سمح جيش الاحتلال الإسرائيلي لسكان 25 مبنى في مخيم نورشمس شرق طولكرم بالدخول لمساكنهم لأخذ مقتنياتهم قبل هدمِها لاحقًا.
وأفاد بتعرّض أهالي المخيم لعمليات تفتيشٍ دقيق قبل الدخول إلى بيوتهم لإلقاء النظرة الأخيرة على منازلهم التي هجرُوها منذ نحو 11 شهرًا.
وأضاف أنّ قرارات الهدم طالت 25 مبنى يتكوّن كلّ منها من شقتين إلى أربع شقق.
ورصدت كاميرا دخول سكان المخيم إلى منازلهم لجمع ما أمكن من حاجياتهم، بمساعدة الطواقم الطبية التي تدخل للمرة الأولى منذ أشهر إلى داخل المخيم.
وظهرت الجرافات الإسرائيلية وهي تزيل ما تبقّى من ممتلكاتٍ قبل تنفيذ عملية الهدم الكاملة.
عمليات هدم
وخلال أشهر الاقتحامات المتواصلة للمخيم، دمّر الاحتلال 1400 وحدة سكنية في مخيمات نور شمس وطولكرم، ما أدى إلى طرد أكثر من 40 ألف مواطن فلسطيني من منازلهم، بينما حوّل جيش الاحتلال هذه المخيمات إلى ثكنات عسكرية مغلقة.
وتظهر آثار عمليات التجريف الواسعة التي نفّذها جيش الاحتلال في شارع نابلس المُمتدّ عبر أراضي المنطقة الشرقية من المدينة، وفقًا لمراسلنا.
وأشار مراسلنا إلى أنّ ما يقوم به جيش الاحتلال لا يقتصر على هدم المباني، بل يشمل أيضًا تحويل كثير منها إلى ردم وشقّ طرقات جديدة فوقها، في محاولةٍ لتغيير جغرافيا المخيمات.
وتشير مصادرُ فلسطينية إلى أنّ من بين شروط الجيش للانسحاب من هذه المناطق وقفَ التعاون مع وكالة "الأونروا"، وإسقاط حقّ اللجوء، ودمج المخيمات ضمن النسيج العمراني للمدن، وهو ما يرفضه الفلسطينيون رفضًا قاطعًا.
ومع استمرار عمليات الاحتلال وتحويل المخيمات إلى نقاطٍ عسكرية، لا يُسمح للفلسطينيين بالدخول إليها إلا لدقائق معدودة قبل عمليات الهدم والتفجير المتواصلة، التي نفّذ منها جيش الاحتلال مئاتٍ في مخيمات شمال الضفة الغربية.
فلسطينية تبحث عن ذكرياتها
اطمة واحدةً من القلائل الذين سُمح لهم بالدخول لإلقاء النظرة الأخيرة على منازلهم، بعد ساعات من الانتظار عند الحواجز العسكرية الإسرائيلية. وبدت ملامح الحزن واضحةً على وجهها، كما على وجوه الفلسطينيين الذين تمكّنوا من الدخول لوقتٍ وجيز.
وقالت فاطمة: "منذ السابعة صباحًا وأنا واقفة عند المدخل، ولم أتمكن من الدخول إلا بعد الساعة العاشرة، بعدما لففتُ الجبال حتى وصلت إلى حارة أهلي في المنشية. هناك وجدت إخوتي ووالدتي وأقربائي مجتمعين في البيت، وكنتُ مصدومة وأنا أنظر إلى جدران دارنا التي سأودّعها الليلة. أردت أن أودّع كل حجرٍ فيها، كل غرفة، وكل جلسةٍ جمعتنا".
وتتابع بحرقةٍ وهي تشير إلى صورٍ كانت على جدران البيت: "رأيتُ صورة والدي على الحائط، ووجعني قلبي أن أتركها تُهدَم. والدي كان أعزّ الناس عليّ، وكذلك صورة أختي التي وجدتها على الأرض. لم أستطع أن أتركهما. هذه الصور جزءٌ من ذكرياتنا، من حياتنا، من لحظاتنا الحلوة والمرة، من قصصنا، من أفراحنا وأحزاننا. عزَّ عليَّ أن أترك حجرًا واحدًا في الدار، لكن ما باليد حيلة، فكل شيءٍ فُرض علينا غصبًا".
وتصف فاطمة الطريق المؤدي إلى بيتها قائلةً: "وأنا ماشي بين الركام، ما كنتُ أعرف الطريق. كل شيءٍ تغيّر، كل بيتٍ صار مهدومًا. لا دار صالحة للسكن في المخيم، ولا جدار بقي واقفًا. حتى المباني التي لم تُهدم احترقت.كل شيءٍ محطّم، وهذا دليل على كمّ الحقد والغلّ الذي ينفّذون به هذه الأفعال".
وأضاف مراسلنا أنّ المنطقة باتت خاليةً تمامًا من السكان، بعدما كانت تضمّ أكثر من 20 ألف فلسطيني، مضيفًا أنّ مخيم نور شمس أصبح أشبه بمدينةٍ منكوبة، غابت عنها الحياة وبقيت تحت أنقاضها ذكرياتُ منازل كانت يومًا عامرةً بأهلها.
المصدر:
القدس