الحدث الفلسطيني
قالت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، إن كتلة معاليه أدوميم الاستعمارية، إلى جانب المنطقة التي يطلق عليها E-1، تعتبر المشروع الاستعماري الأكثر عدوانية، والذي يهدف إلى تفتيت الأراضي الفلسطينية، وفصل منطقة القدس الشرقية عن باقي أجزاء الضفة الغربية، ما يُشكل تهديدا خطيرا لحل الدولتين.
وأوضحت في تقرير لها، اليوم الجمعة، أنه من المقرر أن يعقد ما يطلق عليه بالمجلس الأعلى للتخطيط في دولة الاحتلال جلسة استماع نهائية يوم 6 آب 2025، بشأن الاعتراضات على خطط بناء أكثر من 3400 وحدة استعمارية جديدة في منطقة E1، مشيرة إلى أن الموافقة على هذه الخطة ستُضفي طابعا رسميا على ضم هذه المنطقة الاستراتيجية، مما يُقوّض آفاق قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وحل الدولتين.
وتناولت الدائرة في تقريرها آثار هذه التوسعات الاستعمارية، والتطورات السياسية الأخيرة، وردود الأفعال الدولية، ويُقدّم توصيات عاجلة لمواجهة هذا التهديد، وهذا ما جاء فيه:
خطة الاستيطان E-1
منذ التسعينيات، تبذل حكومة الاحتلال كافة الجهود للمضي قدمًا في خطة الاستيطان E-1، إلا أن هذه الجهود تعثرت مرارا وتكرارا بسبب المعارضة المحلية والدولية. أعاد نتنياهو إحياء الخطة عام 2012، ووافق على إيداعها عام 2020. ورغم أن تجميد الإجراءات والضغوط الدبلوماسية الدولية قد أجل الموافقة النهائية عليها، بما في ذلك جلسات الاستماع التي عُقدت في ظل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، فإن جلسة الاستماع المقرر عقدها في 6 آب 2025 تُشير إلى محاولة إسرائيلية متجددة لترسيخ هذه المستوطنات غير القانونية في ظل ديناميكيات إقليمية ودولية متغيرة.
تستغل الحكومة الإسرائيلية الحالية الانشغال الدولي الناجم عن حرب الابادة الاسرائيلية على قطاع غزة، التي بدأت في تشرين الأول 2023، لتسريع بناء المستوطنات، بما في ذلك في منطقة E-1. وفي نيسان 2025، وافقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع "طريق السيادة" بين العيزرية والزعيّم، و"طريق 80 البديل" من بيت لحم إلى أريحا. تندرج هذه المشاريع ضمن إطار سياسة الفصل العنصري، حيث تهدف إلى فصل حركة المرور الإسرائيلية والفلسطينية، مما يُمكّن إسرائيل من تقييد وصول الفلسطينيين إلى المناطق المركزية في الضفة الغربية، والدفع باتجاه ضم مستوطنات معاليه أدوميم، وتسهيل خطة الاستيطان E-1. في الوقت نفسه، شرعت شركة المياه الإسرائيلية، مكوروت، في نقل البنية التحتية الحيوية لدعم هذا الجهد.
تهدد هذه الإجراءات، التي أدانها الفلسطينيون والمراقبون الدوليون على حد سواء، تُهدد بترسيخ حقائق على الأرض لا رجعة فيها، وإغلاق أي مسارات متبقية نحو سلام عادل ودائم.
تداعيات التوسع الاستيطاني
تضم كتلة معاليه أدوميم الاستيطانية حاليا، بما في ذلك المستوطنات التابعة له مثل كفار أدوميم وعلمون وكيدار وميشور أدوميم، أكثر من 47,500 مستوطن، ويمتد بعمق 14 كيلومترا داخل الأراضي الفلسطينية، مسيطرة على ما يقرب من 58 كيلومترا مربعًا بمحاذاة جدار الفصل العنصري. منذ نيسان 2024، شهدت مستوطنة معاليه أدوميم توسعا سريعا. وقد وافقت السلطات الإسرائيلية بالفعل على بناء أكثر من 3,165 وحدة استيطانية، مع التخطيط لبناء آلاف الوحدات الأخرى في أنحاء الضفة الغربية عام 2025.
ومؤخرا، أُعيد تفعيل خطة منطقة E-1 المثيرة للجدل، والتي تشمل بناء أكثر من 3,400 وحدة استيطانية ومشاريع استيطانية صناعية وتجارية واسعة النطاق، على مساحة تبلغ حوالي 12.4 كيلومترا مربعا من الأراضي الفلسطينية المستولى عليها التابعة للقرى المحيطة.
بحلول عام 2025، تجاوز عدد المستوطنين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، 740 ألف مستوطن، مما يُمثل زيادة كبيرة تُعمّق التشرذم الديموغرافي والإقليمي الناتج عن الاحتلال، وتُعرّض للخطر آفاق التوصل إلى اتفاق بشأن الوضع النهائي للضفة الغربية. وعلاوة على ذلك، وفي ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، هناك أكثر من 97 ألف وحدة استيطانية في مراحل متقدمة من الموافقة و/أو التنفيذ - منها 42 ألف وحدة في الضفة الغربية و55 ألف وحدة في القدس الشرقية، مما يعكس نطاقا غير مسبوق من البناء الاستيطاني.
التداعيات بالنسبة للفلسطينيين
يواصل هذا التوسع المستمر لمعاليه أدوميم وخطة E-1 تجزئة الأراضي الفلسطينية وتقويض التواصل الجغرافي الفلسطيني، مما يؤدي فعليا إلى عزل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية، وفصل جنوب الضفة الغربية عن شمالها. ويواجه أكثر من 18 تجمعا بدويا فلسطينيا، معظمهم من عائلتي الجهالين والسواحرة، ويبلغ عددهم حوالي 3700 نسمة، لخطر التهجير القسري المستمر. وتواجه هذه التجمعات السكانية ثالث عملية تهجير قسري لها منذ عام 1948، وآخرها تهجير مدفوع بسياسات التوسع الاستيطاني. ستؤدي عمليات الاستيلاء الواسع على الأراضي وتطوير البنية التحتية كما في خطة E-1 إلى زيادة تقييد حركة الفلسطينيين، من خلال قطع شرايين النقل الحيوية، وعزل الأحياء الفلسطينية، وتفاقم حالة التشرذم الجغرافي التي تعيق قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ومتصلة جغرافيا.
انتهاكات القانون الدولي
تُشكل الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في معاليه أدوميم (E-1)، وفي جميع أنحاء الضفة الغربية، انتهاكا صارخًا للقانون الدولي، بما في ذلك المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة. كما تنتهك هذه الإجراءات قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 242 و338 و2334، والرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية الصادر في تموز 2024، والذي أكد عدم قانونية توسيع المستوطنات وضمها.
وقد أدانت الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ودول رئيسية، بما في ذلك فرنسا والمملكة المتحدة والأردن، مشروع E-1 ووصفته بأنه غير قانوني ومضر بالسلام. وتُعمّق سياسات الاستيطان المستمرة هذه استلاب أراضي الفلسطينيين وتقوض حل الدولتين.
التوصيات والاستنتاجات
من الضروري اتخاذ خطوات فعلية لإجبار اسرائيل على الوقف الفوري لجميع أعمال البناء للمستوطنات الجديدة والتوسعات الاستيطانية، لا سيما في منطقة E-1 ومعاليه أدوميم، بما يشمل وقف التمويل الحكومي والدعم الذي يُسهّل تنامي عدد المستوطنين في الضفة الغربية. إن منع المزيد من مصادرة الأراضي الفلسطينية، وهدم المنازل، والتهجير القسري للفلسطينيين ونقل المستوطنين إلى الأراضي المحتلة أمرٌ أساسيٌّ لضمان قيام دولة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة.
ينبغي وضع استراتيجية شاملة لدعم صمود التجمعات البدوية الفلسطينية الأكثر عرضة وهشاشة للتهجير القسري من خلال تقديم المساعدة القانونية، ومساعدات إعادة الإعمار، وتوفير الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والرعاية الصحية. وبالتوازي مع ذلك، يجب وضع آليات مناسبة لرصد حالات التهجير القسري والاستجابة لها.
على الصعيد الدولي، يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إصدار تحذير واضح وموحد ضد أي بناء استيطاني في منطقة E-1. وينبغي استخدام النفوذ الدبلوماسي، بما في ذلك فرض شروط في العلاقات الثنائية وقيود على الاتفاقيات، لردع المزيد من النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية. كما يجب أيضا تعزيز السبل القانونية من خلال دعم جهود دولة فلسطين والعمل بالتنسيق مع المؤسسات القانونية الدولية لمتابعة آليات المساءلة.
ينبغي أيضا تعزيز حملات التوعية العالمية ومبادرات الدبلوماسية العامة لكشف العواقب التي لا رجعة فيها للتوسع الاستيطاني، وحشد دعم دولي واسع للسلام والعدالة.
يمثل التوسع الاستيطاني في معاليه أدوميم ومنطقة E-1 جهدًا اسرائيليا استراتيجيًا ومدروسًا لفرض حقائق على الأرض لا رجعة فيها، مما يؤدي فعليًا إلى تفكيك التواصل الجغرافي الفلسطيني. وتُشكل هذه الإجراءات انتهاكات واضحة للقانون الدولي، وقد أدانها المجتمع الدولي على نطاق واسع.
وتُمثل جلسة الاستماع القادمة في 6 آب 2025 منعطفا حاسما، يتطلب تدخلا دوليا عاجلا وحاسما لوقف هذه الخطط ودعم مبادئ السلام والعدالة وتقرير المصير الفلسطيني.