يهدف قرار مجلس الأمن رقم 2803، المدفوع من ترامب بشأن خطة السلام في غزة، إلى تقويض دور الوسطاء، بمن فيهم مصر وقطر وتركيا، في صياغة اتفاق حول المرحلة الثانية، وفرض شروط مسبقة تمنح نتنياهو نفوذاً كبيراً في تحديد هذه الشروط.
هذا النهج ينذر بفشل مسبق للمرحلة الثانية، مما قد يجبر ترامب على العودة إلى الوسطاء الثلاثة للتغلب على بعض العقبات التي ستنشأ.
إن التوقع بفشل تنفيذ قرار مجلس الأمن للمرحلة الثانية يرتبط بشكل أساسي بنزع سلاح المقاومة، وهو شرط يعتبره ترامب ونتنياهو أساسياً لأي اتفاق حول المرحلة الثانية.
يثير الدهشة غياب أي اعتراض عربي وإسلامي رسمي على هذا الشرط، الذي يهدف إلى تجريد المقاومة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة من السلاح. بل إن بعض وسائل الإعلام الرسمية بدأت تعتبر تجريد سلاح المقاومة أمراً مفروغاً منه.
إن تجريد المقاومة من السلاح سيعرقل أي اتفاق يتعلق بالمرحلة الثانية، لأنه شرط غير واقعي وغير عملي، ويتعارض مع القانون الدولي الذي يؤكد على الحق المشروع للشعب الفلسطيني في استخدام السلاح لمقاومة الاحتلال، وهو حق أقره القانون الدولي لكل شعب يرزح تحت الاحتلال.
كيف يمكن للأمريكيين تبرير حرب الاستقلال التي شنها الآباء المؤسسون للتحرر من الاحتلال البريطاني؟ وكيف تبرر أوروبا المقاومات المسلحة التي شنتها شعوبها ضد الاحتلال النازي؟ وماذا عن كل شعوب العالم التي قاومت بالسلاح عندما تعرضت للاحتلال؟
من جهة أخرى، فإن الموقف الصهيوني، المدعوم أمريكياً وأوروبياً، يتوعد بالقضاء على المقاومة قتلاً وتعذيباً بمجرد سحب السلاح واحتلال الأنفاق، فضلاً عن استكمال حرب الإبادة والتجويع والتهجير للفلسطينيين في غزة. والشيء الوحيد الذي أفشل تحقيق هذه الأهداف هو سلاح المقاومة، والرأي العام العالمي، وصمود الشعب المرتكز على المقاومة المسلحة.
لولا المقاومة، لما توقف احتلال نتنياهو لغزة بالكامل، والقضاء على المقاومة، وإبادة الشعب (أكثر مما حدث)، والمضي بخطة التهجير، بل ولما طرح ترامب مشروعه، أو اللجوء إلى مجلس الأمن. أي لفرض نتنياهو أهدافه، ولم يحاسبه أحد، ولم يتمكن ضمير الرأي العام العالمي من التحرك.
إن نجاح المرحلة الثانية يتطلب وقف الحرب، وانسحاب الاحتلال انسحاباً كاملاً، وإطلاق المساعدات كما يجب، والبدء بالإعمار، وتأمين الاحتياجات الأولية للشعب، كالخيم التي تقي من البرد والغرق، وتأمين الدواء والطعام والكساء والأمان.
وهذا لا يتحقق إلا وغزة محمية بأنفاقها وسلاح المقاومة، وضمانة التعهد الصادق باتفاق وقف إطلاق النار. هذا هو الواقعية والعدالة واحترام حقوق الشعب الفلسطيني والالتزام بالقانون الدولي. وإلا فالذهاب إلى الحرب.
تبقى نقطة تتعلق بحجة نتنياهو، التي تعتبر بقاء سلاح المقاومة سيكرر عملية طوفان الأقصى. وهي قضية غير واقعية وغير ممكنة، وهدفه منها استمرار الحرب فقط.
فالتاريخ لم يشهد عملية مثل طوفان الأقصى تتكرر مرتين. فالظروف تتغير، كما هو الحال الآن. وقد انخرط نتنياهو في ممارسة استراتيجية أمنية تعني الإخضاع العسكري المطلق في غزة ولبنان وفي أي دولة عربية وإسلامية يصل إليها.
لذلك، يجب إسقاط كل حجة تؤيد نزع سلاح حماس والجهاد والشعب في قطاع غزة. هذا ضروري لكل من يريد نجاح المرحلة الثانية.
المصدر:
القدس