أصبح قطاع التعليم في غزة أحد أكبر القطاعات تضررًا بسبب حرب الإبادة الجماعية، والتي حرمت عشرات الآلاف من الطلاب من الالتحاق بفصولهم الدراسية، على وقع نزوح متواصل، وعمليات قتل وحشية، وتدمير واسع للمدراس والمراكز التعليمية.
ورغم ذلك، انتزع آلاف من طلبة (التوجيهي)، نجاحا استثنائيا، أخيرا، متحدين الظروف العصيبة، والواقع المأساوي الذي حل في قطاع غزة على وقع حرب استمرت عامين كاملين، حصدت عشرات آلاف الأرواح، ودمرت كل شئ تقريبا، مخلفة وراءها مآسي وآلام لا تمحى.
عادة ما يتم التقدم لامتحانات التوجيهي في كل من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة في الثلث الأخير من شهر آيار/ مايو من كل عام وعلى مدار شهر كامل تقريبا، لكن طلاب غزة لم يتمكنوا من الالتحاق بدروتي 2024، و2025 بسبب حرب الإبادة الجماعية، وظروف النزوح، وعدم انتظام العملية التعليمية برمتها في غزة.
إذ إن الجزء الأكبر من المدارس دمرته قوات الاحتلال، فيما يجري استخدام ما تبقى منها لإيواء النازحين من ويلات الحرب الوحشية.
ولكن، في أيلول/ سبتمبر الماضي استحدثت وزارة التربية والتعليم نظاما إلكترونيا استثنائيا خاصا بطلبة غزة، مكّن أول دفعة من الطلبة المتأخرين لعامين كاملين من التقدم للامتحانات عبر تطبيق خاص.
واجه المتقدمون في هذه المرحلة صعوبات جمة، منها ظروف النزوح المتكرر، خصوصا أولئك الذين اضطروا للانتقال من مناطق شمال غزة إلى الجنوب على وقع استمرار عملية احتلال شمال القطاع، إلى جانب ظروف الحياة في الخيام، حيث الحر الشديد في ذلك الوقت، فضلا عن انقطاع الكهرباء عن القطاع، وصعوبة توفير خدمة الانترنت في تلك الظروف الصعبة.
مكن النظام الاستثنائي نحو 56 ألف طالب في غزة من مواليد عامي 2006 و2007 من التقدم للامتحانات على دفعتين متتاليتين الأولى نجح فيها 26 ألف طالب، والثانية والتي أعلن عن نتائجها أمس الخميس، ونجح فيها نحو 30 ألف طالب وطالبة ، ليصبح هؤلاء مؤهلين للالتحاق بالجامعات.
رغم النزوح المتواصل والقصف على مدار الساعة وحالة الفقد الكبيرة في القطاع واستشهاد عائلات بأكملها، حازت أعداد كبيرة من الطلبة على معدلات عالية.
وفي شوارع غزة ومخيمات النزوح، وفوق ركام المنازل المدمرة، سادت أجواء فرح خجول بين الأهالي رغم بساطة الاحتفال وقسوة الواقع.
العائلات التي فقدت بيوتها وجزءا من أفرادها حاولت التعبير عن فرحتها بنجاح أبنائها عبر صور متواضعة، وأغان تشغل عبر مكبرات صغيرة، أو توزيع بعض الحلوى على الجيران في الخيام.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل فيديوهات عديدة تروي قصص طلاب انتزعوا النجاح من وسط الركام والمنازل المدمرة، في ظل إصرارهم على إكمال مسيرتهم التعليمية متمكنين من حصد معدلات عالية.
تأتي هذه الامتحانات في ظل واقع تعليمي مأساوي، إذ أعلنت وزارة التربية والتعليم أن نحو 95% من المباني التعليمية في غزة تضررت، و85% منها خرجت عن الخدمة بشكل كلي أو جزئي نتيجة القصف الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
المصدر:
القدس