آخر الأخبار

جيش الاحتلال يستعد لإجراء تحقيقات في عملياته البرية بغزة ولبنان

شارك

الحدث الإسرائيلي

يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لبدء مرحلة جديدة من التحقيقات الداخلية، مع إطلاق عملية تدقيق شاملة في التوغل البري في قطاع غزة، في مسار يُتوقع أن يكون مشحونا وحساسا، لا يقل توترا عن التحقيقات التي تناولت الإخفاقات والمعارك التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر 2023. وتأتي هذه الخطوة بالتوازي مع مطالب من المستوى السياسي الإسرائيلي باستكمال أجزاء من تحقيقات ذلك اليوم، وفي مقدمتها طريقة تعامل الجيش مع خطة الهجوم التي أعدتها حركة حماس والمعروفة باسم “حائط أريحا”، وفق ما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.

وبحسب ما نقلته الصحيفة، من المقرر أن يُعقد خلال الأيام القليلة المقبلة مؤتمر موسع في هيئة أركان جيش الاحتلال، برئاسة رئيس الأركان إيال زامير، إيذانا ببدء تحقيقات تُوصف بأنها الأوسع في تاريخ الجيش، وتشمل التوغل البري في قطاع غزة، والقتال البري في جنوب لبنان، إضافة إلى السيطرة على مخيمي اللاجئين قرب طولكرم وجنين في شمال الضفة الغربية خلال الحرب.

وكانت الشرارة الأولى لهذه العملية قد أُطلقت هذا الأسبوع، خلال نقاش مغلق مع ضباط برتبة عميد، استعرض فيه نائب رئيس الأركان، تامير يدعي، نتائج تحقيقات السابع من أكتوبر التي جرى استكمالها، وتمت بلورتها ضمن مسار منظم لاستخلاص العبر، وبناء القوة العسكرية، وصياغة الخطة متعددة السنوات التي يجري إقرارها في هذه الفترة، بحسب ما أفادت الصحيفة العبرية. وبهذا، يكون جيش الاحتلال قد أغلق عمليا معظم التحقيقات المرتبطة بالسابع من أكتوبر، سواء على المستوى البنيوي أو القتالي، باستثناء طلبات استكمال محدودة قدمها المستوى السياسي.

ومن المتوقع أن تستند التحقيقات الجديدة في مرحلتها الأولى إلى تحقيقات الوحدات العسكرية التي أُجريت داخل الألوية والفرق التي شاركت في التوغل داخل القطاع، والتي استُخلصت منها بالفعل دروس عملياتية أثرت على أساليب التدريب، وبرامج التأهيل الأساسية، واستخدام الوسائل القتالية. غير أن تركيز هيئة الأركان في جيش الاحتلال، وفق "يديعوت أحرونوت"، سينصب على قضايا كبرى ذات طابع استراتيجي، أثرت في نتائج الحرب، وفي حقيقة أن الجيش أنهى العمليات من دون تحقيق هدفه المعلن المتمثل في حسم حركة حماس عسكريا.

وفي هذا السياق، ستفحص فرق التحقيق أسباب عدم إعداد قيادة المنطقة الجنوبية خططا مسبقة لاحتلال كامل قطاع غزة، على خلفية سياسة استمرت سنوات، طالب فيها المستوى السياسي بإضعاف حماس واستبدال حكمها عبر جولات قتال متكررة، من دون السعي إلى إسقاطها بالكامل. كما ستُبحث مسألة أولوية بدء العمليات في شمال القطاع، وتأثير وجود أسرى إسرائيليين أحياء طوال فترة الحرب على حرية عمل القوات وقدرتها على تعميق الضربات ضد حماس.

كذلك ستتناول التحقيقات أسباب إطالة أمد المعارك، بما في ذلك اضطرار الفرقة 162 إلى مغادرة مهامها في شمال القطاع والتوجه لاحتلال رفح نتيجة نقص في القوات، في حين واجهت الفرقة 98، المصنفة نخبوية وتمتعت بموارد واسعة وحرية زمنية كبيرة، صعوبات في تنفيذ مهمتها المتمثلة في العثور على أسرى أحياء واعتقال قادة بارزين في حركة حماس، بحسب الصحيفة العبرية.

ومن بين القضايا الإشكالية التي ستُطرح أيضا مسألة العودة إلى جباليا، إذ رغم إعلان الجيش في أواخر عام 2023 تفكيك البنى التحتية الرئيسية لحماس تحت الأرض، والقضاء على لواء الحركة في المدينة، فإن حماس واصلت نشاطها هناك، ما استدعى عودة قوات الفرقة 98 لتنفيذ عملية واسعة في مخيم اللاجئين. وستُبحث في هذا الإطار فعالية عمليتي “مركبات جدعون أ” و”ب”، في ظل تأكيد الجيش والمستوى السياسي، منذ نهاية 2024، أن حماس كإطار عسكري منظم قد هُزمت، وهو ما أفضى آنذاك إلى التوافق على الذهاب نحو صفقة تبادل أسرى، نُفذت منها مرحلة جزئية فقط في يناير، قبل أن يعود الجيش إلى القتال في القطاع في إبريل الماضي، خلافا للتقديرات السابقة.

ولا تقتصر التحقيقات على أداء القوات البرية، بل تشمل مجمل السلوك العسكري خلال التوغل الطويل في غزة، بما في ذلك الإخفاق الاستخباري في كشف شبكة الأنفاق القتالية لحماس، وعدم امتلاك تصور مسبق لكيفية التعامل معها أو الوصول إليها بالكامل. ورغم سنوات من الاحتكاك مع ظاهرة الأنفاق، اضطر جيش الاحتلال إلى تطوير حلول ميدانية أثناء القتال، في وقت لا تزال فيه الحركة، بحسب تقديرات إسرائيلية أوردتها يديعوت أحرونوت، تحتفظ بكيلومترات من الأنفاق في الجانب الخاضع لسيطرتها من الخط الأصفر.

وسيتولى قادة الوحدات أنفسهم قيادة مسارات التحقيق، وبينهم ضباط يشغلون حاليا مناصب رفيعة، مثل رئيس شعبة العمليات إيتسيك كوهين، الذي قاد خلال الحرب الفرقة 162، ورئيس شعبة القوى البشرية دادو بار كليفا، القائد السابق للفرقة 36. ومع ذلك، توصي أوساط داخل جيش الاحتلال، بحسب يديعوت أحرونوت، بتعيين طواقم رقابة خارجية برئاسة جنرالات احتياط، على أن يحسم رئيس الأركان قراره بهذا الشأن لاحقا.

ومن المرتقب أن تتوسع خطة التحقيقات خلال الأشهر المقبلة، لتشمل أيضا القتال البري في جنوب لبنان، في سياق مواجهة تهديد التوغل الذي مثلته “قوة رضوان”، وكذلك العمليات العسكرية في شمال الضفة الغربية. وفي الساحة الشمالية، ستُقسم التحقيقات إلى مراحل، تبدأ بتدقيق معركة الدفاع خلال العام الأول للحرب، حين كانت غزة الساحة المركزية، إضافة إلى العمليات الجوية والبرية السرية التي استهدفت تقليص قدرات حزب الله.

كما سيُفرد تحقيق خاص للعملية التمهيدية التي سبقت التوغل البري، والمعروفة باسم “نصف الشمال”، إلى جانب الضربات التي رافقت العمليات البرية، وسلسلة الاغتيالات التي استهدفت قيادة حزب الله. كذلك سيجري التحقيق في عملية “سهم الباشان”، التي لا تزال مستمرة عمليا، والمتعلقة بالسيطرة من دون قتال على الجولان السوري وقمة جبل الشيخ، عقب انهيار جيش النظام السوري وفراره بعد سقوط نظامه، مع بحث قضايا مثل إدارة مواقع عسكرية داخل أراضي عدوة.

وفي سياق متصل، أفادت يديعوت أحرونوت بأن الجيش أنهى مؤخرا تحقيقاته بشأن المواجهة مع إيران، التي استمرت 12 يوما في يونيو الماضي، واعتُبرت ناجحة من وجهة نظر المؤسسة العسكرية. وقد فحصت عشرة مسارات تحقيق مختلفة مجمل العمليات، ومحطات اتخاذ القرار خلال السنوات الأخيرة التي كاد الجيش ينفذ فيها هجوما على إيران قبل أن يؤجله. ويتوقع تطبيق دروس هذه العملية في حال اندلاع مواجهة جديدة، رغم إقرار الجيش بأن بناء القدرات النوعية التي استُخدمت خلالها سيستغرق سنوات، بعدما جرى استنزافها في العملية.

وتهدف هذه السلسلة الواسعة من التحقيقات متعددة الساحات، بحسب ما خلصت إليه يديعوت أحرونوت، إلى استخلاص العبر بشكل فوري ومتزامن مع إجرائها، استعدادا لسنوات طويلة من المواجهات المتقطعة، وفي ظل تركيز خاص على سيناريوهات هجوم مفاجئ من جانب الخصوم.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا