مع الذكرى السنوية الأولى لعيد التحرير في سوريا، تتجدد صور المآسي التي خلفها نظام بشار الأسد على مدى 14 عامًا من الثورة، من خلال القتل والتهجير والاعتقال والابتزاز المالي والإخفاء القسري.
يرى السوريون في يوم 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، نهاية لحقبة طويلة من القمع الدموي الذي مارسه نظام الأسد، والتي شهدت انتهاكات واسعة النطاق بحق المدنيين خلال سنوات الثورة.
منذ أيام، يحتفل السوريون في مختلف المناطق بالتحرر من نظام الأسد، والذي تحقق عبر معركة "ردع العدوان" التي انطلقت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 من محافظة حلب، وتمكن الثوار من دخول العاصمة دمشق بعد 11 يومًا.
في 5 ديسمبر الجاري، دعا المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إلى إجراء تحقيقات في جميع الجرائم التي ارتُكبت في سوريا، بما في ذلك تلك التي وقعت في عهد بشار الأسد، ومحاسبة المسؤولين عنها.
استنادًا إلى مصادر متعددة ومعلومات نشرتها منظمات حقوقية، ترصد هذه المادة أبرز الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد، مع الاعتماد بشكل خاص على بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان الصادرة في أواخر عام 2024.
منذ اللحظات الأولى للثورة السورية في 18 مارس/ آذار 2011 في درعا، استخدمت قوات الأسد الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين الذين طالبوا بإطلاق سراح أطفال اعتقلتهم الأجهزة الأمنية، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
امتلأ مشفى درعا الوطني بالجرحى الذين سالت دماؤهم على الأرض، وتبنت قوات الأسد الأسلوب نفسه في قمع المظاهرات التي امتدت إلى مناطق أخرى في البلاد.
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 202 ألف مدني على يد قوات نظام الأسد، من بينهم أكثر من 23 ألف طفل و12 ألف امرأة.
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تنفيذ قوات الأسد لـ 217 هجومًا كيماويًا منذ عام 2011، وكان أول هذه الهجمات في حي البياضة بمحافظة حمص في ديسمبر 2012، وأسفر عن مقتل أكثر من 1500 شخص وإصابة الآلاف.
من أبرز هذه الهجمات، مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام في 21 أغسطس/ آب 2013، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 1400 مدني وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين.
أصبحت البراميل المتفجرة كابوسًا مرعبًا للسوريين، حيث ألقت مروحيات النظام هذه البراميل بشكل عشوائي على المدن والقرى الثائرة، ووفقًا لتقارير حقوقية، استخدمت قوات الأسد البراميل المتفجرة أكثر من 81 ألف مرة منذ يوليو/ تموز 2012، مما أسفر عن مقتل نحو 11 ألف مدني.
تم توثيق أكثر من 250 هجومًا بذخائر عنقودية نفذتها قوات الأسد منذ يوليو 2012، مما أدى إلى مقتل المئات، بينهم العديد من الأطفال والنساء.
سُجل ما لا يقل عن 51 هجومًا بأسلحة حارقة استهدفت مناطق مدنيَّة منذ مارس 2011.
لم يكتف نظام الأسد بالقتل عبر القصف، بل فرض حصارًا مطبقًا على المناطق الثائرة بهدف تخويف المناطق الأخرى من الانضمام إلى الثورة، ومن أبرز هذه المناطق الغوطة الشرقية التي حاصرها النظام لمدة 5 سنوات، مما أدى إلى مجاعة غير مسبوقة.
بالإضافة إلى حصار مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، والذي استمر لفترة مماثلة، وانتهى بتهجير المدنيين إلى محافظة إدلب.
سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وفاة ما لا يقل عن 15 ألف شخص تحت التعذيب على يد قوات الأسد، ونشر أحد المنشقين صورًا لآلاف الجثث لأشخاص قتلوا تحت التعذيب بين عامي 2011 و2013.
أدت الانتهاكات الواسعة إلى نزوح الملايين من السوريين داخليًا وخارجيًا، مما شكل أزمة لجوء دولية.
بعد تحرير سوريا وفتح السجون، ظهرت قضية المعتقلين على السطح، وروى الناجون قصصًا مؤلمة عن الواقع المأساوي في سجون الأسد، ومن أبرز هذه السجون سجن صيدنايا وفرع فلسطين.
يعد سجن صيدنايا من أكثر سجون النظام شهرةً، ورمزًا للتعذيب والإعدامات الجماعية، وتفيد التقارير بأن آلاف المعتقلين قتلوا بشكل منظم وسري داخل السجن، وكان سجن صيدنايا أول وجهة للثوار بعد التحرير.
أما فرع فلسطين في دمشق، فقد أصبح كابوسًا مرعبًا بسبب الانتهاكات التي ارتكبها النظام بحق المعتقلين فيه.
عمد نظام الأسد إلى ابتزاز أهالي المعتقلين من خلال طلب مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم أو السماح بزيارتهم أو تقديم معلومات عنهم.
وفقًا لتقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، احتجز النظام السوري حوالي 136 ألف شخص منذ عام 2011، من بينهم أكثر من 96 ألف شخص في عداد المختفين قسراً.
في مقابلة صحفية، كشف السفير الفلسطيني لدى دمشق عن توثيق اختفاء أكثر من 1700 معتقل فلسطيني في سجون نظام الأسد.
تحتفظ الشبكة السورية لحقوق الإنسان بقاعدة بيانات شاملة تتضمن تفاصيل الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد والمسؤولون عنها، وتضمنت القوائم أسماء أكثر من 16 ألف شخص ثبتت مسؤوليتهم عن الجرائم أو المرتبطين بها.
المصدر:
القدس