آخر الأخبار

معطيات جديدة حول ظاهرة الانتحار في جيش الاحتلال خلال الحرب

شارك

ترجمة الحدث

كشف تقرير جديد صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي عن ارتفاع مقلق في حالات ومحاولات الانتحار داخل صفوف جيش الاحتلال منذ اندلاع الحرب على غزة، ما يعكس أزمة نفسية متنامية في أوساط الجنود، وخصوصًا بين جنود الوحدات القتالية والاحتياط. ووفق التقرير، الذي أُعدّ بطلب من عضو الكنيست عوفر كسيف (عن حزب حدش)، حاول 279 جنديًا الانتحار خلال الثمانية عشر شهرًا الأخيرة، في حين ارتفع عدد المنتحرين الفعليين بنسبة 56% مقارنة بالسنوات السابقة.

وبحسب المعطيات الرسمية، فقد انتحر 124 جنديًا بين عامي 2017 ويوليو 2025، بينما بلغ المعدل السنوي خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة نحو 18 حالة انتحار، وهو رقم يفوق المعدلات السابقة بشكل واضح. وزارة الأمن في كيان الاحتلال برّرت هذا الارتفاع بأنه “انعكاس طبيعي لزيادة عدد الجنود بعد اندلاع الحرب”، لكنها لم تقدم بيانات تدعم هذا الادعاء، في حين حذّر خبراء في الصحة النفسية من أن المرحلة الأخطر ما تزال أمام الجيش، إذ يُتوقع أن تتفاقم الأزمة النفسية والانتحارات مع انتهاء الحرب وعودة الجنود من الجبهات وهم يعانون من صدمات أخلاقية ونفسية حادة.

وأظهر التقرير أن الانتحار يتركز بشكل خاص بين جنود الوحدات القتالية، الذين شكّلوا بين عامي 2017 و2022 ما نسبته 42% إلى 45% من إجمالي المنتحرين في الجيش، قبل أن ترتفع النسبة إلى 78% في عام 2024. وتكشف هذه الأرقام عن تدهور غير مسبوق في الحالة النفسية لتلك الوحدات التي وجدت نفسها في قلب العمليات الميدانية الأكثر عنفًا منذ السابع من أكتوبر. كما أشار التقرير إلى أن 68% من المنتحرين هم من الجنود في الخدمة الإلزامية، و21% من جنود الاحتياط، و11% من النظاميين، بينما 91% منهم من الذكور، ما يعكس طبيعة الذكورية الصلبة في المؤسسة العسكرية التي تمنع الاعتراف بالضعف أو طلب المساعدة.

منذ يناير 2024 وحتى يوليو 2025، سُجلت 279 محاولة انتحار في صفوف الجيش، بينها 33 محاولة وُصفت بأنها خطيرة وكان يمكن أن تؤدي إلى وفاة أو إصابة خطيرة. واللافت أن جيش الاحتلال لم يكن يوثق محاولات الانتحار قبل عام 2024، ما يجعل الأرقام الحالية أول قاعدة بيانات رسمية حول الظاهرة. كما بيّن التقرير أن 17% فقط من المنتحرين سبق أن تلقوا علاجًا نفسيًا عسكريًا، ما يشير إلى قصور كبير في منظومة الدعم النفسي داخل الجيش، رغم الموارد الضخمة التي تُخصص لوحداته الطبية والاستخبارية.

عضو الكنيست عوفر كسيف، الذي طالب منذ عام 2021 بالكشف عن هذه البيانات، قال إن ما يجري هو انعكاس مباشر لـ”حرب الإبادة في غزة” وتبعاتها على الجنود الإسرائيليين. وأضاف في تصريحات صحفية أن “لا شيء أغلى من حياة الإنسان، وأزمة الانتحار داخل الجيش ستزداد مع عودة آلاف الجنود المصابين نفسيًا وأخلاقيًا. المطلوب اليوم هو إنشاء منظومات دعم حقيقية للجنود، والأهم من ذلك إنهاء الحروب والسعي نحو سلام يضع حدًا لهذه الكارثة الإنسانية”.

ويخلص التقرير إلى أن الانتحار في صفوف جيش الاحتلال لم يعد ظاهرة فردية، بل أصبح مؤشرًا بنيويًا على الانهيار النفسي الداخلي للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي تُخاض حروبها المتتالية بلا معالجة جذرية لتداعياتها الإنسانية. فبينما تروّج المؤسسة الأمنية لصورة القوة والردع، تكشف الأرقام عن واقع مغاير: جيش ينهار من الداخل، يعاني من نزيف صامت خلف الجبهات، ومن أزمة أخلاقية تتجاوز حدود الميدان إلى عمق المجتمع الإسرائيلي نفسه.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا