آخر الأخبار

لماذا تقف التشيك إلى جانب الاحتلال بقوة على عكس الدول الأوروبية الأخرى؟

شارك

ترجمة الحدث

سلطت القناة 12 العبرية الضوء على موقف جمهورية التشيك التي تبدو وكأنها تسير بعكس التيار الأوروبي في تعاملها مع الاحتلال خلال الأشهر الأخيرة. ففي الوقت الذي غمرت فيه الإدانات الدولية “إسرائيل” وترافقت مع خطوات عملية من معظم دول أوروبا لعزلها، أصرت براغ على الاستمرار في موقف داعم يصفه المراقبون بأنه بمثابة طبقة حماية دبلوماسية في مواجهة “تسونامي سياسي” يهدد الاحتلال.

سفيرة التشيك في تل أبيب فيرونيكا كوتشينوفا أكدت في مقابلة مع القناة أنها وبلادها سيواصلون مكافحة أي خطوات أوروبية ضد “إسرائيل”، مشيرة إلى أنّ موقفهم لم يتغير رغم الضغوط الهائلة التي تمارسها أغلبية دول الاتحاد الأوروبي. وأوضحت أن التشيك واحدة من ثلاث دول فقط لم تصدر إدانة رسمية، بل اكتفت وزارة خارجيتها بالتحذير من أن قرار احتلال مدينة غزة “خطوة محفوفة بالمخاطر” مع إضافة عبارة لافتة: “نحن نثق بإسرائيل” في حماية المدنيين، والتشديد على أنه لا يمكن تجاهل وجود حماس كسلطة في القطاع.

المحللون أشاروا إلى أن أهمية هذا الموقف لا تكمن فقط في بعده الرمزي، بل في نتائجه العملية داخل الاتحاد الأوروبي، إذ أن العقوبات الأشد التي يمكن أن تفرض مثل إلغاء اتفاقية الشراكة مع “إسرائيل” تتطلب إجماعًا كاملًا بين الدول الأعضاء، وبالتالي فإن وقوف التشيك إلى جانب الاحتلال يحول دون بلورة هذا الإجماع ويمنح تل أبيب متنفسًا دبلوماسيًا يمنع عزلها.

السفيرة كوتشينوفا رسمت ملامح التحالف بين الجانبين بالعودة إلى جذوره التاريخية، مذكّرة بزيارة الرئيس التشيكوسلوفاكي الأول توماش ماساريك إلى فلسطين عام 1927 ودعمه العلني للمشروع الصهيوني في حينه، كما أشارت إلى أن التشيك ترفض الإرث الشيوعي الذي حكمها سابقًا ووقف إلى جانب الفلسطينيين، الأمر الذي زاد من تقاربها مع “إسرائيل”.

وإلى جانب التاريخ، أوضحت السفيرة أن هناك شعورًا بالتماهي بين الطرفين، فالتشيك ترى نفسها دولة صغيرة محاطة بأعداء وتشعر بالانبهار من الطريقة التي يتعامل بها الاحتلال مع خصومه. كما لم تغفل البعد المصلحي، إذ يشكل التعاون الاقتصادي والعسكري وخصوصًا صفقات السلاح ومنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية عاملًا أساسيًا في توطيد العلاقات. أما يهود التشيك، فبحسب السفيرة، فقد اندمجوا في المجتمع المحلي بشكل إيجابي بخلاف تجارب الجاليات اليهودية في بلدان أوروبية أخرى، وهو ما انعكس بدوره على الموقف السياسي العام.

التشيك لم تكتفِ بموقفها داخل أروقة الاتحاد، بل واصلت منذ اندلاع الحرب إظهار مظاهر الدعم العملي. فقد باعت للاحتلال معدات عسكرية استُخدمت في حرب الإبادة، كما كان وزير خارجيتها أول مسؤول أوروبي يزور تل أبيب بعد ثلاثة أيام فقط من السابع من أكتوبر، وتبعه رئيس الوزراء بزيارة داعمة.

وفي المقابل، تصف السفيرة الضغوط التي تواجهها بلادها بأنها كبيرة للغاية، إذ أن 25 دولة من أصل 28 داخل الاتحاد تضغط عليها لتبني موقف مختلف أو على الأقل الانضمام إلى بيانات التنديد، فضلًا عن ضغوط من مؤسسات الاتحاد التي تسعى لفرض موقف موحد. لكنها شددت على أن الموقف التشيكي نجح في منع تبني العديد من المبادرات ضد “إسرائيل” حتى قبل طرحها، بسبب إدراك الأوروبيين أنها ستُواجه بالفيتو التشيكي.

اللافت أن الموقف المؤيد للاحتلال لا يمثل قضية جدلية داخل السياسة التشيكية، إذ يجمع على دعمه كل من الأحزاب الكبرى ومعظم الرأي العام، وإن كان الجيل الشاب في البلاد أكثر تأثرًا بالخطاب المناهض لإسرائيل المنتشر في أوروبا الغربية.

ومع ذلك، لا تنكر براغ أن هناك حاجة لإنهاء الحرب في غزة، فالسفيرة نفسها أقرت بأن السياسيين التشيك يتابعون بقلق التقارير التي تتحدث عن أزمة الغذاء المتفاقمة في القطاع. وأضافت أن “إسرائيل” تملك رصيدًا سياسيًا أكبر في التشيك مقارنة بدول أوروبية أخرى يتيح لها الاستمرار في الحرب، لكنها شددت على أنه يجب أن يلوح حل سياسي في الأفق.

ختامًا، ترى السفيرة أن عزلة “إسرائيل” على الساحة الدولية لن تتغير ما لم تتوقف الحرب، مؤكدة أن الرأي العام الأوروبي بات أسير صور الدمار والضحايا في غزة. وقالت: “كثيرون نسوا كيف بدأت الحرب وأن هناك أسرى ما زالوا في قبضة حماس، لكن أمام المشاهد القادمة من القطاع يعتقد العالم أن الحرب يجب أن تتوقف فورًا. آمل أن نصل إلى صفقة جيدة تُنهي الحرب في ظروف تضمن ألا تعود حماس للحكم”.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا