آخر الأخبار

مرسوم الدستور الفلسطيني المؤقت.. طعن قضائي واعتقال ناشط

شارك

بعد نحو أربعة أشهر على صدور مرسوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطيني مؤقت، توجهت منظمة حقوقية فلسطينية، موكلة عن اثنين من النشطاء، إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن فيه، لكن مصير أحد النشطاء كان الاعتقال لدى السلطة الفلسطينية.

وأثار المرسوم الرئاسي ردودا متفاوتة، ففريق رأى فيه استحقاقا مهما للتحول من السلطة إلى الدولة، وآخر قرأ فيه غايات سياسية مشيرا إلى صدوره من أطر غير منتخبة.

في حديث يشدد خبير قانوني على أن الدستور "ملك للشعب الفلسطيني كافة، ولا يجوز مصادرته أو هندسته" كما تحدث عن دوافع تشكيل اللجنة وصياغة الدستور والمشاورات الجارية حول آلية إقراره في مرحلة لاحقة.

في 16 أغسطس/آب الماضي أصدر الرئيس الفلسطيني مرسوما "بتشكيل لجنة صياغة الدستور المؤقت للانتقال من السلطة إلى الدولة" بموجبه تعد اللجنة مرجعا قانونيا لصياغة الدستور المؤقت "بما ينسجم مع وثيقة إعلان الاستقلال ومبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة".

وفي أكثر من مناسبة أكد عباس "الالتزام بإجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية خلال عام واحد من تاريخ انتهاء الحرب على غزة، وتكليف الجهات المختصة بإنجاز دستور مؤقت للدولة، على أن يُنجز خلال ثلاثة أشهر، ويشكّل قاعدة للانتقال من السلطة إلى الدولة".

وأضاف صراحة أنه سيتم تعديل قانون الانتخابات والقوانين ذات الصلة، استنادًا إلى أحكام الدستور المؤقت "بحيث يُحظر على أي حزب أو قوة سياسية أو فرد الترشح ما لم يلتزم بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، ومبدأ النظام الواحد، والقانون الواحد، ووجود قوة أمنية شرعية واحدة". وهو ما يعني استبعاد حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي خاصة.

بعد أيام من صدور المرسوم الرئاسي، صرح رئيس اللجنة المشكلة محمد قاسم بأن تشكيل لجنة صياغة الدستور "مهمة قومية لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة" وأن "الدستور سيكفل حقوق المواطنين ويضمن التداول السلمي للسلطة".

وأضاف أن السلطة الوطنية الفلسطينية التي أُنشئت كمرحلة انتقالية كان يفترض أن تنتهي عام 1999، وأن تشكيل هذه اللجنة يأتي استجابة للاستحقاقات الوطنية المتمثلة في تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة" وأن الهدف المركزي هو "صياغة مشروع دستور جديد لدولة فلسطين المستقلة، دستور مؤقت يمهّد لمرحلة الدولة الدائمة".

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني أعلنت لجنة الصياغة المنبثقة عن اللجنة المكلفة استكمال مناقشة وإقرار المواد الدستورية التي قدّمتها اللجان المختصة، وأنها أحالت المواد المُقرة إلى الخبراء والمختصين من أجل إجراء التدقيق والصياغة التشريعية النهائية، تمهيدًا للوصول إلى نسخة متكاملة من مسودة الدستور، وتسليمها للرئيس.

لكن في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري أعلنت "مجموعة محامون من أجل العدالة" أنها تقدمت -بصفتها وكيلة عن الناشطين جمال سليمان (الصابر) ومزيد سقف الحيط- بطعن لدى المحكمة الدستورية العليا في رام الله، ضد المرسوم الرئاسي المتعلق بتشكيل لجنة صياغة الدستور المؤقت.

وقالت -في بيان- إن الطعن الدستوري استند إلى مبادئ قانونية ووطنية راسخة منها أن "القانون الأساسي الفلسطيني يبقى نافذًا وملزمًا إلى حين صياغة دستور جديد، عبر آلية وطنية ديمقراطية وتوافقية، وليس من خلال مرسوم رئاسي منفرد" وأن "الدستور ملك للشعب الفلسطيني كافة، ولا يجوز مصادرته أو هندسته بشكل منفرد خارج السياق الديمقراطي التشاركي".

ودعت إلى "وقف العمل بالمرسوم، والبدء بحوار وطني شامل لصياغة رؤية موحدة تستند إلى التمثيل الشعبي والشرعية الوطنية".

وبعد أيام من تقديمها الطعن، أعلنت المجموعة اعتقال الناشط السياسي مزيد سقف الحيط، ولا يزال معتقلا حتى اليوم.

ويقول مدير المجموعة، مهند كراجة إن سقف الحيط اعتقله جهاز المخابرات الفلسطيني، وحُقق معه عن الطعن في الدستور، لكن النيابة العامة وجهت له مجموعة تهم مختلفة، منها ذم وقدح السلطة ومنشورات على شبكات التواصل وغيرها، ورغم حصول الناشط على قرار الإفراج عنه منذ الخميس الماضي إلا أنه لا يزال رهن التوقيف.

وأوضح كراجة أن الطعن المقدم للمحكمة الدستورية يحمل الرقم 7/2025، وأن المجموعة الحقوقية في انتظار إبلاغها برد النيابة العامة في لائحة جوابية، مبينا أن الطعن ارتكز أساسا على أن الدستور لا يمكن تغييره بمرسوم رئاسي.

الدستور ملك للشعب الفلسطيني كافة، ولا يجوز مصادرته أو هندسته.

وقال إن صياغة الدستور تتطلب وجود مجلس تشريعي لأنه سيكون دائما ويعبر عن آمال وطموحات وتضحيات الناس، مشيرا إلى وجود دستور مؤقت منذ قيام السلطة الفلسطينية.

ووصف ما ورد في المرسوم الرئاسي بأن غاية تعديل الدستور هو الانتقال من السلطة إلى الدولة بأنه "أمر مهم" لكن يجب أن يكون بعد انتخابات تشريعية يشارك فيها الشعب بكل أطيافه، فضلا عن أن إجراء تعديلات على الدستور تتطلب استفتاء شعبيا حول مواده.

وأوضح أن الطعن الدستوري طالب بوقف هذا المرسوم إلى حين وجود انتخابات تشريعية ومجلس تشريعي يتولى التعديلات وإعداد الدستور.

المحلل السياسي باسم التميمي، يرى أن قرار الرئيس الفلسطيني بتشكيل لجنة صياغة دستور مؤقت يأتي ضمن التوجه العام للقيادة السياسية الفلسطينية نحو بناء الدولة وتكريس مؤسساتها ورموزها السيادية.

وأشار إلى موجة الاعترافات الدولية بفلسطين، وما اتخذته المؤسسات التشريعية الكبرى للشعب الفلسطيني كالمجلسين الوطني والمركزي بتجاوز مرحلة اتفاقية أوسلو الانتقالية والانتقال إلى تكريس الدولة الفلسطينية كحقيقة واقعة على الأرض.

ونص اتفاق أوسلو لعام 1993، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، على تشكيل سلطة حكم فلسطيني انتقالي تتمثل في مجلس فلسطيني منتخب يمارس سلطات وصلاحيات في مجالات محددة ومتفق عليها مدة 5 سنوات انتقالية.

وأضاف التميمي أن الدستور الفلسطيني من أهم علامات السيادة إضافة لمؤسسات الدولة الأخرى التي تم تكريسها على مدار الفترة الانتقالية ولثلاثة عقود ماضية "والآن تم الذهاب باتجاه تأسيس الرمزية العليا للسيادة الفلسطينية وهي الدستور".

ورغم غياب المجلس التشريعي، يرى المحلل الفلسطيني أن المجلس الوطني، والمجلس المركزي الذي ينوب عن الأول في حال تعذر انعقاده "بمثابة المؤسسة التشريعية والتمثيلية الأولى للشعب الفلسطيني".

وقال إن عمل اللجنة المشكلة في المرسوم الرئاسي يقتصر على إعداد مسودة الدستور وليس إقراره، وهناك نقاش داخل الأطر القيادية لفصائل منظمة التحرير بما فيها حركة فتح والقيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية حول الآلية الأكثر جدوى لإقراره "سواء كان عبر الاستفتاء الفلسطيني المباشر أو عبر المجلسين الوطني والمركزي واللذين يمثلان غالبية الفصائل والاتحادات والنقابات الشعبية المنتخبة".

لكن لمن تميل الكفة، هل لصالح الطعن قضائيا في مرسوم تشكيل لجنة صياغة الدستور؟ أم لصالح المستوى السياسي بتمرير الدستور المؤقت؟

في إجابته عن السؤال، يقول مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات، إنه وفي ظل التركيبة الحالية للنظام السياسي الفلسطيني وغياب المجلس التشريعي والأطر المؤسسة بشكل واضح جدا وتحول كل أوراق القوة بيد الرئيس فإن المستوى السياسي هو من يحسم القرار في المضي قدما نحو إعلان الدستور أو تجميده.

وأضاف أن قرار المستوى السياسي لا يرتبط فقط برغبة ذاتية، بقدر ما أنه مرتبط برؤية سياسية مرتبطة بمستقبل الكيانية السياسية الفلسطينية "بمعنى آخر البيئة السياسية والأطراف الدولية شجعت الرئيس على إصدار مرسوم الدستور وإن ظلت على موقفها فإن الدستور سيصل مرحلة النضوج وربما الإعلان عن التحول من السلطة إلى الدولة".

لكن إن تغيرت البيئة السياسية الدولية والإقليمية الداعمة للقيادة الفلسطينية، فإن المشروع سيتأثر "ومن هنا أعتقد أن الأمر مرتبط أكثر بالمسار السياسي وليس المسار القانوني والقضائي".

وأوضح أن أكثر ما يؤخذ على تشكيل اللجنة وصياغ

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا