اعتبر الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، عاموس يدلين، أن "إسرائيل" تقترب من “كارثة سياسية واستراتيجية عميقة” بعد نحو عامين من عملية 7 أكتوبر 2023، محمّلًا حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية عن فشل تحقيق الأهداف التي أعلنتها، وعن دفع الاحتلال إلى عزلة غير مسبوقة وفقدان الدعم الدولي.

وقال يدلين في مقال تحليلي إن الحكومة التي وعدت بـ”نصر مطلق” على حركة حماس والقضاء عليها واستعادة الأسرى، قادت الاحتلال إلى وضع تواصل فيه الحركة سيطرتها على قطاع غزة دون بديل، بينما لا يزال الأسرى في القطاع، في وقت تراجعت فيه شرعية الاحتلال عالميًا إلى مستويات غير مسبوقة. وأضاف أن الاحتلال، رغم تحقيقه ما وصفها بـ”إنجازات عسكرية في لبنان وسوريا وإيران وحتى غزة”، يبدو “منهكًا، معزولًا، غارقًا في حرب بلا أفق سياسي واضح”، معتبرًا أن الحكومة الحالية تدير “حربًا لا تنتهي” بدلًا من تحقيق أهداف سياسية قابلة للتطبيق.

وأشار يدلين إلى أن شعار “النصر المطلق” لم يكن واقعيًا منذ البداية، موضحًا أنه “لم يتحقق في أي حرب حديثة منذ عام 1945”، وأن استمرار الحرب الحالية دون خطة سياسية يحوّل الاحتلال إلى “دولة منبوذة” بعد أن كان يُنظر إليه كـ”ضحية” في بدايتها. ولفت إلى أن المجتمع الدولي، بما فيه حلفاء الاحتلال التقليديون، بدأ يتخذ خطوات أحادية مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ظل غياب مبادرة إسرائيلية واضحة لرسم ملامح اليوم التالي.

وانتقد يدلين حكومة نتنياهو بشدة، متهمًا إياها بالفشل في استثمار الدعم الأمريكي والدولي بعد صفقة الأسرى السابقة لصياغة تسوية سياسية، مشيرًا إلى أن نتنياهو “رفض الدخول في مفاوضات حول إنهاء الحرب أو مناقشة اليوم التالي لغزة”، ما سمح لحماس بإعادة تنظيم صفوفها وتعزيز مكانتها.

ودعا يدلين إلى تبني ما وصفه بـ”النصر الذكي” بدلًا من الاستمرار في وهم “النصر المطلق”، عبر إعلان إنهاء الحرب بشكل مدروس بدعم دولي، وإبرام صفقة شاملة للإفراج عن الأسرى دفعة واحدة، وربط إعادة إعمار غزة بنزع سلاح حماس كليًا، إلى جانب ضمانات أمريكية تتيح للاحتلال مواصلة عملياته ضد من يعتبرهم مسؤولين عن هجمات 7 أكتوبر. كما شدد على ضرورة إفشال المبادرات الأوروبية والعربية الداعية للاعتراف بالدولة الفلسطينية وفق شروط وصفها بأنها “غير متوازنة وتشجع حماس على التشدد”.

وختم يدلين بالقول إن حكومة “اليمين المتطرف” فشلت في تحقيق أهدافها خلال الحربين على غزة، وإن استمرارها في تبني شعار “النصر المطلق” سيقود الاحتلال إلى “7 أكتوبر سياسي”، داعيًا إلى تغيير النهج نحو مسار “يضمن استعادة زمام المبادرة وإعادة تأهيل مكانة الاحتلال دوليًا”.