آخر الأخبار

تهجير “رأس جرابة”.. الاستيطان على أنقاض قرى النقب

شارك

تتجه قرية "رأس جرابة" البدوية في النقب جنوب فلسطين، نحو إحدى أكثر المحطات خطورة في تاريخها، بعد مصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية على قرار تهجيرها وإخلاء سكانها البالغ عددهم 500 نسمة خلال 90 يوما فقط.

يفتح القرار، الذي رُفض استئنافُ الأهالي ضده، الباب واسعا أمام تنفيذ مخطط أكبر يستهدف هدم 39 قرية بدوية ترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بها رغم أنها قائمة قبل قيام إسرائيل في النكبة، ويهدد تهجير ما يقارب 150 ألف فلسطيني بدوي، ومصادرة أراضيهم الممتدة على نحو 800 ألف دونم.

فجّر الحكم موجة غضب واسعة، إذ اعتبر مركز "عدالة" لحقوق الإنسان، الذي يترافع عن سكان رأس جرابة، أن المحكمة الإسرائيلية العليا "تمنح شرعية قضائية لنظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) وتكرس سياساته في النقب"، مؤكدا أن ما يجري استمرار لنهج اقتلاع القرى البدوية.

معركة وجودية وسط هذا المشهد، يخوض التسعيني فريج الهواشلة، أحد أبناء رأس جرابة، معركة وجودية ضد مخطط الاقتلاع. ومعه يقف أهالي القرية في مواجهة قرار يهدد بنكبة جديدة في النقب، في ظل تحذيرات من أن يشكل هذا التطور القضائي سابقة خطيرة تُمهّد لموجة تهجير واسعة في جنوب البلاد.

يستعيد الشيخ الهواشلة ذاكرة النكبة الأولى (عام 1948) وهو يتحدث من قلب قريته رأس جرابة، حيث ولد وعاش وتمسك بأرضه رغم كل محاولات الاقتلاع. يقول إنه كان في الـ14 من عمره حين بدأت ملامح الكارثة تتشكل، ويتذكر كيف فر أبناء العشائر في المنطقة خوفا من الحرب.

رغم الاحتلال والنكبة، آثر الهواشلة البقاء في أرضه، فصمد مع عائلته وواصل فلاحة الأرض وتربية المواشي. وكانت مسطحات الأراضي التابعة لقبيلته تُعرف باسم "الشعيرية" أو "مركبة الهواشلة".

يستذكر الهواشلة مشاهد التشريد الأولى، حين نزحت عائلات كثيرة نحو القدس والضفة الغربية شمالا، ثم إلى الأردن شرقا. ولم يبق في المكان سوى 10 عائلات حصلت على تعهّد خطي من الحاكم العسكري الإسرائيلي بعدم التعرض لها.

ومع توقف موجة النزوح القسري، واصل من بقي من الأهالي حياتهم على الأرض ذاتها، لكن مع تضييق متدرج بدأ يطوقهم، إذ قلصت إسرائيل مساحات الأراضي المسموح لهم باستخدامها.

ويؤكد الشيخ فريج أن مخططات التهجير لم تتوقف، "فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استهدفت القرى مسلوبة الاعتراف بحجة تطوير النقب، لكن الحكومة الحالية تشنّ حربا على الوجود العربي، وتهدد بهدم التجمعات البدوية ومصادرة نحو مليون دونم."

ويرفض الهواشلة، كسائر سكان رأس جرابة، أي حلول لا تفضي إلى الاعتراف بقريتهم. ويوضّح أن الإسرائيليين "صعّدوا الهدم والتشريد وتدمير المحاصيل ومنع رعاية المواشي."

ويضيف "أنا أكبر من عمر إسرائيل، ورأس جرابة قائمة قبل ديمونا، ونحن أصحاب حق. منذ النكبة نصادر من أراضينا، واليوم يريدون اقتلاع آخر ما تبقى."

تعكس معاناة رأس جرابة واقعا أوسع تعيشه القرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب، التي تخوض صراعا وجوديا على الأرض في مواجهة مشاريع إسرائيلية تهدف إلى إقامة مزارع فردية ومستوطنات.

ويرى مدير مركز "عدالة" الحقوقي، المحامي حسن جبارين، أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتهجير سكان رأس جرابة يشكل انقلابا قضائيا على حكم سابق.

وأوضح أن هيئة المحكمة العليا أقرت بأن سكان رأس جرابة يعيشون في أراضيهم منذ عقود طويلة، وبعلم السلطات الإسرائيلية و"بترخيص ضمني".

لن نرحل حتى لو أطلقوا الرصاص على صدورنا العارية. نحن ندافع عن وجودنا.
القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا