آخر الأخبار

وحش الاستيطان.. خطة إسرائيلية ممنهجة لتهجير الفلسطينيين وفرض وقائع على الأرض

شارك

خاص الحدث

تشهد الضفة الغربية المحتلة، في الأسابيع الأخيرة، تصعيدًا خطيرًا في وتيرة الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، وسط صمت دولي مريب وتقاعس واضح في ردع هذه الممارسات. وباتت القرى والبلدات الفلسطينية، خاصة في المناطق المصنفة ج، مسرحًا يوميًا لهجمات تنفذها مجموعات استيطانية منظّمة تستهدف السكان، وممتلكاتهم، وأراضيهم الزراعية.

في موازاة هذا التصعيد، يتواصل التوسع الاستيطاني بوتيرة غير مسبوقة، مع مصادقة حكومة الاحتلال على مشاريع بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، في خطوة تُعدّ انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا لأي أفق سياسي. وهذا التوسع لا يأتي بمعزل عن سياسة إسرائيلية ممنهجة تسعى إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، تعزز السيطرة وتمنع قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.

تُظهر المعطيات الميدانية أن ما يجري ليس مجرد أحداث فردية أو اعتداءات عشوائية، بل هو جزء من سياسة متكاملة تقوم على تهجير السكان الفلسطينيين قسرًا، خاصة في المناطق المصنفة ج تليها المناطق المصنفة ب، لصالح التمدد الاستيطاني والسيطرة الكاملة على الموارد الطبيعية والمساحات الحيوية.

في الأسابيع الأخيرة، شهدت الضفة الغربية المحتلة، هجمة غير مسبوقة، قادتها ميليشيات المستوطنين بحماية قوات الاحتلال في مناطق مختلفة على امتداد الضفة، مارس فيها المستوطنون جنونهم في تعذيب الفلسطيني والتنكيل به وحرق ممتلكاته بهدف طرده وإجباره على مغادرة أرضه وممتلكاته، وشملت الاعتداءات حرق منازل ومركبات وممتلكات الفلسطينيين، والاعتداء عليهم أصيب خلالها العشرات.

وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير مؤيد شعبان في حديث خاص لـ "صحيفة الحدث"، إن التصعيد الاستيطاني الأخير هو جزء رئيسي وأساسي للحملة التي تقوم بها حكومة الاحتلال والمستوطنين لقلب الحقائق على الأرض الفلسطينية، وتم تنفيذ أكثر من 200 اعتداء في قرى جنوب نابلس وشرق رام الله كان أوجها تهجير تجمع مغاير الدير شرق رام الله، حيث أقاموا سكنا للمستوطنين بين بيوت الفلسطينيين، وأشعلوا النيران واعتدوا على الأهالي، وفرض المستوطنون عليهم هجرة إجبارية من هذا التجمع، بالإضافة إلى الحرائق التي أشعلها المستوطنون في كل أنحاء الضفة التي طالت الأشجار والمركبات وخط شعارات عنصرية وحرق المحاصيل الزراعية، وكل ذلك بمشاركة حقيقية من قبل قوات الاحتلال كما حدث في المغير مؤخرا، حيث تكللت هجمات المستوطنين بالاعتداء على المواطنين وحرق المحاصيل الزراعية.

ووفق شعبان فإن ما سبق إن دل على شيء فهو يدل إلى أن الاحتلال مستمر في جرائمه بحق الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة في محاولة لفرض السيادة الإسرائيلية دون الإعلان عن ذلك وطرد المواطنين الأصلانيين وتحديدا في السفوح الشرقية للضفة الغربية المحتلة.

وأوضح شعبان، أن حكومة الاحتلال ماضية في التوسع الاستيطاني وبناء وحدات استيطانية جديدة، لكن ما جرى مؤخرا هو إعلان الاحتلال تحويل 22 موقع وبؤرة استعمارية إلى مستعمرات كاملة، معتبرا أن سلطات الاحتلال يهذا القرار تضع نفسها ليس فقط في مواجهة الشعب الفلسطيني بل في مواجهة العالم أجمع الذي يدين الاستيطان الاستعماري ويرفض الاعتراف أو المساومة على ما تحاول أن تفرضه دولة الاحتلال على الأرض، وأكد شعبان أن الخطوة الجديدة التي أعلنها كابينيت الاحتلال من شأنها تعزيز الاستعمار الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية الذي يهدف إلى إحكام العبث في الجغرافية الفلسطينية وفرض طبقة جديدة من طبقات الفصل العنصري والأبارتهايد من خلال منح المستعمرين كافة الامتيازات على حساب أصحاب الأرض الأصلانيين.

وبين شعبان أن هذه المواقع الاستعمارية الجديدة التي يجري الحديث عنها تتمركز 4 منها في محافظة رام الله، و4 أخرى في محافظة جنين، و4 أخرى في محافظة الخليل فيما يتموضع موقعان في محافظة نابلس وموقع آخر في محافظة سلفيت، وثلاثة في أريحا وثلاثة في الأغوار والأخير على أراضي القدس الشريف.

وأضاف شعبان، أن 4 من هذه المواقع مصنفة كمستعمرات كاملة في قواعد بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان نظراً لإقرار الاحتلال مخططات هيكلية لها في السنوات الماضية، و3 مواقع أخرى تصنف على أنها مواقع عسكرية، واحد منها يصنف على أنه موقع مراقبة عسكري، في حين تصنف 3 مواقع أخرى على أنها مواقع دينية، في حين تتضمن القائمة، مستعمرتين مخلاة من العام 2005 وفق قانون فك الارتباط الذي جرى تنفيذه، ثم تعديله في العام 2023 والذي قضى بإعادة الاستيطان إلى مستعمرات شمال الضفة، في حين صنفت 5 مواقع منها على أنها جديدة تماماً .

وبين شعبان أن دولة الاحتلال كانت تتحايل في الماضي بالإعلان عن إقامة المستعمرات الجديدة بالادعاء أنها تجري عمليات توسعة فقط، إلا أنها الآن، تظهر الوجه الحقيقي للعالم بكذبها على مدار السنوات الماضية في مسألة قضم الأراضي الفلسطينية والاعتداء على الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني ومقدراته الوطنية

وأوضح الوزير شعبان، أن حكومة اليمين الفاشي المتطرف، والتي أعلنت ومنذ اليوم الأول من تشكيلها أن الاستيطان سيكون على رأس أولويات عملها وتحديداً تسوية أوضاع البؤر الاستعمارية من أجل فرض الوقائع وتمزيق الجغرافية الفلسطينية، تواصل منذ اليوم الأول تنفيذ هذه المخططات في سبيل إعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية، داعياً في الوقت نفسه المجتمع الدولي التدخل بشكل واضح وحقيقي وفعال في معاقبة دولة الاحتلال على انتهاكاتها وتحديها للمقررات الدولية والتي كان آخرها الرأي الاستشاري الرفيع لمحكمة العدل الدولية بخصوص وضع الاحتلال والاستيطان الاستعماري إضافة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2334 حول عدم شرعية الاستيطان وبطلان وقائعه على الأرض.

واعتبر أن الاحتلال وبكل وقاحة وأمام مرأى ومسمع العالم يعلن وبشكل رسمي عن إقامة بؤر استيطانية جديدة في كل الضفة. موضحا: عندما تقام مستعمرة فهي تحتاج إلى امتداد جغرافي ومنطقة عازلة وبالتالي سيسيطر المستوطنون على آلاف الدونمات من جديد، وكل ما يجري يضاف إلى السجل الإسرائيلي الحافل بالإجرام ضد أبناء الشعب الفلسطيني من أجل سيطرة إسرائيلية مطلقة وتفكيك الجغرافيا الفلسطينية وتطبيق الفصل العنصري بشكل واضح.

وعن الخطط الاستراتيجية لمواجهة التصعيد الحالي والتحركات على المستوى الدولي، قال شعبان، إن الهيئة مع الشركاء تعمل على عرقلة هذه القرارات رغم أن بعض الخطوات تتطلب الذهاب لمحاكم الاحتلال، لكن "هناك مساع للحفاظ على كل ذرة تراب من هذه الأرض"، وأضاف: نعمل كذلك على تمكين التجمعات الفلسطينية في هذه المناطق والقريبة منها وتعزيز صمودها للبقاء في هذه المناطق حتى لا يتم تهجيرها، وبذل كل الإمكانيات المتاحة في إشارة إلى غياب الموارد المالية بسبب قرصنة أموال المقاصة، مع كل الوزارات والجهات الشريكة لدعم صمود الأهالي في هذه المناطق، بالإضافة إلى إعداد ملف حقيقي حول القرارات الإسرائيلية ذات الصلة بالاستيطان إضافة إلى التوجه إلى مؤسسات حقوقية دولية بالتعاون مع الخارجية الفلسطينية والنائب العام لمحاكمة مجرمي الحرب الذين يدعمون ويدعون للاستعمار والاستيطان.

واعتبر أن القضية الفلسطينية بمثابة تحد أمام العالم واختبار من أجل إصدار قرارات حقيقية وقرارات مقاطعة حقيقية للاجتلال وكذلك مقاطعة الاحتلال ووقف دعم الحرب، من أجل وقف توغله ووقف مخططات التهجير التي تضاف إلى هندسة المجاعة في قطاع غزة.

يذكر أنه في نهاية مايو 2025؛ صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في حكومة الاحتلال (الكابينيت)، في جلسة سرية، على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، من بينها إعادة إنشاء مستوطنتي “حومش” و”صانور”، اللتين تم إخلاؤهما سابقًا، وتهدف الخطة إلى ما وصف بـ”تجديد عملية تسوية الأراضي الرسمية من قبل إسرائيل في مناطق الضفة الغربية"..

وبحسب ما أوردته تقارير عبرية، تنص الخطة على أن “إجراءات تسوية الأراضي التي تنفذها السلطة الفلسطينية في مناطق (ج) تعتبر غير قانونية وعديمة الصلاحية، وأن جميع نتائجها – من وثائق وخرائط وسجلات وتصاريح – ستُعتبر بلا أي أثر قانوني أو اعتباري في الإجراءات الرسمية لدى إسرائيل”.

وفي السياق ذاته، أُدرج في الاقتراح أن “وزارة الحرب ستصدر تعليماتها بمنع استمرار هذه الإجراءات الفلسطينية، بما في ذلك منع دخول مهنيين إلى تلك المناطق، ووقف التمويل الأجنبي المخصص لهذا الغرض، وتقديم مطالبة مباشرة للسلطة الفلسطينية بوقف نشاطها في هذا المجال”.

واعتبر د. مصطفى البرغوثي أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، أن الكذب الإسرائيلي لا ينطلي على أحد، خاصة بعدما اتخذت عدد من الدول التي عرفت بدعمها لإسرائيل مواقف معارضة للاستيطان، مشيرا إلى أنه لا يكفي التهديد بفرض عقوبات "نحن أمام حكومة فاشية مجرمة لا تتوانى عن ارتكاب الجرائم، في الضفة وغزة، والمطلوب فرض العقوبات على إسرائيل.

وذكر، أن أمام الاتحاد الأوروبي اليوم، فرصة لإلغاء الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي لن يفهم إلا إذا ما فرضت عليه عقوبات، والمطلوب وقف الإجرام الإسرائيلي ووقف الاستيطان في الضفة بما في ذلك اعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية.

وفي ظل التصعيد الاستيطاني الخطير والاعتداءات المنهجية التي تشهدها الضفة الغربية، يتضح أن حكومة الاحتلال تسير بخطى ثابتة نحو تنفيذ مشروعها الاستعماري القائم على تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وفرض أمر واقع جديد يمنع قيام دولة فلسطينية ذات سيادة. كما أن استخدام المستوطنين كذراع ميداني لتنفيذ سياسات التهجير والاعتداء، تحت حماية الجيش، ليس سوى أحد أوجه نظام الأبارتهايد الذي تحاول إسرائيل ترسيخه على الأرض.

وما جرى مؤخرًا من مصادقة على إقامة 22 مستوطنة جديدة، بينها بؤر تم إخلاؤها سابقًا، يعكس تحديًا سافرًا للمجتمع الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، ويكشف زيف الادعاءات الإسرائيلية حول السلام والتفاوض. هذا القرار يضع إسرائيل في مواجهة صريحة مع العالم، ويختبر جدية الدول في اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف العدوان الاستيطاني الذي يقوض أي أفق سياسي ويكرّس منطق القوة والهيمنة.

وأمام هذه المعطيات، يصبح التحرك الدولي العاجل ضرورة لا تحتمل التأجيل، ليس فقط بإصدار البيانات، بل من خلال فرض عقوبات فعالة، ومساءلة الاحتلال عن جرائمه، ودعم صمود الفلسطينيين في مناطق الاستهداف الاستيطاني. القضية الفلسطينية اليوم هي اختبار حقيقي لمصداقية المجتمع الدولي، وإرادته في الدفاع عن القانون الدولي، وحقوق الشعوب في مواجهة الاحتلال والاضطهاد والاستعمار.

الحدث المصدر: الحدث
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا