آخر الأخبار

يديعوت أحرونوت: غياب نتنياهو عن قمة شرم الشيخ كشف عزلة إسرائيل

شارك

ترجمة الحدث

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريرًا مطولًا تناولت فيه غياب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن الصورة الجماعية في ختام قمة شرم الشيخ التي خُصصت لترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بمشاركة قادة من الشرق الأوسط وأوروبا، في حين كان الغياب الوحيد اللافت إلى جانب حركة حماس هو غياب نتنياهو نفسه. وذكرت الصحيفة أن رئيس الحكومة تلقّى دعوة رسمية في اللحظة الأخيرة بعد تدخل مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبدأ بالفعل بالتحضير للسفر، لكنه تراجع في الساعات الأخيرة وقرر عدم المشاركة، في خطوةٍ وصفتها الصحيفة بأنها ذات أبعاد سياسية ودبلوماسية داخلية معقّدة، تحمل انعكاسات سلبية وأخرى إيجابية.

وأوضحت الصحيفة أن أوساط اليمين المتطرف داخل الائتلاف الحاكم تشعر بخيبة أمل كبيرة لأن الحرب انتهت دون تحقيق الهدف المعلن بتفكيك حركة حماس أو إعادة إعمار قطاع غزة دون مشاركة السلطة الفلسطينية. ورأت أن ظهور نتنياهو في القمة، خصوصًا إلى جانب الرئيس محمود عباس، كان من شأنه أن يشعل أزمة داخلية جديدة في ظل التوتر القائم داخل اليمين الإسرائيلي. كما أشارت إلى أن مشاركته خلال فترة الأعياد اليهودية كانت ستثير غضب الأحزاب الحريدية، رغم أنه سبق وسافر في مناسبات مماثلة ولم تحدث أزمة في ذلك الوقت، إلا أن الحسابات السياسية الداخلية هذه المرة كانت أكثر تعقيدًا.

في المقابل، رأت الصحيفة أن غياب نتنياهو ألحق ضررًا واضحًا بصورة إسرائيل الدولية التي باتت أكثر عزلة في العامين الأخيرين، خصوصًا وأن القمة جمعت قادة عربًا وأوروبيين في مشهد رمزي عابر للانقسامات، بينما غابت إسرائيل عن منصة الحوار الإقليمي، لتبدو وكأنها تقف في خانة العزلة إلى جانب حماس. وأشارت إلى أن ظهوره في قمة عربية كان سيمنح إسرائيل فرصة لتأكيد أنها الطرف المنتصر في الحرب، ويعيد لها شيئًا من مكانتها التي تراجعت.

وتابعت الصحيفة أن السبب الرسمي الذي أعلنه مكتب نتنياهو لعدم الحضور كان “قرب حلول العيد”، إلا أن ذلك لم يكن التفسير الحقيقي، إذ ترجّح مصادر سياسية أن نتنياهو خشي من أن تقوده القمة إلى مسار سياسي جديد قد يفرض عليه القبول بمبادئ تؤدي في نهاية المطاف إلى قيام دولة فلسطينية، أو إلى تسوية لا يرغب بها. كما لم تستبعد الصحيفة أن نتنياهو أراد تفادي أي مواقف محرجة في القمة، سواء بسبب احتمال رفض بعض القادة مصافحته علنًا أو بسبب مشاركته إلى جانب زعماء مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو العاهل الأردني عبد الله الثاني، اللذين لا يكنّان له مودة سياسية. وأضافت أن مجرد ظهوره في صورة واحدة إلى جانب الرئيس محمود عباس كان سيُعتبر كارثة سياسية في نظر قاعدته اليمينية، لأنها تذكّر بفكرة حل الدولتين التي يحاول نتنياهو إخفاءها من النقاش العام.

وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن جميع القادة الذين حضروا القمة، بمن فيهم ترامب، ينظرون إلى الدولة الفلسطينية باعتبارها الحل النهائي، ولو في مراحل لاحقة، وأن وجود نتنياهو في القمة كان سيُفسَّر كقبول ضمني بهذا التوجّه. كما لفتت إلى أن خطاب ترامب في الكنيست أظهر بوضوح ازدواجية في التعامل معه، إذ وصفه بـ”قائد حرب ممتاز”، لكنه في الوقت نفسه وجّه إليه رسالة قاسية مفادها أن “الوقت قد حان لإنهاء الحروب والمضي نحو السلام”، في إشارة إلى أن واشنطن باتت ترى في استمرار الصراع عبئًا على استقرار المنطقة.

وأوضحت الصحيفة أن ترامب يسعى لتوسيع اتفاقات أبراهام وفق مبدأين يعتبرهما أساسيين هما “الاحترام والمال”، واضعًا السعودية على رأس أولوياته بسبب ثقلها الإقليمي ومكانتها الدينية والاقتصادية. إلا أن الرياض، بحسب التقرير، تنظر بعين الشك إلى نتنياهو، وترفض المضي في أي مسار تطبيعي من دون وجود صيغة تضمن حلاً سياسيًا على أساس دولتين، وهو ما يرفضه نتنياهو حتى الآن. لذلك، توجّه ترامب نحو دول أخرى مثل إندونيسيا وسوريا ولبنان، بل وذكر أيضًا دولًا أفريقية كالصومال وموريتانيا وعُمان كمرشحة محتملة لمسار التطبيع. كما لمّح إلى إمكانية بعيدة جدًا لعقد اتفاق مع إيران، رغم أن حظوظ ذلك شبه معدومة في ظل النظام الحالي بطهران.

وأكدت الصحيفة أن ترامب يطمح إلى ترك إرث سياسي يُخلّد اسمه كـ”رئيس أنهى ثماني حروب”، إذ وجّه فريقه للتركيز على إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا ثم الانتقال إلى الشرق الأوسط، سعيًا وراء جائزة نوبل للسلام التي يحلم بها منذ ولايته الأولى. وختمت يديعوت تقريرها بالقول إن قرار نتنياهو عدم المشاركة في قمة شرم الشيخ شكّل خطأً استراتيجيًا فادحًا، لأنه فوت على إسرائيل فرصة للظهور كطرف مسؤول يسعى إلى الحلول، واختار الانكفاء تجنبًا لخسائر سياسية داخلية قصيرة الأمد، بينما سيكون الثمن الدبلوماسي البعيد المدى باهظًا. فالقرار يعكس بوضوح أولوياته الحقيقية: الحفاظ على بقائه السياسي ولو على حساب صورة إسرائيل الدولية، وترك العالم يراه كجزء من المشكلة بدل أن يكون شريكًا في الحل.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا