الحدث الفلسطيني
أكد أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن فصائل المقاومة على جهوزية تامة لمواصلة معركة استنزاف طويلة ضد قوات الاحتلال، مهما كان شكل عدوانه وخططه العدوانية.
وقال أبو عبيدة، في كلمة متلفزة مساء الجمعة: تبايع مجاهدونا على الثبات والإثخان في العدو حتى دحر العدوان أو الشهادة، مشددا على أن استراتيجية وقرار قيادة القسام في هذه المرحلة هو تأكيد إيقاع مَقتَلة في جنود العدو، وتنفيذ عمليات نوعية مركزة من مسافة الصفر، والسعي لتنفيذ عمليات أسر لجنود صهاينة.
وشدد أبو عبيدة على أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تواصل خوض معركة استنزاف طويلة ضد جيش الاحتلال، بعد أربعة أشهر على نقض الاحتلال للاتفاق الموقع في يناير الماضي.
وقال: 4 أشهرٍ مضت منذ أن استأنف العدوُّ الصهيوني عدوانه الهمجيَّ النازيَّ ضدَّ شعبنا وأهلنا في قطاع غزة، بعد أن غدر ونقض العهود، وانقلب على الاتفاق المبرم مع المقاومة في يناير من هذا العام، وبعد أن كذب على الوسطاء وعلى العالم، وعاد ليبحث عن نصره المزعوم.
وأضاف: 4 أشهر والعدو يكمل ساديته ضدَّ المدنيين والأطفال، وليمارس هواية عصاباته في التدمير الممنهج للأحياء والمدن والتجمعات السكنية المدنية.ليمضي في هذه المعركة وهذه الحرب الغاشمة ضدَّ شعبنا.
وأشار إلى أن العدو كان قد أعلن في هذه الأشهر الأخيرة عن عملية سماها عربات جدعون، محاولًا إسقاط خرافات توراتية يُضفي بها قداسة مزيفة على معركته العنصرية النازية التي لا تشبه سوى أفعال الشياطين وممارسات العصابات القذرة الجبانة.
وقال: واجهنا عملية عربات جدعو ولا نزال، بقوة الله، بسلسلة عمليات حجارة داوود، استلهامًا لنصر الله لعبده المؤمن داوود عليه السلام في مواجهة الظالم الباغي المتجبر جالوت، ففتح الله على مجاهدينا وسدد رميهم بإذنه، وكانت معية الله لجنوده إذ رددوا مع كل ضربة: “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”.
وأشار إلى أن المجاهدين يخوضون جنبًا إلى جنب مع المجاهدين والمقاومين من إخواننا في فصائل المقاومة، وخاصة إخواننا في سرايا القدس، مواجهة غير متكافئة، بإيمان منقطع النظير وبأس شديد وعزيمة لا تلين بقوة الله ومنته وتوفيقه.
وأكد أن المقاومة أوقعت خلال هذه الأشهر المئات من جنود العدو بين قتيل وجريح، والآلاف من المصابين بالأمراض النفسية والصدمات. وها هي أعداد جنود العدو المنتحرين تتزايد لهول ما يمارسون من أفعال قذرة دموية، ولعِظَم ما يواجهون من مقاومة محفوفة بمعية الله وجنده.
تكتيكات وأساليب جديدة
وقال: يفاجئ مجاهدونا العدو بتكتيكات وأساليب جديدة ومتنوعة، بعد استخلاصهم للعِبَر من أطول حرب ومواجهة في تاريخ شعبنا، فنفذ مجاهدونا عمليات نوعية بطولية فريدة، ولا يزالون يستهدفون الآليات بالقذائف والعبوات، ويلتحمون مباشرة مع هذا العدو، ويقنصون جنوده وضباطه، ويفجرون المباني وفتحات الأنفاق والكمائن المركبة، ويغيرون على قوات العدو.
وأشار إلى أن العالم شاهد أبطالنا وهم يعتلون آليات العدو في خان يونس، ويصلون للجنود المحتلين من نقطة الصفر، وهم يلاحقون الجندي المجرم الذي تفنن في هدم بيوت مدنيين، ويجهزون عليه، ويغتنمون سلاحه.
وأكد أبو عبيدة أن المجاهدين حاولوا في الأسابيع الأخيرة تنفيذ عدة عمليات أسر للجنود الصهاينة، كاد بعضها أن ينجح لولا إرادة الله أولًا، ثم بسبب استخدام العدو لأسلوب القتل الجماعي لجنوده المشكوك في تعرضهم لمحاولات أسر.
وقال: انتشرت عمليات مجاهدينا من أقصى شمال وشرق بيت حانون وجباليا شمال القطاع، مرورًا بحي التفاح والشجاعية والزيتون في غزة، وصولًا إلى خان يونس ورفح، لتصبح مقاومة غزة أعظم مدرسة عسكرية لمقاومة شعب في مواجهة محتليه في التاريخ المعاصر.
وأكد أبو عبيدة أن قتال المقاومين هو أمر مبدئي وحق لا جدال فيه، وواجب ديني ووطني مقدس، ولا خيار لنا سوى القتال بكل قوة وإصرار وبأس شديد، بعون الله وتأييده. سنقاتل بحجارة الأرض وبما نمتلكه من إرادة ورجال مؤمنين يصنعون بالقليل من السلاح المعجزات المبهرة بفضل الله.
استراتيجية وقرار قيادة القسام
وشدد على أن استراتيجية وقرار قيادة القسام في هذه المرحلة هو تأكيد إيقاع مَقتَلة في جنود العدو، وتنفيذ عمليات نوعية مركزة من مسافة الصفر، والسعي لتنفيذ عمليات أسر لجنود صهاينة.
وقال أبو عبيدة: إذا اختارت حكومة العدو الإرهابية استمرار حرب الإبادة، فإنها تقرر في ذات الوقت استمرار استقبال جنائز الجنود والضباط، فلن تمنعهم دباباتهم، ولن تحميهم من حُمَم الموت التي صُنعت بأيدٍ مؤمنة ورُمِيَت بيد الله. وظنوا أن حصونهم تمنعهم من الله، فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب.
وأضاف: ندرك حجم الألم والمعاناة التي يعيشها شعبنا المكلوم وأهلنا الصابرون، الذين نعيش آلامهم يومًا بيوم، وإن قيامنا بواجبنا الذي كلفنا به ربنا في مدافعة هذا العدو وقتاله لا يعفي أمة المليارين من واجبها الذي ضيعته للأسف.
وتحدث بمرارة عن الواقع، قائلا: عدونا تمده أقوى القوى الظالمة في العالم بقوافل لا تتوقف من السلاح والذخيرة، في حين تتفرج أنظمة وقوى أمتنا على شقائهم في أرض الرباط وهم يُقتَلون بعشرات الآلاف، ويُجوَّعون ويُمنعون من الماء والدواء.
وتابع: إننا نقول للتاريخ، وبكل مرارة وألم، وأمام كل أبناء أمتنا: يا قادة هذه الأمة الإسلامية والعربية، ويا نُخبها وأحزابها الكبيرة، ويا علماءها، أنتم خصومُنا أمام الله عز وجل، أنتم خصومُ كل طفل يتيم، وكل ثكلى، وكل نازح ومشرّد ومكلوم وجريح ومجوَّع، إن رقابكم مثقلة بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء الذين خُذِلوا بصمتكم.
وشدد على أن هذا العدو المجرم النازي، لم يكن ليرتكب هذه الإبادة على مسمعكم ومَرآكم، إلا وقد أمن العقوبة، وضَمِن الصمت، واشترى الخذلان. لا نعفي أحدًا من مسؤولية هذا الدم النازف، ولا نستثني أحدًا ممن يملك التحرك، كلٌّ بحسب قدرته وتأثيره.
وقال: والله، إنّا لنرى الهوان واستحقار العدو لأمتنا واستباحتها، وعربدته فيها، وتنزف قلوبنا ألمًا، لأننا ندرك جُبن وضعف وذل هذا العدو وحجمه الحقيقي،
وتساءل: أما تستطيع أمة كبيرة، عظيمة، مجيدة، أن تُدخل طعامًا وماءً ودواءً للمُجوَّعين والمُحاصَرين في شعب غزة، وأن توقف شلال دمائهم الذي يُهدر إرهابًا لأمتنا وطمعًا في كسرها، من أجل إقامة إمبراطورية صهيونية على أرض العروبة والإسلام، عاصمتها قبلتكم الأولى ومسرى نبيكم صلى الله عليه وسلم، أو ربما أنقاضه؟ فلا نامت أعين الجبناء.
تحية اليمن وأحرار العالم
وتوجه بالتحية لشعبنا العزيز المبارك في يمن الحكمة والإيمان، ولقواته المسلحة، ولإخوان الصدق أنصار الله الذين أذهلوا العالم بثباتهم وصدق مواقفهم مع فلسطين وغزة وأهلها ومجاهديها، وفرضوا على العدو جبهة فاعلة، أقامت الحجة الدامغة على القاعدين والخانعين من أنظمة وقوى وأحزاب عربية وإسلامية كبيرة، بات بعضها للأسف واجهات للظلم ومسكنات للشعوب وشبابها الحر، وبدت مصداقيتها وشعاراتها الكبيرة على المحك أمام خذلانها وعجزها في نصرة أطهر وأقدس قضية للعرب والمسلمين.
كما وجه التحية لكل الأحرار في العالم الذين يحاولون التضامن وكسر الحصار ورفع الظلم عن شعبنا بكل السبل، متجاهلين المخاطر والخذلان ومحاولات التشويه من منافقي الأمة، الذين يحسبون كل صيحة عليهم.
وأكد أن كل مبادرات وتضامن الأحرار في العالم، سواء نجحت أو أُجهِضت بإملاءات من الصهاينة، هي محطة فخر واعتزاز من شعبنا، ودعا إلى تصعيدها وتواصلها وفضح هذا العدو بكل السبل وفي كل الميادين والمجالات.
المفاوضات والأسرى
وأعلن أبو عبيدة أن القسام تدعم بكل قوة موقف الوفد التفاوضي للمقاومة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة مع العدو.
وقال: عرضنا مرارًا خلال الأشهر الأخيرة عقد صفقة شاملة نسلّم فيها كل أسرى العدو دفعة واحدة، لكن مجرم الحرب نتنياهو ووزراءه من الحركة النازية رفضوا هذا العرض.
وأشار إلى أن حكومة المجرم نتنياهو ليست معنية بالأسرى كونهم من الجنود، وأن ملفهم ليس أولوية، وأنهم هيّأوا الجمهور في الكيان لتقبّل فكرة مقتلهم جميعًا، لكننا تمسكنا بالحفاظ عليهم بقدر المستطاع حتى الآن.
وقال أبو عبيدة: نحن نُرَاقِب عن كثب ما يجري من مفاوضات، ونعمل أن تُسفِر عن اتفاق وصفقة تضمن وقف الحرب على شعبنا، وانسحاب قوات الاحتلال، وإغاثة أهلنا. ولكن إذا تعنّت العدو وتنصّل من هذه الجولة كما فعل في كل مرة، فإننا لا نضمن العودة مجددًا بصيغة الصفقات الجزئية، ولا لمقترح الأسرى العشرة.
معالم الفشل الصهيوني
وشدد على أن من معالم الفشل الصهيوني في مواجهة المقاومة وكسر شعبنا هو هروبه باتجاه الحلول القذرة التي تُشكّل جرائم حرب وعقابًا جماعيًا وإبادة وتطهيرًا عرقيًا، والمدعومة للأسف بكل وضوح من الإدارة الأمريكية.
وأشار إلى أن الاحتلال يتفنن في تعذيب الأبرياء، ويصرّح علنًا بنيّته تهجير الناس، ويتفاخر بالتدمير الممنهج على أنه إنجاز عسكري، ويقدّم أمام العالم مخططات لإقامة معسكرات اعتقال نازية تحت مسميات إنسانية وهمية كاذبة.
وقال أبو عبيدة: كأنّ هذا العدو يريد أن يمارس تجارب وقعت قبل عقود طويلة، ويسقطها على أعدائه بسادية وإجرام تتصاغر أمامه النازية، وهو ما يستدعي رفض العالم كله لهذه المعسكرات.
وأشار إلى أن أكذوبة معاداة السامية التي يقتات عليها أعداؤنا منذ عقود ستكون مهزلة وفضيحة. وقال: ليس ذنب شعبنا أن يدفع ثمن العقد النفسية للصهيونية المجرمة، بل على الصهاينة أن يعلموا أن سبب عداوة الأمم وكرهها الفطري لهم هو أفعالهم وجرائمهم بحق الإنسانية.
العملاء والمرتزقة
وتطرق أبو عبيدة، إلى اعتماد الاحتلال على العملاء والمرتزقة، مشددا على أن محاولات توظيف مرتزقة وعملاء للاحتلال بأسماء عربية هي دلالة على الفشل، ووصفة مضمونة للهزيمة، ولن يكون هؤلاء العملاء سوى ورقة محروقة في محيط وعي شعبنا وكرامته ورفضه للخيانة، وسيكون ما ينفقه العدو عليهم حسرة ووبالًا وخسرانًا مبينًا للاحتلال ولعملائه بإذن الله.
ودعا هؤلاء العملاء إلى التوبة فورًا، والرجوع إلى أحضان شعبهم قبل فوات الأوان، حين لا ينفع الندم، وإلا فستكون نهايتهم مأساوية وعبرة لكل خائن وجبان. ولا ننسى أن نعبر عن عظيم الشكر والفخر بمواقف عائلات وعشائر شعبنا الكريمة، التي تبرأت من هذه الشرذمة من العملاء المعزولين الذين لا يمثلون إلا أنفسهم.