الحدث الفلسطيني
فتوى شرعية هامة صادرة عن فضيلة الشيخ إحسان إبراهيم عاشور – مفتي محافظة خان يونس وعضو مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين
في ظلّ ما يعيشه شعبنا من ظروفٍ حربٍ قاسية واضطرابٍ في الأسواق، وادّعاء بعض التجار والمزارعين أن "التسعير" محرم شرعًا، أو تورّع بعض العاملين في ضبط الأسواق عن ممارسته، بيّن الشيخ – حفظه الله – الحكم الشرعي الواضح في هذه المسألة:
أولاً: الأصل أنَّ التسعير في الأوضاع العادية منهيٌّ عنه، كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ حين قال:
«إن الله هو المسعِّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمةٍ في دمٍ ولا مال».
ثانياً: لكن هذا النهي خاصٌّ بالأحوال المستقرة، أمّا في الظروف الطارئة وأوقات الحرب حين يتغوّل بعض التجار، ويحتكرون السلع، ويرفعون الأسعار ظلمًا، ويضيّقون على الناس، فهنا يجب ضبط الأسعار بما يحمي المواطنين من الجشع والاحتكار ويمنع استغلال حاجة الضعفاء.
ثالثاً: على ولاة الأمر والجهات المختصة أن يفرضوا تسعيرًا عادلاً بمشورة أهل الخبرة، تحقيقًا للمصلحة العامة، ومن يتقاعس عن ذلك يأثم شرعًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«يجب التسعير عليهم بحيث لا يبيعون إلا بقيمة المثل، ولا يشترون أموال الناس إلا بقيمة المثل».
رابعاً: يجب التفريق بين نوعين من السلع:
1️⃣ السلع المستوردة والمخزّنة قبل إغلاق المعابر أو التي ما زالت تدخل بعد وقف إطلاق النار: يجب إلزام التجار بإخراجها وبيعها بأسعار عادلة، لأن احتكارها ورفع أسعارها بغير مبرر هو أكل لأموال الناس بالباطل.
ولا يجوز الاقتصار على محاسبة صغار الباعة وترك كبار التجار المحتكرين.
2️⃣ السلع المحلية كالمزروعات: يجب تسعيرها بما يحقق التوازن بين جهد المزارع وقدرة المواطن، مع متابعة من يبيع مستلزمات الزراعة (السماد، البذور، الأدوية...) لأنهم جزء من منظومة رفع الأسعار.
خامساً: يؤكد الشيخ أن القائمين على ضبط الأسعار في هذه المرحلة هم مجاهدون ومرابطون على ثغرٍ من ثغور الأمة، يحفظون الجبهة الداخلية من الانهيار، ويمنعون الظلم والاحتكار، ومن قضى منهم محتسبًا فهو شهيد في سبيل الله.
سادساً: ويختم الشيخ بدعوة التجار والمزارعين إلى تقوى الله والرحمة بشعبهم، والتعاون على جعل الأسعار في متناول الجميع، وإفشال مخططات العدو في ضرب صمود الجبهة الداخلية.
المصدر:
الحدث