ترجمة الحدث
في خطابه الذي أعقب الضربة الأميركية على المواقع النووية الإيرانية الثلاثة الرئيسية – فوردو، نطنز، وأصفهان – شدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أن “هدفنا كان تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، ووقف التهديد النووي”. وأضاف محذرًا: “على إيران، المتنمّرة في الشرق الأوسط، أن تختار السلام الآن. وإن لم تفعل، فإن الهجمات المقبلة ستكون أشدّ وأيسر تنفيذًا”. وختم بالقول: “إما أن يكون هناك سلام، أو ستكون هناك مأساة لإيران، أكبر بكثير مما شهدناه في الأيام الثمانية الأخيرة”.
بحسب تقييم نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن الضربة الأميركية استهدفت فرض تسوية دبلوماسية على إيران من موقع قوة، عبر تحييد بنيتها النووية وإجبارها على القبول باتفاق جديد أكثر صرامة. يتضمن هذا الاتفاق – وفق المنظور الأميركي – وقفًا تامًا للتخصيب، وتفكيكًا كاملاً للبنية التحتية النووية، وإزالة جميع المواد المخصبة، وإخضاع البرنامج النووي لرقابة دولية موسعة و”اقتحامية”. ووفق تقديرات المعهد، فإن إدارة ترامب لا تسعى إلى مواصلة الضربات في هذه المرحلة، إلا في حال ردّت إيران باستهداف مباشر للقوات أو المصالح الأميركية وحلفائها.
ووفقًا لمحللي المعهد، فإن الضربة نُفذت بالتوازي مع إيصال رسائل دبلوماسية إلى طهران عبر قنوات متعددة، تتضمن من جهة استعدادًا أميركيًا للردّ الحاسم على أي تصعيد، ومن جهة أخرى دعوة عاجلة لإيران للقبول بشروط الاتفاق. وتُظهر هذه الرسائل، بحسب، أن واشنطن لا تهدف إلى إسقاط النظام الإيراني، بل إلى فرض تقييدات استراتيجية على قدراته النووية والصاروخية والإقليمية، من خلال رسم خطوط حمراء جديدة في ميزان الردع.
ورغم الهجوم، يُجمع خبراء الأمن القومي في “إسرائيل” – كما يظهر في تقديرات المعهد – على أن الولايات المتحدة لا ترغب في التورط في حرب استنزاف. إلا أن هذا التوازن قد يتغير إذا استمرت إيران في الرفض والتصعيد، أو إذا تبيّن لاحقًا أن المنشآت المستهدفة لم تُدمَّر بالكامل وأن طهران ما تزال تملك قدرات نووية محمية. في مثل هذا السيناريو، قد تجد واشنطن نفسها أمام معادلة “لا اتفاق ولا ردع”، ما يفتح المجال أمام مواجهة غير محسوبة.
ويُحذر المعهد من أن غياب التسوية سيعيد واشنطن إلى استراتيجية “الضغط الأقصى” عبر تشديد العقوبات، خاصة في ملف تصدير النفط، إلى جانب تكثيف التعاون العملياتي مع “إسرائيل” في تنفيذ عمليات سرية لاستهداف القدرات المتبقية داخل إيران. وفي حال انسحبت طهران من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، فإن المنطقة ستدخل، وفقًا لتقدير المعهد، في حالة فوضى استراتيجية يصعب احتواؤها بالوسائل التقليدية.