تكشف أرقام صادمة عن جريمة حرب منظمة تستهدف الحياة نفسها في قطاع غزة، حيث قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مركز البسمة للإخصاب لتقتل آلاف الأجنة في لحظة واحدة، ضمن نمط ممنهج لإبادة الفلسطينيين ومنع الولادات بينهم.
وسلطت فقرة "النافذة الإنسانية" الضوء على استهداف الأجنة والرضع والأطفال في قطاع غزة، حيث تؤكد الرئيسة السابقة للجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل نافي بيلاي أن قذيفة واحدة لم تغب عن ذهنها، وهي قذيفة أطلقها الجيش الإسرائيلي على مركز البسمة للإخصاب في قطاع غزة أواخر عام 2023 لتقتل آلاف الأجنة بلحظة واحدة.
وتضيف بيلاي في حديث مع صحيفة الغارديان البريطانية أن تلك الضربة كانت مقصودة لمنع الولادات بين الفلسطينيين، في جريمة تندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية.
وأبادت القذيفة الإسرائيلية على مركز البسمة للإخصاب أربعة آلاف جنين في لحظة واحدة. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن 12 ألف حالة إجهاض حصلت بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية خلال الحرب.
واستشهد أكثر من 20 ألف طفل خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع. وأشار المكتب الإعلامي إلى أن أكثر من ألف طفل استشهدوا وأعمارهم أقل من عام واحد.
ولفت المكتب إلى أن 450 رضيعا ولدوا واستشهدوا خلال الحرب. ونوّه إلى أن 40 ألف طفل رضيع مهددون بالموت جوعا نظرا لنقص الحليب.
وأفاد المكتب بأن أكثر من 5 آلاف و200 طفل يحتاجون العلاج فورا خارج القطاع.
ويؤكد رئيس جناح الولادة بمستشفى العودة ورئيس مركز البسمة الدكتور بهاء الغلاييني أن هذه الأرقام لا يوصف مدى الكارثية فيها ومدى الإجرام ومدى الظلم الذي يحصل في فلسطين.
وأضاف أن القذيفة أصابت قلوب آلاف الموظفين في المركز والمرضى الذين يملكون أجنة محفوظة.
ويوضح الغلاييني أن بعض المرضى فقدوا الأمل نهائيا، خاصة أولئك الذين يصعب عليهم إنتاج بويضات أخرى أو حيوانات منوية جديدة، لا سيما مرضى السرطان أو الأمراض المزمنة أو النساء اللاتي أفرغت مبايضهن محتواها.
واعتبر أن هذه الشريحة، التي تشكل ربعَ أو ثلثَ الخمسة آلاف مريض، انتهى أملهم تماما في الإنجاب.
وأمسك محامون في جامعة شيكاغو الأميركية بطرف الخيط، وأجروا تحقيقات ورفعوها إلى لجنة مستقلة في الأمم المتحدة.
وانتهى المحامون واللجنة نفسها إلى أن الموضوع كان مقصودا.
ويوضح الغلاييني أن هناك محاولات كثيرة قبل القصف من مدير المختبر للتواصل عبر هيئة خيرية أممية في قطاع غزة مع الجيش الإسرائيلي، لتمويل المركز بالنيتروجين السائل الذي بدأ يتناقص وكانت جرارات الغاز على وشك أن تفرغ منه.
ورفض الجيش الإسرائيلي السماح بنقل جرار الغاز الموجودة في منطقة المطارات إلى المركز لإنقاذ الأجنة.
وجاء القصف بعد أيام من هذا الرفض ليقضي على جميع الأجنة المحفوظة، في دليل واضح على تعمد الإبادة.
ويرى الغلاييني أن هناك انطباعا عاما وعالميا بأن هذه حرب إبادة، وأن قتل الأجنة جزء من هذه الإبادة الممنهجة.
وأضاف أن الموضوع لا يتعلق فقط بقتل الأجنة، بل هناك حالة من الاستهداف المتعمد في تجويع سكان القطاع بشكل عام، والرضع والأطفال بشكل خاص.
ويصف الغلاييني الوضع بأنه واضح وضوح الشمس، لكن العالم المتنفذ، والدول التي لها سيطرة على الأمم المتحدة والهيئات الدولية ومحكمة العدل الدولية، تغمض أعينها عن الحقيقة.
وأشار إلى أن كل ما يحصل هو إدانات وشجب واستنتاجات واضحة من المحققين والمنظمات الدولية بأن الأمر مقصود والإبادة موجودة، لكن ذلك لا يترجم أبدا إلى واقع عملي يحاسب المجرمين.
المصدر:
القدس