د. أحمد رفيق عوض: الهدف من طلب العفو هو النجاة من المحاكمة دون دفع ثمن وبقاء نتنياهو قادرًا على التقدم للانتخابات المقبلة
ياسر مناع: نتنياهو سيوظف العفو في حال تم قبوله لتعزيز مكانته داخل اليمين وتلميع صورته وبذلك لن تنتهي حياته السياسية
د. سهيل دياب: طلب نتنياهو العفو يعبّر عن ضعفٍ سياسي وقانوني لا عن قوة وسوف يفتح الباب أمام شرخ داخلي واسع في إسرائيل
د. تمارا حداد: نتنياهو يحاول استعجال العفو لإدراكه تراجع فرص تبرئته ويسعى لتتويج نفسه "ملكاً" لإسرائيل وضمان بقائه السياسي
فراس ياغي: هرتسوغ قد يطلب من نتنياهو الإقرار بالذنب دون إجباره على اعتزال الحياة السياسية ضمن محاولةٍ لإيجاد تسوية وسط
د. عقل صلاح: طلب العفو دون إقرار بالذنب التفاف قانوني وهذا المخرج يسعى نتنياهو لفرضه لتجنب "الإعلان العلني" عن اعترافه
يدخل المشهد الإسرائيلي مرحلة شديدة الحساسية بعد الخطوة التي اتخذها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بطلب العفو من الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، في محاولة يُنظر إليها على أنها التفاف على المسار القضائي المتواصل منذ سنوات، والهروب من المحاكمة دون دفع ثمن سياسي.
ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن هذا التحرك يعكس في جوهره سعيًا من نتنياهو للهروب من أي تبعات قانونية محتملة، في وقتٍ تتقدم فيه المحاكمات، وتقترب من لحظاتٍ حاسمةٍ قد تؤثر مباشرة على مستقبله السياسي مع اقتراب الانتخابات، مشيرين إلى أن الطلب الذي أثار عاصفة من الجدل لا يُقرأ كمسألة قانونية فحسب، بل كتحرك سياسي يختبر قدرة المنظومة الإسرائيلية على حماية رأس هرم السلطة رغم الاتهامات الثقيلة، بالتوازي مع ضغوط خارجية واصطفافات داخلية متضاربة.
محاولة للبقاء في الحكم دون دفع أي ثمن
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي د.أحمد رفيق عوض أن خطوة طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو العفو من الرئيس الإسرائيلي ليست طلب عفو بالمعنى القانوني المعتاد، بل هي محاولة للبقاء في الحكم دون دفع أي ثمن سياسي أو قانوني.
ويوضح عوض أن نتنياهو عمليًا لم يعترف بأي من التهم الموجهة إليه، بل صاغ رسالته بلغة غامضة ومموّهة، تهدف إلى الاستمرار في السلطة وإعادة تقديم نفسه كبطل لا يُقهر، متبرأ من أي مسؤولية، بما فيها أحداث 7 أكتوبر والتحديات الأمنية والسياسية الكبرى التي واجهت إسرائيل مؤخرًا.
الرسالة تنطوي على غرور وتعجرف وتهديد ضمني
ويشير عوض إلى أن رسالة نتنياهو تنطوي على غرور وتعجرف وتهديد ضمني، حيث يلمّح إلى أن رفض العفو قد يؤدي إلى انقسام الجمهور الإسرائيلي وتراجع فرص الاستفادة من "الفرص الذهبية"، وهو ما يعكس محاولة ابتزاز سياسي ودبلوماسي ضمني.
ويرى هو أن الهدف الأساسي لنتنياهو من طلب العفو هو النجاة من المحاكمة دون دفع ثمن، والبقاء قادرًا على التقدم للانتخابات المقبلة، مع تبرؤ كامل من التهم القانونية والسياسية كافة، دون الاعتراف بأي خطأ، الأمر الذي يميّز هذا الطلب عن أي طلب عفو تقليدي.
وعن آفاق التطورات المقبلة، يلفت عوض إلى أن الأمر مرتبط بشكل مباشر برد الرئيس الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هناك جدلًا واسعًا في إسرائيل حول ما إذا كان العفو سيكون غير مشروط، أي من دون اعتراف بالذنب أو أي تقييد للحياة السياسية، أو مشروطًا بالاعتراف بالذنب، أو الخروج من الحكم، أو إجراء انتخابات مبكرة، أو التراجع عن الإجراءات القضائية ضد المؤسسات القانونية.
ويوضح عوض أن نتنياهو يسعى بشكل واضح للحصول على عفوٍ عام وشامل دون أي ثمن سياسي أو قانوني، وهو أمر يُثير رفضاً محتملاً من رئيس الدولة والمؤسسات القضائية والمعارضة، ما يجعل الأمور غامضة ويثير احتمالية مواجهة أخذ ورد سياسي طويل.
ضغوط أمريكية وداخلية لإيجاد صيغة لحل الأزمة
ويشير عوض إلى أن هناك ضغوطًا أمريكية وداخلية لإيجاد صيغة لحل هذه الأزمة، وقد تشمل بعض الجهات السياسية والأمنية الإسرائيلية دعمًا محتملًا لمنحه العفو، لكن هذه الضغوط لا تكفي لضمان قبول عفو شامل بلا شروط، وهو ما يعكس حجم الانقسام السياسي والمجتمعي حول مستقبل نتنياهو ومصيره السياسي والقضائي.
ويعتقد عوض أن المعركة حول طلب العفو ستظل مفتوحة ومعقدة، ولن يكون من السهل التنبؤ بنتائجها، خصوصًا في ظل تمسّك نتنياهو بطلبه العفو الكامل، مقابل رفض محتمل من جميع الأطراف الإسرائيلية الرسمية والشعبية والسياسية.
مناورة سياسية بامتياز
يؤكد الكاتب والباحث المختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العفو من الرئيس الإسرائيلي لا يمكن قراءته كخطوة قانونية مجردة، بل هو مناورة سياسية بامتياز تهدف إلى إنهاء محاكمته الممتدة منذ سنوات دون الاضطرار إلى الاعتراف بالذنب أو مغادرة المشهد السياسي.
ويرى أن نتنياهو، الذي يعيش واحدة من أكثر المراحل السياسية حساسية وتعقيداً، يحاول من خلال هذه الخطوة إعادة إنتاج نفسه باعتباره "ضحية" لما يسميه تسييس القضاء، مقدماً العفو كمسار ينهي حالة الانقسام الداخلي التي تعصف بالمشهد الإسرائيلي في ظل أزمات أمنية وسياسية متلاحقة.
ويوضح مناع أن هذه الخطوة تُقرأ داخل إسرائيل باعتبارها محاولة واضحة من نتنياهو لتحصين ذاته وإظهار أن النظام السياسي والقضائي قادر على حماية رموزه، حتى حين يواجهون تهماً بالفساد تمس صلب ما يفترض أنه استقلال القضاء.
وبحسب مناع، فإنه في هذا السياق، يظهر نتنياهو كأنه يختبر قدرة المؤسسة الإسرائيلية على تقديم مخرج سياسي لا قانوني للأزمة، في الوقت الذي يدرك فيه مدى التصدعات داخل المنظومة.
ويشير إلى أن طلب العفو، إن تم قبوله، لن يشكل نهاية للمسيرة السياسية لنتنياهو، بل على العكس، إذ سيوظفه لتعزيز مكانته داخل اليمين الإسرائيلي وإعادة تلميع صورته أمام الجمهور، مستنداً إلى خطاب المظلومية الذي تبناه منذ بدء محاكمته.
أما في حال رفض العفو، فيوضح مناع أن نتنياهو سيواصل معركته القضائية بالطريقة ذاتها، وهو ما يعكس رغبته في البقاء لاعباً مركزياً بغض النظر عن مسار القضية.
ويشدد مناع على ضرورة قراءة هذه التحركات ليس باعتبارها مجرد خلافات شخصية داخلية، بل فهمها ضمن إطار النظام الإسرائيلي ذاته، الذي يعمل كوحدة سياسية وأمنية متماسكة في إدارة الصراع مع الفلسطينيين، بصرف النظر عن اسم الشخصية التي تتصدر المشهد.
نتنياهو يسابق الزمن لإنقاذ نفسه
يرى أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي د.سهيل دياب أن خطوة طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو العفو من الرئيس الإسرائيلي تعبّر عن ضعفَين سياسي وقانوني لا عن قوة، وأنها ستفتح الباب أمام شرخ داخلي واسع في إسرائيل، بصرف النظر عن قرار رئيس الدولة تجاه الطلب.
وبحسب دياب، فإن وصول نتنياهو إلى هذه المرحلة يعود إلى شعوره بأن مسار المحاكمات يقترب من تثبيت الاتهامات بحقه في ملفات الفساد، وأن الجلسات المقبلة للمحكمة ستتزامن مع الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، ما سيُلقي بظلال ثقيلة على فرصه السياسية.
ويشير دياب إلى أن جميع استطلاعات الرأي منذ عامين لم تُظهر ولو لمرة واحدة احتمالية فوز نتنياهو في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يهدد بتحوله -في حال لم يُسرّع في إيجاد مخارج قانونية - إلى "رئيس حكومة من خلف القضبان".
ويلفت دياب إلى أن الطلب نفسه غير مكتمل قانونيًا، لأن تقديم العفو يتطلب اعترافًا صريحًا بالتهم، وهو ما لم يفعله نتنياهو.
هرتسوغ سيحاول ابتكار صيغة وسط
ومع ذلك، يعتقد دياب أن الرئيس الإسرائيلي لن يذهب إلى رفض الطلب بشكل قاطع، ولا إلى الموافقة عليه دون شروط، بل سيحاول ابتكار صيغة وسط تُرضي المحكمة وتفتح الباب لتسوية قانونية، وقد تشمل هذه الصيغة إجبار نتنياهو على تقديم طلب عفو رسمي، وتحديد التهم التي يعترف بها، إضافة إلى النقاش حول إمكانية منعه من العمل السياسي لمدة سبع سنوات بحسب القوانين الإسرائيلية.
وفي السياق ذاته، يشير دياب إلى أن نتائج استطلاع حديث أظهر أن 43% من الإسرائيليين يرفضون طلب العفو رفضًا مطلقًا، ويرون أنه لا يجب النظر فيه لعدم اكتماله، مقابل 33% فقط يؤيدون منحه العفو، ما يعكس حجم الانقسام المتصاعد داخل المجتمع الإسرائيلي، والذي تجلّى أيضًا عبر تظاهرات أمام مكتب رئيس الدولة.
ويتحدّث دياب عن الضغوط الخارجية التي يتعرض لها رئيس الدولة، خصوصًا من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في ظل وضع داخلي "يكاد ينفجر".
وبشأن سلوك نتنياهو المتوقع خلال الفترة المقبلة، يوضح دياب أن نتنياهو سيعمد إلى الهروب إلى الأمام داخليًا عبر تمرير قوانين حساسة مثل قانون تجنيد الحريديم، حتى لو أدى ذلك إلى تفجير خلافات داخلية، إضافة إلى السماح للمستوطنين بتصعيد اعتداءاتهم في الضفة الغربية.
أما خارجيًا، فيعتبر دياب أن إسرائيل بعد 7 أكتوبر غيّرت استراتيجيتها الأمنية والدبلوماسية، متخلية عن سياسة الردع لمصلحة الاستنزاف العسكري أحادي الجانب، ورافضة الاعتراف بالقانون الدولي والمؤسسات الدولية، ومتجهة نحو ما يسميه نتنياهو "السلام بالقوة"، وهو ما سيعمل نتنياهو على تثبيته.
ويشمل ذلك، وفق دياب، الضغط على غزة والضفة ولبنان وسوريا لإيصال رسائل مباشرة للقوى الإقليمية الكبرى مثل إيران وتركيا وقطر ومصر والسعودية والأردن.
ويرى دياب أن ما يجري اليوم "بداية انفجارات سياسية داخل إسرائيل" مع اقتراب الانتخابات، معتبرًا أن نتنياهو يحاول بكل الوسائل إيجاد مخرج يضمن بقاءه خارج السجن ولو على حساب تفجير الأوضاع داخليًا وخارجيًا.
طلب العفو لا يُقدَّم إلا بعد انتهاء المحاكمة
تؤكد الكاتبة والباحثة السياسية د. تمارا حداد أن طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يمثل "انحرافاً واضحاً" عن الإجراءات القانونية المعمول بها في إسرائيل، موضحة أن طلب العفو لا يُقدَّم قانونياً إلا بعد انتهاء المحاكمة وصدور القرار القضائي النهائي، ثم إقرار المتهم بالذنب أو التوبة، ومن بعدها يُرفع الطلب عبر قنوات قانونية واضحة.
وبحسب حداد، فإن نتنياهو قفز فوق هذه المراحل كلها في وقت ما تزال محاكمته مستمرة، وملفاته الثلاثة (1000، 2000، 4000) تثقل كاهله باتهامات "يصعب النجاة منها".
وترى حداد أن استعجال نتنياهو طلب العفو يعكس إدراكه مدى تراجع فرص تبرئته، وهو ما يهدد مستقبله السياسي بالكامل، إذ إن أي إدانة تعني نهاية إمكانية ترشحه أو تشكيله حكومة في أي انتخابات مقبلة.
ووفق حداد، فإن جلسات المحاكمة الأخيرة لنتنياهو بدت وكأنها تُظهر تقدماً في إثبات تهم الفساد وتواطؤه، الأمر الذي دفعه إلى البحث عن مخرج مبكر عبر العفو قبل أن يواجه "الإحراج الداخلي والدولي" عند صدور قرار إدانة واضح.
وترى حداد أن نتنياهو يريد عفواً دون الاعتراف بالذنب، وهو ما يتعارض مع الأعراف القانونية الإسرائيلية، مرجّحة أن يواجه طلبه رفضاً من الرئيس هرتسوغ لأن المسار القضائي لم يكتمل، ولأنه لم يقرّ بالتوبة ولم يدخل في مقايضة سياسية تفرض اعتزاله الحياة السياسية مقابل إغلاق الملفات.
نتنياهو يناور للحفاظ على موقعه داخل اليمين
وتشير حداد إلى أن نتنياهو لا يُظهر أي استعداد للانسحاب من المشهد السياسي، بل ما يزال يناور للحفاظ على موقعه داخل اليمين الإسرائيلي، رغم تململ الشارع وارتفاع نسبة الرافضين لمنحه العفو إلى 48% مقابل 36% مؤيدين و16% مترددين.
وتوضح أن قلق نتنياهو يعود أيضاً إلى تراجع التماسك داخل الائتلاف الحاكم، وإلى الضغوط الداخلية والخارجية الناتجة عن استمرار الحروب، والتعديلات القضائية، وقانون التجنيد، إضافة إلى الأزمات التي يواجهها مع المجتمع الدولي.
وتعتقد أن نتنياهو يسعى إلى إنهاء ملفاته الداخلية ليستطيع التعامل مع ملفات إقليمية أكثر تعقيداً، من غزة إلى لبنان وسوريا وإيران، وحتى علاقاته المتوترة مع مصر والأردن في ضوء رفضهما سياسة التهجير ضد الفلسطينيين.
وتطرّقت حداد إلى ضغوط الشارع الإسرائيلي المطالب بلجان تحقيق واسعة، ليس فقط في ملفات الفساد، بل أيضاً في تحقيقات 7 أكتوبر، معتبرة أن نتنياهو يحاول الهروب من هذه اللجان عبر افتعال أزمات أو توسيع دوائر الحرب، رغم أن الشارع بات يدرك هذا الأسلوب جيداً.
ووفق حداد، فإن السيناريوهات المتاحة أمام نتنياهو تتراوح بين قبول صفقة عفو مقابل اعتزال السياسة، وهو احتمال ضعيف في ظل رفضه التنحي، أو رفض العفو ومواصلة المعركة القانونية التي قد تُضعف فرصه في أي انتخابات مقبلة.
أما الاعتزال الطوعي، فتراه حداد غير مرجح ما لم تُفرض على نتنياهو ضغوطاً من القضاء أو المؤسسة الأمنية أو داخل حزب الليكود.
وترى حداد أن طلب العفو يشير إلى "ضعف غير مسبوق" لدى نتنياهو، وأن النهاية السياسية باتت أقرب من أي وقت مضى، سواء عبر صفقة عفو أو انتخابات مبكرة، مشيرة إلى أن نتنياهو يسعى لتتويج نفسه كملك لإسرائيل وضمان بقائه السياسي إن حصل على العفو.
طلب نتنياهو يحمل طابعًا ابتزازيًا وتهديديًا
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الحصول على إعفاء من الاتهامات الموجهة إليه يحمل طابعًا ابتزازيًا وتهديديًا، إذ يربط نتنياهو بين إعفائه وبين "إنهاء الانقسام الداخلي"، في رسالة تعني ضمنيًا أن رفض العفو سيُبقي إسرائيل غارقة في الخلافات.
ويرى أن نتنياهو يتبجّح في رسالته حين يزعم أنه كان يريد إثبات براءته في المحكمة، لكنه "مضطر" لطلب الإعفاء بسبب "المصلحة الأمنية الإسرائيلية"، في محاولة لتقديم نفسه كضحية للظروف.
وبحسب ياغي، فإن الضغوط الأمريكية لعبت دورًا مباشرًا في تقديم الطلب، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب طالب صراحة في خطابه داخل الكنيست الإسرائيلي بمنح نتنياهو عفوًا شاملًا.
ويشير إلى أن البيت الأبيض أبلغ نتنياهو بأنه لا يمكن إصدار العفو ما لم يقدّم طلبًا رسميًا للرئيس الإسرائيلي، ما دفعه إلى التوجه بهذا الطلب.
نتنياهو يقارن نفسه بالرئيس نيكسون
ويوضح ياغي أن نتنياهو قارن نفسه في رسالته لهرتسوغ بالرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في فضيحة "ووترغيت"، وكيف أعفاه الرئيس جيرالد فورد، في محاولة لإيجاد سوابق تُبرر موقفه.
ويشير ياغي إلى أن نتنياهو، من خلال رسالته، لا يعتزم الاعتزال السياسي، بل يريد خوض الانتخابات المقبلة دون محاكمة، مستندًا إلى دعم ترمب الذي يسعى إلى إعادة تشكيل الحكومة الإسرائيلية بإبعاد بن غفير وسموتريتش والإبقاء على نتنياهو لتنفيذ خطط مشتركة تخص غزة وسوريا ولبنان وإيران والمنطقة عمومًا.
ويؤكد ياغي وجود "تماهٍ كامل" بين نتنياهو وخط ترمب السياسي، ما يفسّر الضغوط التي تُمارس على رئيس دولة إسرائيل لمنح العفو.
ورغم أن الرئيس الإسرائيلي يملك الصلاحية القانونية الكاملة لإصدار العفو، يوضح ياغي أن القانون الإسرائيلي يفرض شرطين أساسيين: وجود تهمة رسمية موجّهة للشخص، واعتراف المتهم بالذنب قبل حصوله على الإعفاء.
ويتساءل ياغي: كيف يمكن تجاوز هذين الشرطين إذا كان نتنياهو يرفض الاعتراف بأي ذنب؟ مشيرًا إلى وجود اتجاهات إسرائيلية تطالب بفرض شروط عليه، مثل الاستقالة، أو الاعتراف بالذنب مقابل السماح له بخوض الانتخابات لاحقًا، فيما يدعو آخرون إلى اعتزاله السياسي بالكامل.
ويشير إلى أن قرار رئيس دولة الاحتلال ما يزال غير محسوم، لكنه سيلجأ إلى استشارات قانونية واسعة قبل اتخاذه.
ويرجح ياغي أن يطالب هرتسوغ نتنياهو بالاعتراف بالذنب، لكن دون إجباره على اعتزال الحياة السياسية، في محاولةٍ لإيجاد تسوية وسط بين الضغوط الأمريكية والقانون الإسرائيلي، لكن نتنياهو لا يريد الاعتراف بالذنب ويريد العفو دون ثمن.
سلسلة عميقة من الدلالات السياسية والقانونية
يؤكد الكاتب والباحث السياسي وأستاذ النظم السياسية المقارنة د.عقل صلاح أن طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العفو من الرئيس الإسرائيلي يكشف سلسلة عميقة من الدلالات السياسية والقانونية، أبرزها سعيه لإنهاء محاكماته الجارية في قضايا الفساد دون الاعتراف بالذنب.
ويشير إلى أن نتنياهو يحاول استثمار الضغوط الداخلية والخارجية، خصوصاً في ظل حالة التوتر الأمني وتعدد الجبهات التي يفتحها لإقناع الإسرائيليين بأنه "القائد الوحيد القادر على قيادة الدولة" في الظروف التي يسميها استثنائية.
ويبيّن أن نتنياهو يوظف حالة الانقسام داخل القيادة الإسرائيلية، ويستغل ضعف خبرة اليمين المتطرف ممثلاً بسموتريتش وبن غفير، إضافة إلى الضغط المباشر الذي يمارسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يقدم نفسه داعماً لنتنياهو باعتباره "المنقذ لإسرائيل".
ويرى صلاح أن نتنياهو يحاول الالتفاف على الإدانة الجنائية المحتملة في قضايا الرشوة وخيانة الأمانة، إذ إن صدور حكم بحقه سيقضي على مستقبله السياسي ويُنهي فرصه في الانتخابات المقبلة.
ويوضح أن طلب العفو دون إقرار بالذنب يمثّل التفافاً قانونياً، وأن هذا المخرج يسعى نتنياهو لفرضه لتجنب "الإعلان العلني" عن اعترافه، وهو ما سبق أن رفضه صراحةً.
ويشير صلاح إلى أن التدخل السياسي من ترمب فاقم الانقسام الداخلي داخل إسرائيل، معتبراً أنه للمرة الأولى يظهر تأثير خارجي مباشر بهذا الحجم في مسار قضية جنائية لرئيس حكومة، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بين معارضي العفو ومؤيديه.
ويؤكد صلاح أن نتنياهو يمارس ضغوطاً مكثفة على هرتسوغ لإغلاق ملفاته دون انتظار الحكم القضائي، إلا أن صلاح يوضح أن مكتب الرئيس الإسرائيلي أكد أن القضية باتت بيد القضاء، وأن هرتسوغ لم يضع أي شروط لأن الملف محوّل إلى المحكمة، ما يجعل حصول نتنياهو على العفو أمراً صعباً.
ويرى صلاح أن القضاء قد يطلب توضيحات من هرتسوغ ومن نتنياهو، فيما سيحاول القضاة تجنب "تسجيل نقطة سوداء" على المحكمة أو المساس بسمعة القضاء، كما حدث في قضية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت.
ويعتقد أن نتنياهو لن يتنحى طوعاً ولن يقر بالذنب، وسيستمر في محاولة إطالة أمد المحاكمات.
ووفق صلاح، أثبتت جلسات المحاكمة السابقة أن نتنياهو كان يفتعل "أعذاراً أمنية" لتعطيل الجلسات، عبر الحديث عن اتصالات سرية أو اغتيالات أو أحداث طارئة، بل وصل الأمر إلى إقالة رئيس الشاباك السابق بار أون بعد رفضه طلباً من نتنياهو يتعلق بالتدخل في مسار المحكمة.
ويعتبر صلاح أن خلاصة المشهد واضحة: إدانة نتنياهو تعني نهاية حياته السياسية، وأن طلب العفو ليس سوى محاولة منه "لإنقاذ نفسه قبل الانهيار الكامل"، في وقت بدأت فيه بالفعل مرحلة التحضير للانتخابات الإسرائيلية المقبلة.
المصدر:
القدس