوقع في وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية، باعتبارها الورقة الأبرز في حسابات نتنياهو الانتخابية المقبلة.
تفاهم واضح على إدارة الصراع بدل إنهائه..
يعتبر أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأميركية، د. رائد أبو بدوية، أن لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يمكن قراءته بوصفه خطوة نحو حل سياسي، بل كتفاهم واضح على إدارة الصراع بدل إنهائه، في سياق يكرّس الواقع القائم ويؤجّل القضايا الجوهرية عبر الغموض المتعمّد.
ويوضح أبو بدوية أن اللقاء، رغم غياب أي اختراقات سياسية معلنة، أسّس لمعادلة أساسية مفادها امتناع واشنطن عن ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو، مقابل عدم قيام إسرائيل بتعطيل المسار الأميركي المتعلق بقطاع غزة. ويلفت أبو بدوية إلى أن هذا التفاهم انعكس بوضوح في تطابق الخطاب السياسي بين الطرفين، وفي تجنّب الخوض في ملفات مصيرية، على رأسها إنهاء الحرب أو فتح أفق سياسي حقيقي للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
ويبيّن أبو بدوية أن اللقاء لم يشكّل مساحة تفاوض فعلية، بل جاء كإطار لتنسيق المصالح المتبادلة، حيث يسعى ترمب إلى تحقيق إنجاز سياسي قابل للتسويق داخليًا وخارجيًا، في حين يعمل نتنياهو على الحفاظ على تماسك حكومته اليمينية ومنع تفككها تحت ضغط التناقضات الداخلية.
ووفق أبو بدوية، فإنه جرى تأجيل القضايا الكبرى عمدًا من خلال سياسة الغموض، بما يسمح للطرفين بتجنّب كلفة القرارات الصعبة.
الضفة الغربية ثمن سياسي مباشر للقاء..
ويشير أبو بدوية إلى أن النتيجة الأخطر المترتبة على اللقاء تتمثل في تحويل الضفة الغربية إلى الثمن السياسي المباشر لهذا التفاهم بين نتنياهو وترمب.
وبحسب أبو بدوية، فإنه في الوقت الذي تُدار فيه غزة كملف تهدئة مؤقتة، تُفتح الضفة الغربية أمام مسار متسارع لترسيخ السيطرة الإسرائيلية عبر "الضم الوظيفي"، والذي يتجسد في توسيع الاستيطان، ونقل الصلاحيات من الإدارة العسكرية إلى الوزارات المدنية الإسرائيلية، وتشديد القبضة الأمنية، دون إعلان رسمي عن الضم.
ويشير أبو بدوية إلى أن هذا المسار لا يستبعد، بل يمهّد، لضم جزئي مستقبلي لبعض المناطق أو الكتل الاستيطانية الكبرى، إذا ما توفرت له مظلة أميركية صامتة، في انسجام مع منطق "صفقة القرن".
ويلفت أبو بدوية إلى أن الضفة الغربية تتحول من ورقة تفاوض مؤجلة إلى أداة تعويض سياسي داخلي لصالح نتنياهو، بينما يُعاد تعريف الصراع بالنسبة للفلسطينيين كقضية إدارة أمنية وسياسية لا قضية تحرر، بما يؤدي فعليًا إلى تفريغ فكرة الدولة الفلسطينية من مضمونها قبل الإعلان الرسمي عن نهايتها.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا