خلص تقرير القدس والضفة الغربية المحتلة لعام 2025 إلى أن مدينة القدس تشهد "حربا مفتوحة تستهدف الوجود العربي والإسلامي والمسيحي"، بهدف تهويدها وإعادة تشكيل طابعها التاريخي.
جاء ذلك في تقرير عرضته جمعية "ميراثنا"، خلال مؤتمر صحفي في مدينة إسطنبول، الخميس، كشفت فيه ما تشهده القدس وعموم الضفة الغربية من مخاطر، فضلا عن حملات الإغاثة وجهود إحياء التراث الإسلامي في المدينة.
وأعدت التقرير المقسم إلى جزأين هما القدس والضفة الغربية، جمعية "ميراثنا" بالتعاون مع عضو مجلس أمناء المسجد الأقصى والباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب، ومدير مركز تطبيقات وأبحاث دراسات القدس عبد الله عمر، وخبير دراسات القدس علي إبراهيم، وبمشاركة منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني.
التقرير واجهت مدينة القدس والضفة الغربية واحدة من أصعب مراحلها منذ احتلالها عام 1967، من خلال سياسات إسرائيلية استهدفت الإنسان والممتلكات، ومشروعات تخدم مخططات الاستيطان، بهدف تهويد المدينة.
ووفق التقرير، تشهد مدينة القدس اليوم حربا مفتوحة تستهدف الوجود العربي والإسلامي والمسيحي، في مسعى حثيث وسريع لإعادة تشكيل طابعها التاريخي.
وأشار إلى أن المدينة تشهد حفريات في محيط المسجد الأقصى وتحت البلدة القديمة، ضمن مشاريع تُسمّى "الأنفاق" و"الحدائق التوراتية" بهدف إعادة تشكيل المشهد الأثري، وبناء تاريخ جديد يُمحى فيه كل ما يعكس الوجود العربي والإسلامي الممتد لآلاف السنين.
كما تشهد المدينة بناء مستوطنات يهودية جديدة، وقيودا على الفلسطينيين، لفرض واقع استعماري جديد تحت ذريعة "تغيّر الظروف الإقليمية"، حسب التقرير.
وسلط الضوء على استهدافات القوات الإسرائيلية للأماكن المقدسة ودور العبادة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، وكذلك الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأماكن المقدسة المسيحية، والكنائس، والأوقاف التابعة لها.
وارتفع عدد المستوطنين المقتحمين للمسجد الأقصى بحسب التقرير 40 بالمئة مقارنة بعام 2024. وسُجل اقتحام 70 ألف مستوطن متطرّف له عبر باب المغاربة، تحت حماية الشرطة، وبمشاركة وزراء إسرائيليين وأعضاء كنيست.
وكشف التقرير عن "محاولات غير مسبوقة لتغيير المناهج الدراسية من خلال استهداف النظام التعليمي الفلسطيني، وتهويد المناهج وإغلاق المؤسسات التعليمية، وحرمان الطلبة من بيئة تعليمية آمنة وحرة".
وأشار إلى وجود أكثر من 100 ألف طالب فلسطيني في مدينة القدس، ضمن نظام تعليمي معقّد ومجزّأ، يشمل مدارس تابعة للأوقاف الإسلامية، ومدارس تشرف عليها بلدية القدس، ومدارس خاصة وأهلية، إضافة إلى مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".
وفي 2025 تركت سياسات إسرائيل أكثر من 5 آلاف طالب فلسطيني خارج مقاعد الدراسة بحجة عدم كفاية الطاقة الاستيعابية للمدارس، إلى جانب إغلاق 12 مدرسة بذريعة عدم التزامها بالمنهج الإسرائيلي.
ولفت التقرير إلى تعرض جميع مدارس الأونروا في القدس لخطر الإغلاق، نتيجة لقوانين سنتها إسرائيل.
تواصل السلطات الإسرائيلية، بحسب التقرير، سياسة تهويد الأماكن العامة في القدس عبر تغيير أسماء الشوارع والأحياء والطرقات، واستبدالها بأسماء عبرية ولافتات تحمل إشارات وتعبيرات مستمدة من التوراة.
كما تستهدف حرّاس المسجد الأقصى، والمواظبين على الصلاة فيه، والشبان والشابات، في محاولة لقطع الصلة بين سكان المدينة والمسجد.
وخلال 2025، أبعدت سلطات الاحتلال 164 مقدسيا عن المسجد الأقصى، و49 شخصا عن مدينة القدس. وهدمت 221 منزلًا في القدس، ما أدّى إلى تهجير 570 فلسطينيا بينهم 302 طفلًا. وجرى التصديق على بناء 12 ألفا و817 وحدة استيطانية.
وحذر التقرير من خطورة مشروع "E1" الاستيطاني، الذي يعد جزءا من مخطط "القدس الكبرى".
ويتضمن المشروع إقامة أكثر من 3500 وحدة استيطانية لربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس الغربية، وعزل المدينة عن محيطها لتغيير طابعها الديمغرافي، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين.
كما يهدف إلى تهجير أكثر من 7 آلاف فلسطيني من التجمعات البدوية شرق القدس.
وفي 2025 اعتقلت القوات الإسرائيلية 705 مقدسيين من المدينة، ونفّذت 874 اقتحامًا للمنازل.
ووفق التقرير، أدّى الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الاقتصاد، والضرائب الباهظة على التجار، وإغلاق المدينة بالقيود، ومنع المقدسيين من الوصول إلى متاجرهم داخل المدينة، إضافة إلى غياب السياحة بسبب الأوضاع، إلى وضع المقدسيين في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة.
وأفاد بارتفاع نسبة الفقر في مدينة القدس إلى 75 بالمئة عام 2025 بسبب السياسات الإسرائيلية، التي تسببت في إغلاق 302 محل تجاري وورشة.
وتعرضت 104 بساتين زيتون في القدس لاعتداءات المستوطنين، وسُرقت ثمار الزيتون الجاهزة للقطاف، مع إحراق أو قطع 214 شجرة زيتون، بحسب التقرير.
وخلال العام نفسه، نفّذت دوائر الضرائب الإسرائيلية 232 اقتحاما للمحال التجارية والورش، فرضت خلالها غرامات مالية وصادرت أموال فلسطينيين.
وأجبرت السلطات الإسرائيلية المقدسيين، حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على دفع غرامات وعقوبات بقيمة 20 مليونا و228 ألف دولار، بذريعة مخالفة "قانون التنظيم والبناء".
وعلى مدى عام 2025، أقامت الشرطة الإسرائيلية 897 حاجزا عند مداخل الأحياء بهدف مضايقة المقدسيين، وفق المصدر نفسه.
وتم تسجيل مقتل 17 مقدسيا جرّاء اعتداءات قوات الجيش والمستوطنين المتطرفين، واعتقال 705 أشخاص، وإصابة 651 مقدسيًا.
جدير بالذكر أنّ جمعية "ميراثنا" ومقرها إسطنبول تعمل منذ 19 عاما على إحياء التراث العثماني في القدس، بالتوازي مع تنفيذ برامج الإغاثة الإنسانية التي تمكّن المقدسيين من الصمود. إلى جانب تنظيم أنشطة توعوية بالقضية الفلسطينية داخل تركيا.
المصدر:
القدس