أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن قيام إسرائيل بنقل عدد من قواعدها العسكرية من مناطق الضفة الغربية المحتلة إلى داخل حدود الخط الأخضر ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو خطوة مدروسة تهدف إلى تجهيز هذه المواقع لتحويلها إلى مستوطنات جديدة، وذلك في إطار خطة توسع استيطاني متسارعة.
وأوضح الدويري أن هذه التحركات تأتي نتيجة لتلاقي المصالح العسكرية والسياسية داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل، حيث يتولى قيادة المنطقة الوسطى شخصيات من المستوطنين تتبنى رؤية تتفق مع مشروع الحكومة اليمينية المتطرفة، الذي يسعى إلى الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الضفة الغربية.
يتزامن هذا التصعيد مع حملة اقتحامات إسرائيلية مكثفة للمدن والبلدات الفلسطينية، بما في ذلك مدن نابلس ورام الله والخليل وبيت لحم، وقد شملت هذه الاقتحامات إطلاق نار، وتنفيذ اعتقالات واسعة، وهدم للمنازل، واعتداءات من قبل المستوطنين، مما يعكس توسع نطاق السيطرة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية.
وأشار الدويري إلى أن إسرائيل تستخدم مجموعة متنوعة من المسارات القانونية لضمان شرعنة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، مثل تصنيف الأراضي كـ"أراضي دولة" أو "أراضي غائبين"، بالإضافة إلى استخدام ذرائع مثل "المصلحة العامة" أو الحاجة الأمنية والعسكرية، وذلك قبل تحويل هذه المناطق إلى بنى تحتية استيطانية دائمة.
وأوضح الدويري أن نقل المواقع العسكرية من الضفة الغربية إلى داخل الخط الأخضر يعتبر جزءًا من آلية "التدوير الاستيطاني"، حيث يتم إخلاء المواقع العسكرية الحالية بهدف تحويلها إلى نقاط استيطانية، تمهيدًا لإعلانها لاحقًا كمستوطنات دائمة.
وتتزامن هذه الخطوة مع اعتداءات واسعة شنها المستوطنون خلال الأيام القليلة الماضية، والتي شملت حرق منازل ومركبات في مدن الخليل وبيت لحم وسلفيت، بالإضافة إلى عمليات هدم قسرية واعتقالات في القدس ورام الله ومناطق أخرى في الضفة الغربية.
وأشار الدويري إلى أن إسرائيل ستستغل أي نشاط للمقاومة الفلسطينية في المرحلة المقبلة لتبرير إعادة إنشاء مواقع عسكرية جديدة داخل الضفة الغربية، وذلك بالاستناد إلى قوانين تسمح بالسيطرة على الأراضي الفلسطينية بحجة الحاجة العسكرية، وهو ما يعني مضاعفة عدد النقاط الاستيطانية بصورة غير مباشرة.
وأكد الدويري أن ما يتم الإعلان عنه بشأن إنشاء 17 مستوطنة جديدة خلال السنوات المقبلة قد يتحول إلى رقم مضاعف، وذلك نظرًا لأن إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي ستستخدم كذريعة لإقامة نقاط استيطانية إضافية قد تصل إلى 34 نقطة خلال فترة قصيرة.
تأتي تصريحات الدويري في ظل تصاعد العمليات الميدانية الإسرائيلية، بما في ذلك اقتحام جامعتي القدس وبيرزيت واعتقال حراس ومواطنين، بالإضافة إلى مداهمات في جنين وأريحا والخليل، وهدم مواقع سكنية وأراض زراعية، وذلك ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى تثبيت السيطرة وتوسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
المصدر:
القدس