آخر الأخبار

أوهام اليمين الإسرائيلي التي دفنت في غزة

شارك

الحدث الإسرائيلي

قال المحلل السياسي الإسرائيلي مناحيم هوربيتش إن إسرائيل اعتادت أن تبدأ عملياتها العسكرية بصخبٍ واحتفالاتٍ إعلامية ضخمة: بيانات استثنائية من رئيس الحكومة ووزير الجيش ورئيس الأركان، إطلاق أسماء رنانة للعمليات، وتحليلات تتحدث عن «الانهيار» و«القضاء النهائي» و«العمليات غير المسبوقة» التي «ستغيّر الواقع» وربما «الشرق الأوسط بأسره». لكن النهاية دائمًا تكون مختلفة: أقل صخبًا، وأحيانًا يسعى الجميع إلى إخفاء خبر وقف إطلاق النار. ذروة المفارقة كانت حين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في لحظة حماس داخل الكنيست ومع عودة عدد من الأسرى، ما لم يجرؤ نتنياهو وحكومته على قوله: «الحرب انتهت».

ووفقًا له، تلك اللحظة لم تُنهِ فقط الحرب المدمّرة في غزة، رغم حادثة الأسبوع الماضي، بل دشّنت مرحلة جديدة في السياسة الإسرائيلية. بعد عامين من الوعود والتهديدات والمزايدات، اصطدمت إسرائيل مجددًا بالواقع. النقاش حول «احتلال غزة» أو «إقامة مستوطنات» أو «تشجيع الهجرة» فقد معناه. وحتى إن عادت المواجهات لاحقًا، فإن مستقبل القطاع يبدو أبعد ما يكون عن أي رؤية طُرحت منذ السابع من أكتوبر.

وبحسبه، خلال الاحتفالات بعودة الأسرى الأحياء، شعر الإسرائيليون بخيبةٍ من نهاية الحرب التي لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة: لا نزع سلاح غزة، ولا تفكيك حماس، ولا تغيير الحكم فيها، ولا حتى فرض سيطرة أمنية إسرائيلية. يشبه هذا الإخفاق فشل إسرائيل في نزع سلاح حزب الله أو القضاء على المقاومة في الضفة الغربية رغم نجاحات تكتيكية هنا وهناك. وإذا كانت تلك الأهداف لم تتحقق، فكيف يمكن الحديث عن إعادة السيطرة على غزة أو جعلها «منطقة يهودية» كما حلم البعض؟.

ويتابع بأن الموقف اليميني الرافض لإنهاء الحرب ولصفقة الأسرى انهار فجأة تحت ضغط ترامب. كل الخطابات التي ملأت جلسات الحكومة ووسائل الإعلام ومسيرات الحدود فقدت معناها بين ليلة وضحاها. كان يُقال إن غزة ستتحول إلى «هونغ كونغ إسرائيلية» أو إلى «جنة عقارية» كما صرّح سموتريتش، وإنها ستُصبح «حيًّا للشرطة» كما أعلن بن غفير. وها هي الأحلام تتبخر، كأنها لم تكن إلا خيالًا سياسيًا لا صلة له بالواقع. يمكن توجيه اللوم إلى بايدن الذي فرض إدخال المساعدات، أو إلى رؤساء الأركان «غير الهجوميين»، أو إلى نتنياهو ووزير الجيش اللذين لم «يذهبا حتى النهاية»، أو إلى ترامب الباحث عن «جائزة نوبل». لكن في المحصلة، لم يتحقق أي وعد. حتى مشروع فرض السيادة على مستوطنات الضفة الغربية لم يُحرز تقدمًا.

ويضيف هوربيتش أن اليمين نسي جوهر الأمور. حتى من دون انتخابات قريبة، عليه أن يعيد حساباته: أن يتعامل مع الواقع لا مع الأوهام، وأن يحدد أهدافًا واقعية قابلة للتحقيق، مثل حماية المستوطنات في الضفة الغربية باعتبارها «حزام الأمان الشرقي»، وتعزيز الاستيطان، وتبنّي سياسة أمنية صارمة، وتحصين الهوية اليهودية للدولة.

ويضرب مثالًا سموتريتش الذي قال في في مدينة سديروت إن «غزة ستضم استيطانًا يهوديًا ولن يكون فيها حماس». يتساءل هوربيتش: كيف يمكن أخذ هذا الكلام بجدية؟ ثم يذكّر بتصريحات سموتريتش المتكررة، من «لن يدخل حبة قمح من المساعدات» إلى قوله إن «في غزة بونانزا عقارية» وإن حكومته «تتفاوض مع الأمريكيين على تقسيم الأراضي». ويخلص إلى أن الفجوة بين هذه التصريحات والواقع الميداني ستقضي على مستقبله السياسي.

ويشير إلى أن صعود نفتالي بينيت مجددًا، بعدما كان يُعتبر سياسيًا منتهي الصلاحية، يعكس مزاجًا عامًا لدى ناخبي اليمين الباحثين عن الواقعية لا عن المبالغات. فكما فشل اليسار في حقبة أوسلو حين غرق في أوهام «الشرق الأوسط الجديد» رغم التفجيرات في الشوارع، فإن اليمين اليوم يسقط في الوهم ذاته، ولكن باتجاهٍ معاكس. إذا خاض الانتخابات القادمة بخطاب الأحلام والرغبات، فسيكتشف أن الناخبين سيبحثون عن بدائل أكثر واقعية.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا