آخر الأخبار

الحكومة تطرح مسوّدة جديدة لتعديل قانون الدين العام

شارك

الحدث الفلسطيني

حذّر مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) من مسوّدة حكومية جديدة تهدف إلى تعديل قانون الدين العام، مشيرًا إلى أن التعديلات المقترحة تسمح للحكومة بالاقتراض بشكل أكبر من البنوك وغيرها، رغم الانهيار الحاصل في مختلف المؤشرات الاقتصادية؛ من انكماش الناتج المحلي، إلى انتشار البطالة والفقر، وارتفاع الدين العام بشكل غير مسبوق.

ويؤكّد المرصد أن جوهر الأزمة لا يكمن في بنود قانون الدين العام ذاته، ومن يرى في تعديله فرصة لمواجهة الأزمة المالية، فهو يقرّبنا أكثر من كارثة الديون التي باتت تُشكّل خطرًا حقيقيًّا. وعلى عكس التقارير الدولية التي تشير إلى أن الديون بلغت 80% من الناتج المحلي، يؤكّد المرصد أن الديون والمتأخرات على الحكومة الفلسطينية تلامس 50 مليار شيكل، بنسبة تتجاوز 130% من الناتج المحلي.

وقد قامت حكومة محمد مصطفى، بخلاف حكومة اشتية، بدفع نسبٍ أعلى من الرواتب مقابل اقتراض أكبر من البنوك ومصادر خارجية، لكنها اصطدمت لاحقًا بوقف تحويلات المقاصة، وإحجام البنوك عن إقراضها. إلا أن كِلتا الحكومتين (مصطفى واشتية) أثقلتا كاهل الشعب الفلسطيني بديون هائلة.

إن تمرير التعديلات المقترحة سيؤدي إلى تراكم مزيد من الديون، وارتفاع كلفة خدمات الدين العام (الفوائد على الاقتراض)، التي تُرهق الميزانية العامة. حاليًا، تدفع الحكومة أكثر من 450 مليون شيكل سنويًّا كفوائد على القروض، وقد يتضاعف هذا الرقم إلى مليار شيكل سنويًا في حال تم تعديل القانون.

سندات خزينة... بالسرّ وبالخفاء

يتضمّن التعديل الثاني المقترح في قانون الدين العام، إصدار سندات خزينة تُباع بشكل إلزامي للمؤسسات المالية بمعدلات فائدة مرتفعة، ما من شأنه أن يُفاقم الضغط على النظام المصرفي، ويُعرّض ودائع المواطنين في البنوك لمزيد من المخاطر.

تُستخدم هذه الآلية منذ سنوات من قبل الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، دون إعلان رسمي أو شفافية حول عمليات البيع. ومن أبرز الأمثلة على هذه العمليات السرّية، ما جرى مع الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق، إذ لم يُعلن الصندوق عن إقراضه السلطة الفلسطينية 300 مليون شيكل مقابل سندات خزينة، ما يطرح تساؤلات جدية:

كيف تُقرض أموال ضحايا حوادث الطرق للحكومة؟ والأهم: كيف قرّرت إدارة الصندوق أن استثمار ما يقارب 60% من رأسماله في هذه السندات هو استثمار آمن؟

مقارنة مضلّلة وخطرٌ متصاعد

مما يجدر التنبيه إليه، أن تصريحات بعض المستشارين بأن "مستوى مديونيتنا أفضل من دول الجوار" تفتقر إلى الدقة. فالمقارنة بين دولة تستدين واقتصادها منتج، وأخرى تستدين وهي غير قادرة على العمل، هي مقارنة مضلّلة.

إن تراكم الديون دون القدرة على السداد، يجعل الدولة غير موثوقة للمُقرضين، وعاجزة مستقبلًا عن الإيفاء بالتزاماتها.

توصيات المرصد: رفض التعديلات واجب وطني

بناءً على ما سبق، يرى المرصد أن رفض التعديلات الحالية مبرر لأسباب عديدة، من أبرزها:

مضاعفة الاقتراض ستؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في كلفة خدمات الدين وفوائده، بما يقارب مليار شيكل سنويًا.

إصدار سندات الخزينة، وإن كان مربحًا لحامليها، سيُفاقم الضغط على النظام المصرفي، ويُعرّض ودائع المواطنين للخطر، كما سيحمّل الأجيال القادمة أعباء ديون سببها العجز عن اتخاذ أي موقف سياسي.

زيادة مديونية الحكومة تُهدّد ما تبقّى من خدمات اجتماعية، وتُضعف تمويل قطاعات حيوية كالتعليم والصحة.

نُذكّر الحكومة أن ما تسرقه إسرائيل من الموارد الطبيعية، من أراضٍ ومياه يملكها الفلسطينيون، يُمثّل الخسارة الاقتصادية الحقيقية. ففي العام الأخير فقط، صادرت قوة الاحتلال أكثر من 300 كم² من الأراضي الفلسطينية بما تحويه من موارد، وهو ما يفوق بأضعاف ما يتم اقتطاعه من أموال المقاصة.

صحيحٌ أن تأخير تحويل المقاصة يؤثر سلبًا على الحياة اليومية للفلسطينيين ومعاملاتهم الاقتصادية، لكنّ السلب المستمر للأرض لا يُهدّد الحياة اليومية فقط، بل يُهدّد الوجود الفلسطيني برمّته.

الحدث المصدر: الحدث
شارك

الأكثر تداولا سوريا اسرائيل أمريكا دمشق

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا