آخر الأخبار

الضفة الغربية تحت مقصلة التطهير العرقي

شارك

لم تعد الأحداث في الضفة الغربية مجرد توترات متفرقة أو اعتداءات فردية، بل تحولت إلى مشروع ممنهج للتطهير العرقي التدريجي، تُدار فصوله بعناية فائقة وتكامل أدوار مرعب بين آلة الاحتلال العسكرية وعنف المستوطنين المتفلت.

إن المشاهد المروعة في خلايل اللوز شرق بيت لحم، حيث أصيب عشرة فلسطينيين بهجوم مسلح من المستوطنين تحت حماية الجيش، تتوازى مع صور الخراب والتهجير القسري في مخيم الفارعة وجنين وطمّون، هذه الحوادث ليست معزولة، بل هي حلقات متصلة في استراتيجية واضحة تهدف إلى تجريف الأرض، وتدمير سبل العيش، وكسر إرادة الفلسطينيين لدفعهم نحو النزوح الذاتي.

إن السمة الأبرز للتصعيد الحالي هي تكامل الأدوار بين الجيش والمستوطنين، لم يعد عنف المستوطنين مجرد أعمال انتقامية أو فردية، بل أصبح جزءا أصيلا من منظومة رسمية للإخضاع.

الغطاء الرسمي للعنف: الهجمات المنظمة التي يشنها عشرات المستوطنين، كما حدث في خلايل اللوز، تتم تحت حماية مباشرة من قوات الاحتلال، هذا الغطاء يمنع أي محاسبة ويصنع مناخا يسمح بارتكاب جرائم أكبر، من إطلاق الرصاص الحي إلى محاولات إحراق المنازل والمساجد.

بالتوازي مع عنف المستوطنين الذي يستهدف المدنيين والممتلكات الزراعية تدمير أكثر من 48 ألف شجرة، تقوم قوات الاحتلال بعمليات اقتحام واسعة ومتكررة.

هذه الاقتحامات، كما في الفارعة وطمّون وجنين، لا تقتصر على الاعتقال والاغتيال، بل تشمل تدمير البنية التحتية وشبكات المياه والطرق، والتهجير القسري للعائلات، وهدم المباني بحجة الخطر الأمني.

الأرقام الرسمية الفلسطينية تفضح حجم المأساة وتؤكد أن الضفة الغربية تعيش عملية قمع ممنهجة ومستمرة منذ أكثر من عامين، بالتوازي مع حرب الإبادة في غزة.

أدت حملة العنف الإسرائيلية إلى استشهاد أكثر من 1083 فلسطينيا وإصابة نحو 11 ألفا، إضافة إلى اعتقال أكثر من 20 ألفا و500 شخص.

إن ما يحدث في الضفة الغربية اليوم هو عملية تطهير بطيء وممنهج، تنفّذها آلة الاحتلال.

لم يقتصر العدوان على البشر، بل طال عماد الاقتصاد الفلسطيني، حيث دُمّرت آلاف أشجار الزيتون والممتلكات الزراعية إن حرق المساجد، كما في بديا، والاعتداءات المتواصلة، تهدف بوضوح إلى ترويع السكان وقطع سبل عيشهم لدفعهم نحو النزوح.

إن هذا التصعيد الدموي يتم في ظل غياب أي رادع حقيقي، الأمر الذي يغذي شهية الاحتلال لتصعيد جرائمه.

رغم الإدانات الأوروبية الشديدة التي صدرت عن دول كبرى مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، إلا أن هذه البيانات تبقى عاجزة عن فرض أي عقوبات أو تغيير على الأرض.

إن تجاهل الاحتلال لـ500 خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير يثبت أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الاتفاقات كغطاء لمواصلة سياستها العسكرية.

إن صمت السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس المريب، وغياب أي تحرك دبلوماسي فاعل، هو ما يُمثل شراكة ضمنية في إتاحة المجال لجيش الاحتلال لتنفيذ سياساته دون خشية من ضغط داخلي.

إن ما يحدث في الضفة الغربية اليوم هو عملية تطهير بطيء وممنهج، تنفّذها آلة الاحتلال بمستوييها العسكري والاستيطاني، وتُبارَك بصمت دولي وإقليمي وقيادة فلسطينية مستقيلة.

لا يمكن للفلسطينيين أن يواجهوا هذه الآلة الإجرامية بمفردهم؛ فإلى جانب صمودهم الأسطوري، يتطلب الأمر تحركا دوليا حقيقيا يخرج عن حدود الإدانة.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا