ترجمة الحدث
شهد موقف الطائفة الدرزية السورية في هضبة الجولان المحتل تحولاً "دراماتيكياً" نحو الاندماج العسكري في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد عقود طويلة من التمسك بالهوية السورية ورفض الخدمة. وكشفت معطيات نشرتها صحيفة "إسرائيل اليوم" عن أرقام تشير إلى تغير اجتماعي عميق داخل هذه القرى السورية المحتلة.
القفزة العسكرية: 600% زيادة في التجنيد
وتُظهر البيانات الرسمية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي حصلت عليها الصحيفة، ارتفاعاً غير مسبوق في أعداد المتجندين الدروز من الجولان منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
وتشير البيانات إلى ارتفاع يتجاوز 600% في أعداد المتجندين الدروز من الجولان، حيث انضم نحو 150 شاباً إلى صفوف جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، بينهم 120 في خدمة الاحتياط و30 في الخدمة الإلزامية.
وقبل الحرب، لم يكن عدد المتجندين يتجاوز أربعة أشخاص فقط. ويخدم هؤلاء الشباب حالياً في وحدات قتالية وطبية خاصة، بما في ذلك وحدات النخبة ووحدة "مجدّنيي الجولان".
ويؤكد ضباط في جيش الاحتلال أن التغير لا يُقاس بالأرقام فحسب، بل بالعمق الاجتماعي، مشيرين إلى أن الشاب الدرزي الذي كان يتجند "سرًا" في الماضي، بات اليوم "يفتخر بارتداء الزي العسكري".
ونقلت الصحيفة عن ضباط في جيش الاحتلال قولهم إن الأهم من الأرقام هو التغير الاجتماعي، حيث "في الماضي، كان الشاب الدرزي من الجولان يتجند سرًا، أما اليوم فهو يفتخر بارتداء الزي العسكري".
سياسة "الاحتواء الهادئ" وتزايد التجنيس
ويتعامل جيش الاحتلال بحذر مع هذا التحول، مفضلاً الامتناع عن إطلاق حملات تجنيد نشطة لتفادي الضغط على المجتمع المحلي الذي لا يزال منقسماً حول الهوية. وبدلاً من ذلك، يكتفي الجيش بتقديم دعم لوجستي وتعليمي، مثل دورات لغة عبرية وبرامج تأهيل تهدف إلى ربط المجندين بالبيئة الإسرائيلية.
في سياق متصل، لم يقتصر التحول على الجانب العسكري، بل رافقه قفزة "قياسية" في طلبات التجنيس. فمنذ مطلع عام 2025، تقدم أكثر من 1000 درزي من الجولان بطلبات للحصول على الجنسية الإسرائيلية، مقارنة بعشرات الطلبات فقط في السنوات السابقة. وتتوقع التقديرات أن يحمل نصف سكان الجولان الدروز الجنسية الإسرائيلية خلال عام واحد.
ويشكل هذا الاندماج قطيعة مع الإرث التاريخي لسكان القرى الدرزية الأربع المحتلة (مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة، وعين قنية)، الذين رفضوا الجنسية الإسرائيلية وتمسكوا بهويتهم السورية، وقادوا انتفاضة مدنية واسعة في عام 1982 ضد فرض القانون الإسرائيلي.
الجولان المحتل: من المقاومة المدنية إلى التجنيد
يُقدر عدد دروز الجولان المحتل بنحو 25 ألف نسمة، ويُقيمون في أربع قرى سورية (مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة، وعين قنية) وتقع ضمن الهضبة التي احتلتها "إسرائيل" عام 1967.
بعد الاحتلال، رفضت الغالبية العظمى من دروز الجولان الحصول على الجنسية الإسرائيلية وتمسّكت بهويتها السورية، وشكلوا نموذجاً فريداً من المقاومة المدنية، أبرزها انتفاضة عام 1982 ضد محاولة فرض الهوية الإسرائيلية، حيث أحرق الأهالي بطاقات الهوية ونظموا إضراباً وعصياناً واسع النطاق. ويشير التقرير إلى أن هذا التحول الجديد يمثل قطيعة واضحة مع هذا الإرث الطويل.