الحدث الإسرائيلي
كشفت القناة 12 العبرية أن التعاون الوثيق بين حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب حقق عددًا من الإنجازات خلال نصف العام الأول من ولايته الثانية، لكنه دخل في مرحلة توتر ملموس في الأسابيع الأخيرة، بعد سلسلة من الأحداث التي أثارت غضب واشنطن، وتهدد بتقويض متانة العلاقة بين الجانبين. ووفق القناة، فإن الهجوم على كنيسة في غزة، وحرق كنيسة فلسطينية شمالي القدس، واستشهاد فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية في الضفة، إلى جانب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في سوريا، وسحب تأشيرات دخول من متطوعين مسيحيين، كلها شكلت نقاط احتكاك حادة بين الطرفين.
وبحسب القناة 12، فإن مسؤولين أمريكيين كبار، بمن فيهم ترامب نفسه، أعربوا عن غضبهم من أداء جيش الاحتلال، وعلّق أحد المسؤولين بالقول: “كل يوم هناك كارثة جديدة، ما الذي يحدث بحق الجحيم؟”. وذكرت القناة أن ترامب تواصل هاتفيًا مع نتنياهو بعد قصف كنيسة غزة، في حين طالب السفير الأمريكي ديفيد هاكابي بتوضيحات حول حرق كنيسة في قرية الطيبة، واستشهاد الشاب سيف مصلط، وحرمان المتطوعين المسيحيين من التأشيرات. ونقلت القناة عن مصدر في البيت الأبيض قوله إن الغضب الأكبر في الإدارة الأمريكية يعود إلى تصرفات الاحتلال في سوريا، وصرّح المسؤول بأن “نتنياهو تصرّف كالمجنون”.
وفي تفاصيل استشهاد الفلسطيني الأمريكي سيف مصلط، أوضحت القناة 12 أن الشاب البالغ من العمر 20 عامًا، وهو من مواليد فلوريدا، استشهد أثناء زيارته لأراضي عائلته قرب قرية سنجل شمال رام الله، بعد تعرضه للضرب بالحجارة والهراوات على يد مستوطنين متطرفين. ونقلت القناة عن شهود عيان تحدثوا لوسائل إعلام أمريكية أن مستوطنين اعتدوا أيضًا على شاب فلسطيني كان برفقة مصلط، ما أدى إلى استشهاده. وطالب السفير هاكابي بإجراء “تحقيق مكثف في جريمة القتل الوحشية”، معتبرًا أن ما حدث “إرهاب يستوجب المحاسبة”.
وفي حين وصف ما يسمى “المجلس الإقليمي بنيامين” الحادثة بأنها “افتراء دموي عربي”، ادعى جيش الاحتلال أنه يحقق في ظروف الوفاة. لكن والد الشاب، كامل مصلط، حمّل جيش الاحتلال المسؤولية المباشرة، قائلاً إن الجنود منعوا سيارة الإسعاف من الوصول إلى ابنه، وتركوا المستوطنين يواصلون الاعتداء بحرية، وتساءل: “لماذا لا يتحدث الأمريكيون مع جيش الاحتلال؟ ولماذا لا يوقفون إرهاب المستوطنين؟”.
أما بخصوص قصف كنيسة العائلة المقدسة في مدينة غزة، فقد ذكرت القناة 12 أن القصف الإسرائيلي أسفر عن استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة نحو عشرة آخرين. وأشارت القناة إلى أن الرئيس ترامب غضب فور اطلاعه على الهجوم، وطلب من مساعديه الاتصال بنتنياهو على الفور.
وأضافت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين لويت أن “الرئيس لم يكن راضيًا عن الرد”، وأن نتنياهو اضطر للإقرار بأن القصف كان “خطأً”، وأكد للرئيس أن “إسرائيل تأسف لما حدث وتحقق في الواقعة”. وبعد نصف ساعة، صرح نتنياهو بأن قذيفة طائشة هي من تسببت في إصابة الكنيسة، مؤكدًا أسفه وتعهد بالتحقيق.
وفي سياق آخر، أوضحت القناة 12 أن السفير هاكابي عبّر عن استيائه من رفض الاحتلال منح تأشيرات دخول جماعية لعشرات المؤسسات المسيحية، وهدد بإجراءات مقابلة تطال تأشيرات الإسرائيليين. وذكرت القناة أن السفير بعث برسالة شديدة اللهجة إلى عدد من المسؤولين في حكومة الاحتلال، قال فيها: “من غير المعقول أن الوضع يزداد سوءًا بدل أن يتحسن. نحن حلفاؤكم، لكننا نشعر أنكم تعاملوننا كأعداء”.
وطالب السفير بإيجاد حل عاجل لتدهور العلاقة مع وزارة داخلية الاحتلال، محذرًا من تداعيات خطيرة. وفي تقرير لصحيفة “Jewish Insider”، أشير إلى أن مكتب نتنياهو نجح لاحقًا في تهدئة الخلاف مع وزير الداخلية موشيه أربيل.
أما فيما يتعلق بسلوك الاحتلال في سوريا، فقد نقلت القناة 12 عن مسؤولين أمريكيين قلقهم المتزايد من الغارات التي يشنها جيش الاحتلال هناك، وطالبوا بتخفيف حدتها.
وأشار أحد كبار موظفي البيت الأبيض إلى أن نتنياهو “يقصف كل ما يتحرك”، وأن هذا “يضر بمساعي ترامب لتحقيق تسوية إقليمية، خاصة في الملف السوري”. كما عبّر مسؤولون آخرون عن تخوفهم من أن تؤدي الضربات الإسرائيلية إلى زعزعة استقرار النظام السوري الجديد، وتقويض الجهود الأمريكية للوصول إلى تفاهمات في المنطقة.
وفي ما يتعلق بحادثة حرق كنيسة في قرية الطيبة بالضفة الغربية، قالت القناة 12 إن السفير هاكابي زار الموقع ووصفه بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، مشيرًا إلى أن القرية ذات الغالبية المسيحية تضم عددًا كبيرًا من حاملي الجنسية الأمريكية.
وشدد هاكابي على أنه يمثل جميع المواطنين الأمريكيين، سواء أكانوا يهودًا أو مسلمين أو مسيحيين، مضيفًا: “عندما يتعرضون للإرهاب أو الجرائم، سأطالب بمحاكمة المسؤولين”. ووصف الحادثة بأنها “ظلم فادح”، وسمّاها صراحة “عملاً إرهابيًا”.
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرب من ترامب والداعم القوي لـ”إسرائيل”، فقد أعرب عن غضبه الشديد، وقال: “ما يحدث في الضفة الغربية يزعجني كثيرًا، حُرقت كنيسة فلسطينية كاثوليكية، وأريد معرفة من الفاعل، وإن كان المستوطنون هم المسؤولون، فيجب معاقبتهم. كما قُتل شاب أمريكي خلال زيارة لعائلته، وهذا يجب أن يتوقف”.