آخر الأخبار

تعيين زيني لرئاسة “الشاباك”: حالة تكشف أزمة التعيينات الأمنية في "إسرائيل"

شارك

الحدث الإسرائيلي

قال المحلل السياسي الإسرائيلي دافيد بارنيع إن تقريرًا موسعًا نشرته صحيفة هآرتس مؤخرًا حول المرشح الجديد لرئاسة جهاز “الشاباك”، اللواء احتياط دافيد زيني، يكشف أبعادًا أعمق من مجرد سيرة مهنية. فالمسألة لا تتعلق بشخص واحد بقدر ما تعكس أزمة بنيوية في طريقة اختيار القيادات الأمنية والعسكرية في “إسرائيل”.

بارنيع استهل مقاله بقصة رمزية من أجواء ما بعد اغتيال إسحاق رابين، حين تم الاشتباه بشاب يرتدي “الكيبا” (القلنسوة الدينية) لمجرد أنه كان يقرأ المزامير في ساحة رابين. بالنسبة له، هذه القصة تكشف خطورة اختزال التيار الديني–القومي في صورة نمطية واحدة، مع أن الواقع أكثر تعقيدًا. ومن هنا يربط بين خلفية زيني الدينية وبين النقاش الدائر حول المرشحين الذين تخرجوا من “المعاهد الدينية التحضيرية” والتحقوا بالجيش، وهي شريحة صغيرة لكنها نافذة، تحمل مشروعًا ورسالة تتجاوز الأطر العسكرية.

على المستوى المهني، يوضح بارنيع أن مسيرة زيني لم تكن استثنائية: بدأ في “سييرت متكال”، ثم انتقل إلى لواء “غولاني” وتدرج في المناصب، لكنه لم يترك بصمة لافتة. فقيادته لألوية احتياط أو قاعدة التدريب في تسئيليم لم تُعتبر مواقع مفصلية. حتى عندما رُقي إلى رتبة لواء، كان ذلك ضمن منطق إداري أكثر منه استراتيجي، إذ انتهى به الأمر إلى قيادة “الفيلق الميداني” وهو منصب وُصف بـ”المهم شكليًا”. بالنسبة لبارنيع، هذه ليست حالة نادرة، بل مثال متكرر على “مبدأ بيتر” الذي يعاني منه الجيش الإسرائيلي: الضباط يُرقّون حتى يصلوا إلى مستوى يفوق كفاءتهم، ثم يتوقف صعودهم، أحيانًا بعد أن يكونوا تجاوزوا حدود قدراتهم.

وفي مقارنة تاريخية، يستحضر الكاتب نماذج سابقة: رفائيل إيتان، الذي عُدّ قويًا في ميدان القتال لكن أداءه كرئيس أركان كان كارثيًا؛ ورحبعام زئيفي الذي عُرف بفشله المهني لكنه وصل إلى رتبة لواء بفضل شبكاته الاجتماعية والسياسية. الفكرة الجوهرية هنا أن الرتب العليا لا تضمن الكفاءة، ولا القدرة على التفكير الاستراتيجي أو الإدارة.

غير أن ما يقلق بارنيع ليس فقط مسيرة زيني العسكرية، بل مرجعيته الفكرية والدينية. فبحسب هآرتس، يعتبر زيني نفسه تلميذًا للحاخام يهوشوع تسوكَرمان، أحد أبرز المقربين من الحاخام تسفي طاو و”مدرسة جبل همور”، وهي مدرسة دينية–أيديولوجية تُصنّف على أنها متشددة في رؤيتها الدينية والاجتماعية والسياسية. مثل هذه المرجعية، برأي بارنيع، تتناقض مع الدور القانوني للشاباك في حماية الديمقراطية والتعامل مع ظاهرة “الإرهاب اليهودي”.

الأخطر، كما يضيف، أن زيني – مثل غيره من أبناء المعاهد الدينية الذين ترقوا في الجيش – سيكون تحت رقابة مباشرة من لوبي المستوطنين، الذين لا يترددون في التشكيك في ولاء قادة الجيش والأذرع الأمنية إذا لم يخضعوا لأجندتهم. ما حصل لقادة المنطقة الوسطى وقادة ألوية الضفة الغربية قد يتكرر معه: إما أن يخدم أجندة المستوطنين أو يُتهم بالخيانة.

أما آلية التعيين بحد ذاتها، فيصفها بارنيع بأنها تحمل بصمة نتنياهو الكلاسيكية: عفوية سطحية من جهة، وتلاعب دقيق من جهة أخرى. فالعرض لزيني جاء في محادثة عابرة بالسيارة، بعيدًا عن المؤسسة العسكرية، وترافق مع أكاذيب تهدف لإخفاء الحقيقة واستفزاز الأطراف المعنية، في ظل غياب الشفافية والاستخفاف بالمهنية المؤسسية.

ويختم بارنيع بتحذير واضح: ربما لا يمكن إيقاف هذا التعيين، لكن ما يجعله فريدًا هو أن خطورته معلنة منذ البداية، على عكس حالات سابقة تبيّنت سلبياتها لاحقًا. بالنسبة لنتنياهو، فإن ما يراه الآخرون مشكلة هو بالذات ما يجعله مناسبًا، وهذا ما يجعله – بحسب بارنيع – تعيينًا مقلقًا، بل مقلقًا جدًا.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا