آخر الأخبار

الاستخبارات الأميركية تكشف استخدام إسرائيل للفلسطينيين كدروع بشرية في غزة

شارك

كشفت تقارير استخباراتية أميركية حديثة أن مسؤولين إسرائيليين ناقشوا إرسال فلسطينيين إلى أنفاق يشتبه بأنها ملغمة بالمتفجرات، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول استخدام المدنيين كدروع بشرية في قطاع غزة. وتشير المصادر إلى أن هذه المعلومات وصلت إلى البيت الأبيض، وأثارت جدلاً واسعًا داخل المجتمع السياسي الأميركي حول أبعاد هذه الممارسات القانونية والأخلاقية.

ووفقًا لتقارير من وكالة رويترز ومحطة الجزيرة، جمعت أجهزة الاستخبارات الأميركية معلومات تفيد بأن بعض المسؤولين الإسرائيليين أرسلوا فلسطينيين، بعضهم لم يشتبه في تورطه بأعمال عنف، لدخول أنفاق محتملة التفخيخ، بهدف كشف أي مخاطر قبل دخول القوات الإسرائيلية. وأفادت التقارير أن بعض هؤلاء المدنيين أو المعتقلين كانوا يرتدون زي الجيش الإسرائيلي أو تُقيد أيديهم أثناء العملية، وقد أطلق الجنود الإسرائيليون مصطلحًا داخليًا يُعرف بـ"شوايش" للإشارة إلى هؤلاء الأفراد.

وأشارت التقارير إلى أن الولايات المتحدة ناقشت داخليًا ما إذا كانت هذه الممارسات تمثل انتهاكًا متعمدًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استخدام المدنيين كدروع بشرية، ودرس مستشارو القانون العسكري الأميركي الأدلة المتاحة قبل الوصول إلى استنتاج مفاده أن هذه الحالات لم تصل إلى حد تصنيفها كجرائم حرب بشكل رسمي. ويشير هذا القرار إلى التحديات المعقدة التي تواجهها واشنطن في موازنة علاقتها الإستراتيجية مع إسرائيل مع الالتزامات القانونية الدولية وحماية حقوق المدنيين.

وقد وثقت منظمات حقوقية دولية، مثل مرصد الأورومتوسطي وكسر الصمت Euro-Med Monitor وBreaking the Silence، عدة حالات فلسطينيين أُجبروا على دخول أنفاق أو منازل مشتبه بأنها مفخخة، ما يضعهم في خطر مباشر على حياتهم. كما أكدت الأمم المتحدة في تقرير لها أن بعض هذه الممارسات "تشكل استخدامًا للمدنيين كدروع بشرية"، مما يثير مخاوف من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان خلال النزاعات المسلحة في غزة.

تحليلًا معمقًا، تكشف هذه المعلومات عن بعدين رئيسيين: الأول يتعلق بالأخلاق والإنسانية، حيث يتم توظيف المدنيين كأدوات عسكرية، وهو ما يعكس تهديدًا صارخًا للحياة المدنية ويثير غضبًا شعبيًا ودوليًا. والثاني بعد سياسي واستراتيجي، إذ يضع واشنطن أمام معضلة كبيرة؛ فهي داعم رئيسي لإسرائيل، لكن التعاطي مع معلومات عن ممارسات قد تصل إلى حد انتهاك القانون الدولي يفرض عليها ضغطًا سياسيًا وديبلوماسيًا، خصوصًا في ظل تصاعد الحديث عن المسؤولية القانونية الدولية.

كما يثير التقرير تساؤلات حول طبيعة الممارسات العسكرية الإسرائيلية: هل هي سياسة رسمية ممنهجة، أم إجراءات محلية محدودة ضمن سيناريوهات قتالية معينة؟ الشفافية المحدودة للتحقيقات الإسرائيلية تجعل من الصعب تحديد حجم هذه الممارسات وتكرارها، ما يعقد تقييم المجتمع الدولي للمخاطر الواقعية على المدنيين.

وتشير هذه التطورات إلى أن حرب غزة الحديثة، بصورها الميدانية والتقنية، لم تعد مجرد مواجهة بين قوات مسلحة، بل تشمل حربًا نفسية وإنسانية، حيث يصبح المدنيون أدوات غير مباشرة للصراع. وتبرز هذه الحالات الحاجة الملحة لتعزيز الضوابط الدولية على النزاعات المسلحة، وضرورة مساءلة أي طرف يخرق القانون الدولي الإنساني، بما يحمي المدنيين ويحد من المعاناة الإنسانية.

في المحصلة، يطرح كشف الاستخبارات الأميركية قضية حساسة على الساحة الدولية: كيف يمكن للدول الحليفة مواجهة أو معالجة انتهاكات محتملة لشريك استراتيجي دون الإضرار بالعلاقات الثنائية؟ وما هي الضمانات المطلوبة لضمان حماية المدنيين في مناطق النزاع؟ هذه الأسئلة تبقى مطروحة على طاولة النقاش العالمي، في ظل استمرار التوترات المتصاعدة في قطاع غزة، وازدياد المخاطر الإنسانية على السكان المدنيين.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا