حدث الساعة
قالت صحيفة واشنطن بوست في تقرير للكاتب إيشان ثارور، إن استشهاد ما لا يقل عن 189 صحفيا فلسطينيا في قطاع غزة بنيران جيش الاحتلال منذ بدء العدوان في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، يمثل واحدة من أسوأ الهجمات على الصحافة في التاريخ الحديث، مشيرة إلى أن هذا الرقم لا يشمل كل الحالات، حيث أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يوم الاثنين أن عدد الصحفيين الذين استشهدوا بلغ 246 صحفيا منذ بدء العدوان على القطاع.
ويُعتبر هذا الرقم أعلى بكثير من حصيلة قتلى الصحفيين خلال عقدين من الحرب في أفغانستان، وحرب في أوكرانيا، وحتى حربي فيتنام وكوريا، وفقا للصحيفة.
وأوضح ثارور أن الاحتلال، الذي يمنع دخول وسائل الإعلام الدولية إلى غزة، تسبب في تحميل الصحفيين المحليين عبء تغطية العدوان بمفردهم، ما جعلهم هدفا مباشرا ودفعوا ثمنا باظا. وأشار إلى مجزرة وقعت الإثنين الماضي، حينما استهدف جيش الاحتلال مستشفى ناصر في خانيونس بضربتين متتاليتين، ما أسفر عن استشهاد 20 شخصا على الأقل، بينهم خمسة صحفيين، في ضربة موثقة جرى بثها على الهواء مباشرة.
وأوضح التقرير أن الهجوم الإسرائيلي استُخدم فيه أسلوب "الضربة المزدوجة"، إذ تم استهداف المكان مرة ثانية بعد دقائق من الضربة الأولى، بينما كان الصحفيون وطواقم الإنقاذ متجمعين في الموقع. ومن بين الشهداء مريم أبو دقة، وهي صحفية مستقلة تعمل مع وكالة "أسوشيتد برس"، والمصور حسام المصري، المتعاون مع وكالة "رويترز".
وفي سياق متصل، أشار الكاتب إلى أن فرص تحقيق العدالة في هذه القضايا تبقى محدودة، مستشهدا بعدم محاسبة أي طرف في استشهاد الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة عام 2022، رغم أن تحقيقات متعددة أكدت أنها استشهدت برصاص قناص إسرائيلي أثناء تغطيتها لاقتحام في الضفة الغربية.
وتناول ثارور في مقاله أيضا مذبحة الصحفيين في الفلبين عام 2009، والتي كانت تُعد حتى وقت قريب الهجوم الأشد دموية ضد الصحفيين في العصر الحديث. ففي مقاطعة ماغوينداناو جنوبي البلاد، نصب نحو 100 مسلح مرتبطون بفصيل سياسي محلي كمينًا لقافلة كانت متجهة لتسجيل مرشح معارض للانتخابات، ما أدى إلى مقتل 58 شخصا، من بينهم 32 صحفيا.
وكان يُعتقد أن وجود الصحفيين في القافلة قد يوفر حماية رمزية، لكن المهاجمين أعدموا الجميع ودفنوا الجثث في حفرة جماعية. واستمرت الإجراءات القانونية في هذه القضية سنوات، تخللتها عمليات اغتيال لشهود رئيسيين، وتشكيك سياسيين نافذين في دوافع الصحفيين الضحايا. وفي عام 2019 فقط، صدر حكم بالسجن المؤبد على بعض أفراد العائلة المتورطة في الجريمة.
وخلص الكاتب إلى أن التأخير في تحقيق العدالة بتلك المجزرة عزز مناخ الإفلات من العقاب، وهو ما يتكرر اليوم في سياق العدوان على غزة. ووفق منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن الفشل المستمر في حماية الصحفيين ومحاسبة قتلتهم يسلط الضوء على عجز المجتمع الدولي عن وقف العنف ضد الصحافة.