الحدث الفلسطيني
حذرت سلطة جودة البيئة من تصاعد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، على وادي المطوي والمناطق المحيطة به غرب مدينة سلفيت، مؤكدة أن هذه الانتهاكات تشكل تهديداً مباشراً للموارد الطبيعية والمائية، والنظام البيئي في المنطقة، وتندرج في سياق سياسات تهويد الأراضي وتوسيع الاستعمار.
وكشفت في تقرير صادر عنها، اليوم الأربعاء، أن الاحتلال ومستعمريه يواصلون منذ عدة شهور تنفيذ مشاريع تجريف وشق طرق وبناء بؤر استعمارية، إلى جانب الاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين، وتدمير المنظومة البيئية والتنوع الحيوي في المنطقة، بهدف السيطرة على الموارد الطبيعية وتحويل المنطقة إلى امتداد استعماري يخدم مستعمرة " أرئيل".
وأشار إلى وادي المطوي يمتد على مسافة 12 كيلومتراً ويقع فوق أكبر حوض مائي في المنطقة ( الحوض الغربي ) وهو من أهم الأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية، ويعد من المناطق الغنية بالتنوع الحيوي ويتميز بتشكيلات جيولوجية نادرة.
ولفت التقرير إلى أنه تم تصريف مياه عادمة غير معالجة من مستعمرة "أرئيل" إلى مجرى الوادي، وخلطها بالمياه المعالجة التي تضخها محطة معالجة سلفيت، ما أدى إلى تلويث مياه الينابيع وخاصة "عين المطوي" و"نبعة الينبوع"، اللتين تعتبران مصدراً رئيسياً لمياه الشرب والري لمناطق فرخة وسلفيت. وقد أظهرت الفحوصات المخبرية التي أجرتها محطة معالجة سلفيت بالتعاون مع سلطة جودة البيئة، وجود تراكيز من الأوكسجين الممتص حيويا (BOD) أعلى من المسموح به حسب المواصفات والمعايير الفلسطينية.
ورصد التقرير شروع الاحتلال بشق طريق استعماري يمر عبر الوادي وجبال فرخة، وقد بدأ العمل فيه في تشرين الأول 2024 ويهدف إلى ربط مستعمرة "أرئيل" بالبؤر الاستعمارية المحيطة، ما أدى إلى الاستيلاء على نحو 1400 دونم من أراضي فرخة، وتدمير مناطق زراعية تضم أشجار زيتون معمّرة، ومناطق مصنفة كمناطق تنوع حيوي، بالإضافة إلى أن الطريق ستعزل مدينة سلفيت وبلدتي فرخة وبروقين عن محيطها .
توسعة استعمارية وحرق ممتلكات بدوية
وفي منطقتي الرأس وجبل فرخة غرب سلفيت، بدأت قوات الاحتلال بتنفيذ مشروع استعماري جديد لصالح توسعة مستعمرة "أرئيل"، عبر الاستيلاء على ما يقارب 1300 دونم وشق طريق بطول 2.2 كم. ووثقت سلطة جودة البيئة قيام المستعمرين بإحراق خمس خيام في تجمع بدو العزازمة في وادي المطوي، في محاولة لطردهم من المكان، ما تسبب في تلوث الهواء وترك نفايات صلبة في المنطقة.
ووثق التقرير، حرق غرفة زراعية بمساحة 12 مترا مربعا في منطقة الرأس، لا تبعد سوى 200 متر عن إحدى البؤر الاستعمارية، ما يشير إلى سياسة ممنهجة لترهيب المزارعين وثنيهم عن الوصول إلى أراضيهم.
استهداف مباشر للأراضي الخاصة والغطاء النباتي
وسجل التقرير اعتداءات متكررة على الأراضي الزراعية الخاصة، منها أراضٍ تعود لعائلة المواطن عامر مصلح والمزارع بسام رزق الله، حيث تم اقتلاع مزروعات، وتخريب شبكة ري، والاستيلاء على أجزاء من الأرض، كما تم توثيق اقتلاع 37 شجرة زيتون معمرة تعود ملكيتها لمواطنين من عائلات أيوب وزهد، دون ترك أي أثر للأشجار التي تم اقتلاعها.
كما أشار التقرير إلى خطورة الانتهاكات التي تطال جبل خربة جلال الدين، وهي منطقة أثرية تقع على مساحة تزيد عن 100 دونم، وتشكّل جزءاً من الكتف الغربي لوادي المطوي، حيث تتعرض لتهديد متواصل من قبل المستعمرين، عبر محاولات السيطرة عليها، وطمس معالمها، بما يعكس سعياً ممنهجا لطمس الإرث الثقافي الفلسطيني في المنطقة.
أبعاد كارثية
وخلص التقرير إلى أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والسيطرة المتواصلة على وادي المطوي والمناطق المحيطة به، والتي تأتي ضمن المشاريع الاستعمارية تهدف إلى إحكام القبضة على موارد المياه ومنع المزارعين من استغلال أراضيهم، من خلال حفر آبار جوفية جديدة لتغذية المستعمرات، ما يهدد بتعطيش أكثر من عشرين ألف مواطن في مدينة سلفيت، وبلدات بروقين، كفر الديك وفرخة.
وأشارت سلطة جودة البيئة إلى أن ما يجري هو عزل مدينة سلفيت عن محيطها وتحويلها إلى "كنتون" جغرافي محاصر، بما قد يفضي إلى هجرات قسرية صامتة بسبب سيطرة الاحتلال على الأرض والماء والتنوع الحيوي، داعية إلى تكثيف الجهود الإعلامية للفت الأنظار إلى ما يجري في الوادي.
وختم التقرير، أن هذه الاعتداءات تؤدي إلى تدمير الرقعة الزراعية في المنطقة، وتفكيك النمط الزراعي القائم، وفقدان التوازن البيئي والانقراض التدريجي للأنواع النباتية البرية، خاصة الأعشاب الطبية والعطرية التي تنمو في مناطق التنوع الحيوي.