آخر الأخبار

محللون لـ "الحدث": إيران لديها ما هو أقوى من القنبلة النووية والاحتلال فشل في كسر رأس المحور

شارك

الحدث - سجود عاصي

لم تبدأ الحرب بين إسرائيل وإيران في الأعوام الأخيرة فحسب، بل هي حرب خفية امتدت منذ العقود التي أعقبت الثورة الإسلامية عام 1979. ترى إيران في الاحتلال كيانًا غير شرعي وعدوًا رئيسيًا في المنطقة، فيما تعتبر تل أبيب أن إيران تمثل التهديد الوجودي الأكبر لها، لا سيما في ظل برنامجها النووي وتحالفاتها مع فصائل المقاومة المسلحة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن. ومنذ سنوات، يتبادل الطرفان العمليات السرية، والضربات المحدودة في الساحات الإقليمية، لا سيما في سوريا، ولكن التحوّل الأبرز في 2024–2025 كان انتقال التوتر إلى شكل من أشكال الحرب المباشرة.

اندلعت شرارة المواجهة المفتوحة بعد ضربة عسكرية إسرائيلية استهدفت مقرًا دبلوماسيًا إيرانيًا في دمشق في أبريل 2024، وأدت إلى مقتل قيادات كبيرة من الحرس الثوري الإيراني، بينهم محمد رضا زاهدي. ردّت إيران في 13 أبريل 2024 بإطلاق أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ باتجاه الأراضي المحتلة، في أول هجوم مباشر من نوعه. تبعت ذلك سلسلة من الضربات المتبادلة في حزيران 2025، شملت استهداف منشآت عسكرية ومواقع نووية في العمق الإيراني مثل أصفهان، ومراكز قيادة واستخباراتية إسرائيلية.

اعتمدت المواجهات بين الجانبين على قدرات الحرب الجوية والدفاعات الصاروخية؛ فالاحتلال الإسرائيلي استخدم مقاتلات "إف-35" وطائرات بدون طيار هجومية متقدمة، بينما استعرضت إيران تطور ترسانتها من الصواريخ الباليستية والمجنّحة والطائرات المسيّرة بعيدة المدى مثل "شاهد-136" و"شاهد-238"، وتقول تقارير إن بعض الطائرات المسيّرة الإيرانية استطاعت اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية، رغم الدعم الأميركي والبريطاني المقدم لتلك المنظومات.

تلقت تل أبيب دعمًا علنيًا من الولايات المتحدة وعدة دول شكّلت مظلة دفاع جوي في إطار عملية مشتركة لاعتراض الصواريخ والطائرات الإيرانية. في المقابل، ورغم عدم إعلان دول حليفة لإيران مثل روسيا أو الصين دعمًا عسكريًا مباشرًا لها، إلا أن طهران استفادت من صفقات تسليحية سابقة، وتعاون استخباراتي مع قوى إقليمية مثل سوريا والعراق وحزب الله في لبنان.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذه الحرب إلى عدة أهداف استراتيجية؛ أولًا، تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة عبر توجيه ضربات مركزة للبنية التحتية العسكرية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وخاصة المواقع المرتبطة ببرنامج الصواريخ والطائرات المسيّرة. ثانيًا، ردع إيران عن الاستمرار في دعم فصائل المقاومة، وتفكيك شبكة النفوذ التي بنتها طهران من لبنان إلى اليمن. وثالثًا، اختبار وتثبيت مبدأ "الضربة الوقائية" في حال تقاطعت تهديدات إيران مع المفاعل النووي الإسرائيلي أو مع خطوط الغاز والقيادة العسكرية.

ويبدو أن أهداف الاحتلال الإسرائيلي تمثلت في تقويض قدرة إيران على الردع النووي، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية التي تهدد "تفوقها النوعي" في المنطقة، خصوصًا عبر توجيه ضربات لمنشآت في نطنز وأصفهان وفوردو. أما إيران، فركّزت على إثبات قدرتها على اختراق الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وبعث رسالة بأنّ أي استهداف للقيادة الإيرانية سيقابل بردّ استراتيجي مباشر، وأن محور المقاومة يمكنه فتح أكثر من جبهة في آن واحد ضد الاحتلال.

وأدّت الحرب إلى اضطرابات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية، إذ شهدت أسعار النفط قفزات حادة بسبب المخاوف من إغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20% من تجارة النفط العالمية. كما تزايد خطر اندلاع حرب أوسع في المنطقة يشمل الخليج واليمن ولبنان. تقارير استخبارية غربية حذّرت من أن تطور الصراع إلى حرب شاملة قد يؤدي إلى انسحاب شركات الطاقة والنقل العالمية من المنطقة، وتقييد حركة التجارة في البحر الأحمر.

ورغم انتهاء التصعيد الذي استمر 12 يوما، يُجمع محللون على أن الاحتلال وإيران لا يسعيان إلى حرب شاملة مفتوحة، بل يستخدمان التصعيد كأداة لردع متبادل وإعادة ترسيم قواعد الاشتباك. الاحتلال يعاني من استنزاف مستمر في غزة وجبهة الشمال، في حين تخشى إيران من استنزاف قدراتها الاقتصادية والعسكرية في الداخل.

يقول الكاتب والباحث فراس ياغي، إنه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على إيران، أحدثت جملة من التغيرات في الداخل الإسرائيلي؛ فرئيس وزراء الاحتلال الذي كان يتحدث دائما عن النصر المطلق والتغيير الجيوسياسي، وبمفهوم النصر المطلق والتغير الجيو سياسي هذا لا يمكن أن يحدث في داخل المنطقة دون أن يتم التغيير في الداخل الإيراني، باعتبار أن إيران وفق الاتهامات الإسرائيلية رأس المحور، وبالتالي يجب إحداث تغيير في المنطقة بضرب رأس المحور.

ووفق ياغي، فإن الفكرة الإسرائيلية كانت تقضي بإسقاط النظام في إيران عبر استهداف المؤسسات الرسمية والترويع فجر اليوم الأول من الحرب بين الاحتلال وإيران، ولكنهم فشلوا فشلا كبيرا في هذه المسألة. كما أن نتنياهو يعتقد، أن ما حدث في سوريا ولبنان وفلسطين وقطاع غزة يؤسس للتغيير الجيوسياسي، ولتنفيذ ذلك يجب أن يتم القضاء على النظام الإيراني وهنا فشل نتنياهو في هذه المسألة، لذلك، فطبيعة المفهوم للنصر المطلق لم تتحقق كما أراد نتنياهو ولن يتحقق بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لأن ما يحدث في المنطقة وما تقوم به إسرائيل مرتبط بالسياسة الأمريكية.

وذكر ياغي في لقاء خاص لـ صحيفة الحدث، أن ما سبق، انعكس على الداخل الإسرائيلي لأن الذهاب باتجاه إيران كانت الذروة في مسالة المواجهة منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، وظهر في الساحة الإسرائيلية من يطالب بإنهاء الحرب على غزة، لذلك نرى الرئيس ترامب يتدخل ويطالب بإلغاء محاكمة نتنياهو، والتدخل الأمريكي جاء لان ترامب يعلم أنه دون إلغاء هذه التهم عن نتنياهو، فلن يذهب نتنياهو باتجاه وقف إطلاق النار مع غزة، عقب الفشل في الحرب مع إيران.

وأشار الكاتب والباحث، ياغي، أن نتنياهو لن يستطيع أن يراهن على أي انتخابات مبكرة ما زال يخضع لجلسات محاكمة، وبالتالي سيتمسك بتحالف سموتريش وبن غفير.

وأضاف أن "الحرب مع إيران أحدث تغييرا في المفهوم الأمني، وهذا سيفتح باب السؤال حول ما إذا كانت إسرائيل قادرة على فتح باب المواجهة مع إيران بشكل منفصل دون الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي سوف تحسب إسرائيل حسابات كبيرة لأي اشتباك مع إيران دون مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الخصوص".

وعن العلاقة الإسرائيلية بالإقليم، أوضح ياغي أن الإسرائيلي بحاجة إلى العلاقة مع الإقليم، ولولا دور الإقليم ودور المجتمع الدولي خاصة أمريكا وأوروبا، لما تم إسقاط غالبية المسيرات والصواريخ الإيرانية التي استهدفت مواقع إسرائيلية، ولكانت إسرائيل غرقت بالصواريخ والمسيرات الإيرانية، وبالتالي فإن العمق الاستراتيجي لإسرائيل هو طبيعة ارتباط إسرائيل بتفاهمات مع الإقليم ككل، ما يستدعي توسيع الاتفاقات الإبراهيمية برعاية الرئيس ترامب.

وأكد أن الجمهور الإسرائيلي وصل لمرحلة يعلن فيها بشكل واضح انه تعب مما يحدث، وأنه الآن مع الذهاب إلى وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة وهذا ما أكدته استطلاعات الرأي لدى الاحتلال، لأكثر من 60% يريدون وقف الحرب على غزة من الإسرائيليين، وذلك في ظل عدم وجود لجان تحقيق رسمية وهذا يعني أنه سيتم تشكيل لجان تقييم وتقدير وتحقيق في الأحداث الماضية، لأن الجيش بحاجة إلى آلية جديدة لإعادة الهيكلية، ويتبين أن الإسرائيلي يعتمد اعتماد كلي ولا يستطيع فعل شيء بعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية، والإيراني في السياق ذاته أثبت أنه قادر على خوض المعركة وحدة ووجود العامل الجيوسياسي الإيراني أقوى من القنبلة النووية، باعتبار أنها تربط الخليج بآسيا الوسطى بباكستان وأفغانستان، وموجودة في منطقة مهمة جدا لكل العالم، سواء للصين وروسيا أو للغرب، وبالتالي فإن الحفاظ على النظام يحفظ المنطقة بشكل كامل، والإيراني فهم أهمية الجغرافيا السياسية له أكثر، وفهم بأن المسألة مصيرية بالنسبة لإيران بإحداث تغييرات في النظام تجاه المفهوم النووي، ومن الممكن أن نشهد تسارعا إيرانيا في الحصول على القنبلة النووية بسبب الحرب الأخيرة مع إسرائيل، في ظل التهديد الإيراني بالانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

ورأى، أن إيران فهمت ان علاقاتها مع الإقليم مهمة، وبالتالي لن تتخلى عن حلفائها من بينهم حماس والجهاد الإسلامي والحوثيين وحزب الله والمقاومة في العراق، وهي مستعدة لأن تغير في طبيعة علاقاتها لكنها لن تترك عمقها الاستراتيجي في المنطقة وبالتالي فإنها ستصبح مكشوفة للآخرين.

وأكد أن الوحدة التي حدثت في إيران عقب الهجمات الإسرائيلية، كانت عاملا مهما وأبرزت نقطة قوية لصالح إيران، بالإضافة إلى أن إيران أثبتت قدرات صواريخها الباليستية ومن الممكن أن تكون مستقبلا من الدول المصدرة لهذه الصواريخ. وأشار إلى أن علاقة إيران بدول الجوار ستتحسن وستتطور وثبت أن من كان يعطل هذه العلاقات هو الإسرائيلي نفسه، وبالإمكان أن تتعايش دول الجوار بشكل جيد مع إيران.

وأوضح أن لديه شكوكا باحتمالية اندلاع حرب جديدة مع إيران، لأن ترامب نفسه عندما تدخل وفرض على إسرائيل وقف إطلاق النار؛ لأنه شعر بأن الإسرائيلي يريد أن يجره إلى حرب بداخل المنطقة، أي أن الإيراني لو تجاوز الرد على الضربات الأمريكية في القاعدة الأمريكية في قطر، لانجرت أمريكيا بجيشها إلى المواجهة، ولكن إيران أثبتت أنها ذكية، بالاعتذار الإيراني على ضرب قطر والرسالة التي وجهها لإيران بالخصوص، وهو ما التقطه ترامب فورا وأعلن وقف إطلاق النار محيدا أمريكا جانبا عن الحرب.

وفي السياق قال الكاتب والمحلل السياسي، محمد القيق لـ "صحيفة الحدث"، إن طهران وتل أبيب لحق بهما دمارا كبيرا جدا، وبالنسبة لحالة المفاعلات النووية فإن الأمر سيبقى غامضا في الوقت الحالي دون وجود تقديرات حقيقية عن المشهد. مشيرا إلى أن هدف تدمير المنشآت النووية سقط وكذلك الأحاديث الإسرائيلية عن تدمير منصات الصواريخ الباليستية، حيث أطلقت إيران لجولات متتالية صواريخ باليستية، فشل، وهو ما يشير إلى أن أهداف نتنياهو لم تتحقق، وهو ما يشير إلى أن الحرب توقفت مع هزيمة معنوية لإسرائيل.

وأضاف القيق، أن نتنياهو أخفق في تقديره للضربة على إيران، وذكر أن الضربة الافتتاحية المفاجئة وربطها بالحالة الدينية، فهذا نوع من الجنون، وهذا المشهد انعكس سلبا على أداء الجيش وكانت الصدمة التي طورت على خلفيتها إيران ردودها وباتت حالة قوية. فنتنياهو فكر إيران كما حزب الله وكما حماس؛ مجموعات مسلحة تستطيع أن تضغط عليها بمعادلة المفاجئة ومن ثم تستطيع أن تأخذ ما تريد من خلال المفاوضات، ولكن إيران امتصت الضربة وردت عليها بردود قاسية، ولو أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية كانت قادرة على صد كل الصواريخ الإيرانية لما كانت الحرب ستنتهي إلا بتدمير إيران، ولكن إيران كانت قادرة على امتصاص الضربة الأولى وأحرقت تل أبيب، خاصة وأن الإسرائيلي لم يتعود على حرق مدنه ومستوطناته بهذا الشكل.

فيما أكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، أن النظام السياسي لم يسقط كما خطط له رغم الضرر الذي لحق فيه، ولكن حتما إسرائيل فشلت في خطتها لإعادة تشكيل الشرق الأوسط كما أسمتها ولم تستطع القضاء على إيران وتجريدها من قوتها، وبالتالي فإن فكرة الهيمنة على الإقليم سقطت.

وأشار إلى أن إسرائيل ألحقت ضررا كبيرا بإيران وتلقت ضربات إيرانية ألحقت بها ضررا كبيرا كذلك خلال أيام الحرب الـ 12 ودفعت أثمانا عالية جدا لم تدفعها من قبل، والأهم من ذلك، رأى العالم أن إسرائيل دون الدعم الغربي الإمبريالي لا يمكن لها أن تستمر، وكشفت إسرائيل أنها هشة دون الدعم الغربي.

ورأى عوض، أن هناك احتمالا لتصعيد جديد في الفترة المقبلة، لأن الاتفاق مع إيران شفويا وغير مكتوب، والأكثر أهمية ان إسرائيل تريد ترجمة الاتفاق كما تريد كما حدث مع لبنان، وإذا ما تم الكشف عن إعادة ترميم إيران لمشروعها النووي أن تعاد جولات جديدة من القصف.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا